خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين أيها الأخوة والأخوات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تحية محملة بعبق الأدب وعبير الشعر الخالد نبعثها اليكم ونحن نلتقيكم في هذه الحلقة من برنامجكم الأسبوعي سير القصائد حيث نتفيئ خلال دقائق محدودة ظلال الشعر ونسلك سير القصائد ونروح القلوب بما نطق به الشعراء في لحظات تساميهم وإبداعهم فرافقونا مشكورين.
المحاورة: أيها الأحبة خصصنا هذه الحلقة من سير القصائد لقصيدة معاصرة تعد من روائع ما كتبه الشعراء في عصرنا الحديث " أنا وهي" قصيدة الأطلال للشاعر المصري المبدع ابراهيم ناجي الذي عرف بنزعته الرومانسية وأسلوبه الرقيق والحالم بأشعاره والذي سيتكفل الحديث عنه وعن قصيدته الخالدة الأطلال ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، بداية أرحب بك ضيفي الكريم.
الشحمان: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: انا بدوري أرحب بكم
المحاورة: اهلاً ومرحباً بكم دكتور. في البداية أرجو منك أن تحدثنا عن الشاعر والقصيدة خلال الدقائق المخصصة لحديثكم طبعاً
الشحمان: نعم وما أقل هذه الدقائق، سنحاول أن نختصر الحديث حول هذا الشاعر المبدع المعاصر ابراهيم ناجي الذي كما تفضلتم عرف بنزعته الرومانسية والعاطفية في أشعاره وهذه النزعة هي السبب في شهرة أشعاره وقصائده التي نظمها في هذا المجال. هذا الشاعر ولد في القاهرة في نهاية القرن التاسع عشر وكان طبيباً يمتهن مهنة الطب حيث تخرج من كلية الطب عام ۱۹۲۲ للميلاد وكما هو معروف في تاريخنا الأدبي وخاصة في العصر الحاضر نرى الكثير من الأطباء تحولوا من مهنتهم الى مهنة الأدب ونظم الشعر ونحن في الحقيقة لانعلم هذه العلاقة بين هاتين المهنتين والتي تدفع صاحبها أن يغير مهنته. على كل حال أصل هذا الشاعر من مدينة المنصورة وقد عرفت هذه المدينة بجمال الطبيعة فيها.
المحاورة: ربما كان هذا عاملاً في نظم الشعر
الشحمان: نعم ربما كان هذا عاملاً حيث إنعكس هذا في شعره بشكل واضح وعلى شكل هذه النزعات الرومانسية والعاطفية التي نلاحظها بوضوح في أشعاره كما كان حال شعراء مدرسة أبولو، هذه المدرسة التي عرف شعراءها بالنزعة الرومانسية ومحاولات التجديد على صعيد المضمون وعلى صعيد الموضوع وعلى صعيد القوالب الفنية. كان ناجي كما تحدثنا بذلك قصائده ندرك أنه كان يتمتع بقدر واسع من الثقافة الأدبية التي جمع فيها بين الثقافتين، الثقافة العربية الكلاسيكية والثقافة الغربية. هذا الرجل درس العروض والقوافي وقرأ دواوين المتنبي وابن الرومي وأبي نواس وغيرهم...
المحاورة: اذن كان له إلمام بالشعر القديم
الشحمان: نعم كان له إلمام واسع بالشعر القديم كما نلاحظ ذلك بوضوح في أشعاره يعني لم يكن شاعراً عادياً كان يتمتع بثقافة واسعة وعريضة في هذا المجال وليس في مجال الثقافة الكلاسيكية فحسب وإنما في مجال الثقافة والأدب الغربي، نلاحظ أنه قرأ قصائد شعراء رومانسيين من الغرب من مثل الشاعر شيلي والشاعر بيرون وغيرهما من الشعراء الرومانسيين.
المحاورة: نعم أستميحك عذراً دكتور شحمان في الفقرة التالية التي سنجول فيها عبر بعض من أبيات القصيدة لنعود ونكمل حديثنا معكم ومستمعينا الكرام نعود لحضراتكم بعد فاصل قصير رافقونا.
المحاورة: نجدد التحية من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وأنتم مستمعينا الكرام مع هذه الحلقة من برنامج سير القصائد والتي نتحدث فيها عن شاعرنا لهذا الأسبوع ابراهيم ناجي. مستمعينا الكرام يمكننا القول إن قصيدة الطلال عبارة عن لوعات متصلة وزفرات متواصلة يبثها الشاعر المنكوب بفقد حبيبه حيث يبدو لنا جالساً بين أطلال حبه وبقايا عشقه يندب حبه العاثر ويسقي هذه الخرائب بدموع حرى ويرسم لنفسه صورة الكائن العاجز المستكين الذي لاحول له ولاقوة أمام القدر القاهر الفارض إرادته متى شاء أمام الانسان الضعيف. فلنستمع الى الشاعر وهو يندب حظه ويكاد يتقطع حسرات على حبه الضائع الذي أمسى أطلالاً وخرائب بعد أن كان عامراً بالحب والمودة.
