البث المباشر

الشاعر محمود درويش

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:42 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم، نرحب بكم في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا معكم عبر حلقة اخرى من برنامج سير القصائد حيث ستكون الحلقة الأخيرة من الدورة الثانية من البرنامج على أمل أن نجدد اللقاء بكم في الدورة الثالثة التي ستضم قصائد وشعراء آخرين بإذن الله. ندعوكم أن تكونوا معنا آملين أن تقضوا دقائق عامرة بالمتعة والفائدة.
المحاورة: أيها الكرام صاحب قصيدة هذا الأسبوع هو الشاعر الفلسطيني وعاشق الأرض والقمح والتراب، محمود درويش. مع ملحمته الرائعة التي تزامنت مع زمن الإنتفاضة في عصر التخاذل والركوع والخنوع الذي ترك الشعب الفلسطيني وحيداً يقاتل بالحجارة وربما بأسنانه وأظفاره في بعض الأحيان مقابل دبابات البطش الإسرائيلي وطائرات قصف البيوت الآمنة، في مقابل العنجهية الاسرائيلية التي لاتقوى حتى امبراطورية الشر الأمريكية على مواجهتها. فلنستمع الى الشاعر وهو يحدثنا عن هذه الملحمة الأسطورية للشعب الأعزل مشيراً الى حادثة بعينها وقعت في شهر آذار حيث إطلالة الربيع بأمطاره ورعوده وبروقه:

