خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته تحية طيبة نبعثها اليكم في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا وإياكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الأسبوعي سير القصائد حيث عطر القوافي وشذى اللغة الشعرية الساحرة الممتزجة مع كل ماهو سامي وراقي في عالم الروائع الشعرية. رافقونا
المحاورة: أيها الأحبة حلقتنا لهذا الأسبوع لواحد من اعلام الشعر الرومانسي في العصر الحديث، إنه الشاعر المصري المعاصر علي محمود طه شاعر الكرمك كما يسميه المصريون والشاعر الذي مزج التاريخ بعطر الرومانسية فقدم لنا شعراً رائعاً حافلاً بالنفس الملحمي كما سنرى في قصيدته عن فلسطين التي عبقت أجواءها بذلك النفس الملحمي المتميز الذي يكاد أن يضعنا في ساحة المواجهة في مقابل المغتصبين حيث خط النار والمواجهة.

أخي جاوز الظالمون المدى

فحق الجهاد وحق الفدا

فجرد حسامك من غمده

فليس له بعد أن يغمدا

أخي أقبل الشرق في امة

ترد الضلال وتحيي الهدى

أخي إن في القدس أختاً

لنا أعد لها الذابحون اللدا

صبرنا على غدرهم قادرين

وكنا لهم قدراً مرصدا

طلعنا عليهم طلوع المنون

فطاروا هباءاً وصاروا سدى

أخي قم الينا نشق الغمار

دماً قانياً ولظى مرعدا

المحاورة: أيها الأخوة والأخوات معنا في الأستوديو خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان الذي سيحدثنا مشكوراً عن شخصية الشاعر علي محمود طه وهذا الجانب المتميز الذي يطبع أشعاره طبعاً الجانب الرومانسي والملحمي. دكتور بداية أرحب بكم فأهلاً ومرحباً لحضورك وشكراً لهذا الحضور.
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: وعليكم السلام والرحمة
الشحمان: وأنا بدوري أشكركم على الإستضافة وأحيي مستمعينا الكرام في كل مكان. سوف أحاول أن لاأطيل الحديث حول هذا الشاعر لكي أعطي الفرصة أكثر لإنشاد المزيد من الأبيات.
المحاورة: حبذا دكتور في البداية أن تتحدث لنا شيئاً عن حياته وشخصيته الشعرية، الشاعر علي محمود طه.
الشحمان: نعم الشاعر علي محمود طه هو من جيل بداية القرن العشرين ومنتصف القرن العشرين وكما هو معلوم شاعر مصري، يعتبر من اعلام الرومانسية العربية البارزة الى جانب شعراء وأدباء آخرين من مثل جبران ومن مثل ابراهيم ناجي وأحمد زكي أبو شادي وغيرهم ورغم أنه في الأصل لم يكن شاعراً بل كان تخصصه الهندسة إلا أنه مال الى الشعر والعجيب والمفارقة في حياته أنه لم يتزوج رغم أنه عبر عن إفتتانه الشديد بالمرأة ونظم الكثير من القصائد فيها وهو يعتبر من الشعراء الذين تغنوا بالجمال في أشعارهم وهو من الشعراء المؤسسين ومن نوع الشعراء المجددين في مسيرة الشعر العربي وهذا الشاعر من حيث الثقافة تأثر بشعراء الرمزية في الغرب من امثال بودلير وشيلي والفريد ديفيني وغيرهم. تميز في أشعاره بغليان العاطفة والمخيلة الساحرة التي وظفها في أشعاره وتغنيه بالجمال، جمال الكون بشكل عام وجمال الحياة وايضاً تميز بأنه مزج بين التاريخ والرومانسية فتحدث عن التاريخ بلغة رومانسية تتعطش للجمال كما تفضلتم سمي بشاعر الكرنك. له الكثير من القصائد التي وصف من خلالها بعض معالم التاريخ المصري من مثل قصيدة الكرنك وقصيدة كليوباترا وغيرها من القصائد الكثيرة. كما أشرنا فأن الشاعر علي محمود طه يعتبر من الشعراء المجددين الذين إمتلكوا آثاراً وبصمات واضحة في مسيرة الشعر العربي من بعده. في الحقيقة يعتبر من اوائل الشعراء الذين ثاروا على ظاهرة وحدة القافية ووحدة البحر او الوزن في القصيدة وأكد في مقابل ذلك على الوحدة النفسية
المحاورة: الوحدة الموضوعية يعني
الشحمان: يعني الوحدة الموضوعية ولكن من خلال تجربة نفسية يصبها الشاعر في إطار هذه الوحدة الموضوعية. وطالب إستعمال لغة من قبل الشاعر تخاطب النفس وتبلغ أعماق النفس بلغة سهلة مبسطة
المحاورة: ليس فيها تعقيدات، نعم
الشحمان: ليس فيها تعقيدات وفي نفس الوقت يقول على الشاعر أن يستخدم لغة رمزية ولغة حالمة في مخاطبة نفوس المتلقين وبذلك فقد ترك الشاعر علي محمود طه آثاراً كبيرة وعميقة على الشعراء الذين جاؤوا من بعده وترك لنا الكثير من الأعمال الخالدة ولعل ديوان الملاح التائه يعتبر في قمة هذه الأعمال الخالدة ويعتبر من دواوين الشعر الخالدة في مسيرة الشعر العربي بشكل عام. ومن أجمل القصائد التي نظمها قصيدة الجندول وتعتبر من اجمل القصائد في الشعر العربي ويتجسد ويتجلى فيها أسلوبه الذي أشرنا اليه وهو أسلوب إستخدام اللغة السحرية، اللغة الحالمة، اللغة المتغنية بالجمال، اللغة التي تنقل المتلقين من مستمعين وقراء الى اجواء عابقة بالرومانسية والجمال من مثل قوله في كليوباترا، بقول:

أي حلم من لياليك الحسان طافح

بالكون فغنى وتغنى الشاطئان

وهفى كل فؤاد وشدا كل لسان

هذه فاتنة الدنيا وحسناء الزمان

بعثت في زورق مستلهم من كل فن

مرح المجداف يختال بحواء تغني

هذه النماذج من الأشعار كثيرة في دواوين علي محمود طه وتكمن عبقريته في تقديم هذه الموضوعات التي تبدو جافة ..
المحاورة: نعم ولكنه يعبر عنها بشكل رومانسي وبشكل شاعري.
الشحمان: نعم بلغة جميلة جداً وهذا هو سر عبقرية علي محمود طه
المحاورة: شكراً دكتور لو تسمح لنا نأخذ فاصل قصير ثم نواصل المشوار مع القصيدة الملحمية حيث الدعوة الى المقاومة والإستبسال في الدفاع عن الحق السليب في موضوع أرض المقدسات فلسطين المحتلة. نعود اليكم مستمعينا الكرام بعد هذا الفاصل القصير
المحاورة: تحية طيبة لكم من جديد مستمعينا الكرام ونعود الى أجواء القصيدة التي أعلن فيها الشاعر على أن كل شبر من أرض فلسطين ضمّ رفات نبي من الأنبياء او ولي من الأولياء لذلك فأن هذه الأرض تستحق منا الإنكباب عليها وتقبيلها فهي مزيج من كل ما هو إلهي مقدس فلتكن صدورنا اذن دروعاً من قبضة الصهاينة الأراجز، عسى الله أن يرزقنا بحياة حرة كريمة او أن يكرمنا بالموت في سبيل الحق المهدور. فلنستمع أيها الأحبة الى ما تبقى من هذه القصيدة:

أخي ظمئت للقتال السيوف

فأورد شباه الدمع مصعدا

أخي إن جرى في ثراها دمي

وشفّ الضرام بها من قذى

ففتش على مهجة حرة

أبت أن يمر عليها العدا

وخذ راية الحق من قبضة

جلاها الوغى ونماها الندى

وقبّل شهيداً على أرضها

دعا بإسمها الله وأستشهدا

فلسطين يفدي حماك الشباب

وجلّ الفدائي والمفتدا

فلسطين تحميك منا الصدور

فإما الحياة وإما الردى

المحاورة: أيها الأخوة والأخوات وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج سير القصائد التي قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وفي النهاية لايسعني إلا أن أشكر ضيفي الكريم في الستوديو الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، شكراً جزيلاً دكتور
الشحمان: حياكم الله وحيا المستمعين الكرام وأشكركم على هذه الإستضافة
المحاورة: شكراً لكم. حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في أمان الله.