يا فؤادي، رحم الله الهوى
كان صرحا من خيال فهوى
اسقني واشرب على أطلاله
وارو عني، طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطاً من ندامى حلم
هم تواروا أبداً، وهو انطوى
المحاورة: أما الآن أيها الأحبة نعود الى ضيفنا الكريم الأستاذ الدكتور سعد الشحمان لنكمل حديثنا معه ليكمل رسم صورته عن الشاعر المصري المعاصر ابراهيم ناجي في قصيدته الأطلال
الشحمان: نعم نستأنف حديثنا حول هذا الشاعر المتميز ابراهيم ناجي فنقول إنه لم يكن شاعراً فحسب بل أنه أسهم في ترجمة الكثير من الآثار الأدبية الأوربية الى اللغة العربية وخاصة في مجال الأشعار حيث ترجم عن الفرنسية للشاعر بوغلير كتابه أزهار الشر وكذلك قام بترجمة رواية الأديب الروسي بيستوفيسكي، رواية الجريمة والعقاب ...
المحاورة: اذن هو كان يتقن الفرنسية والروسية ايضاً
الشحمان: نعم كان يتقن بعض اللغات الأوربية وألف الكثير من الكتب الأدبية في مجال النقد بل نستطيع القول إنه كان مؤلفاً موسوعياً وله كتب في مجال علم النفس والإجتماع وفن التراجم والسير ولكن في مجال الشعر تعتبر قصيدته الأطلال من أشهر قصائده التي نظمها في مجال تلك النزعة التي تحدثنا عنها النزعة الرومانسية والعاطفية حتى لقب بشاعر الأطلال وقصيدته هذه طويلة جداً في مئة وثلاثين بيتاً وهي عبارة عن رباعيات وقصتها ايضاً طريفة تجسد معاناة الشاعر الذي فقد حبيبته ثم يسافر ليعود ويراها قد تزوجت وأصبح لها اطفال وأدرك الشاعر أنه لايستطيع أن يعود اليها فنظم قصيدته هذه بأحاسيس صادقة. الجدير بالذكر أن الشاعر ابراهيم ناجي واجه في بداية مسيرته الشعرية نقداً عنيفاً عند صدور ديوانه الأول. واجه نقداً من قبل الأديبين عباس محمود العقاد وطه حسين بسبب إرتباطه بجماعة ابولو حيث وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات وقال بالعبارة التالية: لايحتمل أن يخرج شعره الى الخلاء يعني الفراغ يعني لايحتمل أن يعرضه على الناس فيأخذه البرد من جوانبه. يعني قالها بلهجة ساخرة وهذا النقد أزعج شاعرنا كثيراً وعاشت هذه المحنة في أعماقه طويلاً وكان الأجدر به أن لايكترث بهذا النقد لأنه كان شاعراً موهوباً. كما ألفت العديد من الكتب والدراسات حول هذا الشاعر وشعره وصدرت له دواوين شعرية كثيرة منها وراء الغمام وليالي القاهرة وفي معبد الليل والطائر الجريح. من نماذج أشعاره يقول في قصيدة تحمل عنوان ذاك المساء يقول:
وانتحينا معا مكاناً قصياً
نتهادى الحديث أخذاً وردّا
قلت هيهات! كم لعينيكِ عندي
من جميلٍ كم بات يهدى ويسدى
انا ما عشت أدفع الدين شوقا
وحنينا إلى حماكِ وسهدا
وقصيداً مجلجلاً كل بيتٍ
خلفَه ألفُ عاصفٍ ليس يهدا
ذاك عهدي لكن قلبك لم يقض
ديونَ الهوى ولم يرعَ عهدا
والوعودُ التي وعدتِ فؤادي
لا أراني أعيش حتى تؤدَّى
نعم الكثير من أشاعره سوى قصيدة الأطلال هي تعتبر من الأشعار الجميلة والرائعة والتي تعتبر نماذج سامية في مجال الشعر الرومانسي. إن شاء الله نكون قد وفينا حق الشاعر.
المحاورة: نعم شكراً لهذه الإيضاحات وشكراً لهذا الحديث حول شاعرنا ابراهيم ناجي الشاعر المصري المعاصر وعن قصيدته المشهورة الأطلال شكراً جزيلاً لكم
الشحمان: عفواً
المحاورة: نعم ونشكر مستمعينا الكرام لحسن متابعتهم لهذه الحلقة من برنامج سير القصائد التي قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في امان الله.