في شهر آذار في سنة الإنتفاضة

قالت لنا الأرض أسرارها الدموية

في شهر آذار مرت أمام البنفسج والبندقية خمس بنات

وقفن على باب مدرسة ابتدائية

وإشتعلن مع الورد والزعتر البلدي

إفتتحن نشيد التراب دخلن العناق النهائي

آذار يأتي الى الأرض، من باطن الأرض يأتي

البنفسج مال قليلاً ليعبر صوت البنات

العصافير مدت مناقيرها في إتجاه النشيد وقلبي

أنا الأرض

والأرض أنت

خديجة! لاتغلقي الباب

لاتدخلي في الغياب

سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل

سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل

سنطردهم من هواء الجليل

أسمي التراب إمتداداً لروحي

أسمي يدي رصيف الجروح

أسمي الحصى أجنحة

أسمي العصافير لوزاً وتين

وأستل من تينة الصدر غصناً

وأقطفه كالحجر

وأنسف دبابة الفاتحين


المحاورة: أيها الأحبة أجدد التحية من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وأنتم مع برنامجكم سير القصائد. أحيي معي ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، اهلاً ومرحباً بك أستاذنا الفاضل وشكراً لهذا الحضور
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: عفواً هذا واجب علينا ويسعدنا أن نلتقي بالمستمعين الكرام
المحاورة: هذا شرف لنا دكتور. دكتور كما تعلم في هذه الحلقة سنتحدث عن الشاعر محمود درويش الذي يمثل قمة شامخة في شعر المقاومة والعاشق الذي عشق أرضه وإعتز بهويته وعاش عقوداً من السنين يعني على نايات الغربة حالماً بالعودة. ارجو دكتور أن تسلط الضوء اكثر في حديثك عن جانب المقاومة والتحدي الذي تميزت به خلجات هذا الشاعر.
الشحمان: نعم رغم أننا نقف أمام قمة من قمم شعر المقاومة، نقف إزاء شاعر يختزل مسيرة مقاومة الشعب الفلسطيني في أشعاره والحديث بإختصار عن هذا الشاعر صعب جداً إلا أننا سنحاول أن نشير الى بعض..
المحاورة: نعم لأن الوقت لايسمح لنا
الشحمان: نعم سنحاول أن نشير الى بعض ملامح شعر المقاومة في أشعار هذا الشاعر الكبير وكما قلنا أنه ليس سهلاً يعني أن الانسان يحس بالرهبة والتهيب وهو يقف إزاء شخصية كهذه الشخصية الشعرية. عالم محمود درويش عالم غني واسع ومتنوع ولايستقر على مدرج واحد واللطيف او العجيب في شعره أنه دائم الإقتناء ودائم التطور ويكاد يقفز قفزات سريعة وواسعة، هذه القفزات السريعة والواسعة التي قدمها لنا طيلة خمسة عقود من حياة حافلة بالنتاجات الشعرية المقاومة. هذه التطورات كانت ترتكز على موروث شعري عربي كبير والى ثقافة تميز بها محمود درويش، ثقافة عالمية. إستمد من تجارب الشعوب التي مرت بتجربة مماثلة لتجربة الشعب الفلسطيني وضمنها أشعاره، عبقرية محمود درويش تكمن في هذا الجمع الرائع الذي قام به بين اللغة الشعرية وبين التجربة الشعرية حتى إستطاع أن يقدم لنا معادلة فنية للمقاومة الفلسطينية والثورة الفلسطينية الاسلامية في شعره في نفس الوقت وهذا المعادل الفني استطاع أن يمارس تأثيره الثوري العميق في الجماهير العريضة ولعل هذا هو السبب الذي كتب لأشعاره الخلود. ويفسر ايضاً الانتشار الواسع لأشعاره بين الناس وبين الجماهير بشكل عام وخلود هذه القصائد فمحمود درويش شاعر عرف كيف يعادل وكيف يوازن بين قواعد اللغة وأصولها التي توارثناها وبين التجارب الفنية الجديدة التي قدمها فهو شاعر من الدرجة الأولى وشعره كما قلنا يمتد على مدى خمسين عاماً. يمكننا أن نقسم المراحل التي مر بها شعره الى ثلاثة أقسام وسنحاول على حدود الدقائق المتاحة لنا أن نركز حديثنا حول المرحلة الأولى التي تعتبر المرحلة التأسيسية لشعره وهي المرحلة التي يكثر فيها من ترديد رمز الوطن تو رمز الأم كمعادل للوطن
المحاورة: نعم الأم ترمز الى الوطن
الشحمان: نعم وهذه المرحلة إمتدت الى عام ۱۹٦۹ وهذه المرحلة تتجلى وتتجسد في ديوانه الرائع..
المحاورة: عاشق من فلسطين
الشحمان: يعني لايعتبر نموذجاً عربياً إقليمياً فحسب وإنما يعتبر نموذجاً عالمياً لشعر المقاومة، هذا الديوان الذي تميز بصدق التعبير الفني واخلاص الشاعر في الحديث عن قضيته. نحاول هنا أن نقرأ شيئاً من الأشعار التي نجدها في هذا الديوان الذي تميز بالمقاومة المباشرة مع العدو، يقول:

لأجمل ضفة امشي فلاتحزن على قدمي من الأشواك

إن خطاي مثل الشمس لاتقوى بدون دمي

لأجمل ضفة امشي فلاتحزن على قلبي

من القرصان إن فؤادي المعجون كالأرض

نسيم في يد الحب وبارود على البغض

سنطلق من حناجرنا من شكوى مراثينا

تكرع في ملاهينا وتنشد في الشوارع والمصانع

في المحاجر في المزارع في نوادينا


حتى يختتم هذه الصرخة المدوية بقوله:
سنخرج من مخابينا
يشير هنا الى الموجة العنصرية التي حدثت للعرب في فلسطين من قبل اليهود، يقول:

سنخرج من مخابينا ويشتمنا اعادينا

هلا هم همج هم عرب


هذا هو خطاب الصهاينة، فيجيبهم الشاعر يقول:

نعم عرب ولانخجل

ونعرف كيف نمسك قبضة المنجل

وكيف يقاوم الأعزل

ونعرف كيف نبني المصنع والعصرية

ومنزلاً ومستشفى ومدرسة

وقنبلة وصاروخاً

وموسيقى ونكتب أجمل الأشعار

عاطفة وافكاراً وتنويطاً


ويبدو أن الوقت قد أدركنا ونضطر الى إيقاف الحديث عن هذا الشاعر.
المحاورة: على العموم لكم جزيل الشكر لهذه القراءة لهذا الشاعر ولهذه القصيدة وأشكرك لإيضاحاتك حول شاعرنا لهذا اليوم محمود درويش.
الشحمان: إن شاء الله نلتقيكم في برامج اخرى حول الشعر العربي.
المحاورة: إن شاء الله مستمعينا الكرام نأخذ فاصل قصير ثم نقرأ لكم بعض الأبيات من قصيدة الأرض للشاعر محمود درويش.
كونوا معنا

في شهر آذار ندخل اول سجن وندخل اول حب

في شهر آذار تكتشف الأرض أنهارها

بلادي البعيدة عني ..... كقلبي

بلادي القريبة مني..... كسجني

وفي شهر آذار تستيقظ الخيل

سيدتي الأرض !

كأن الهياكل تستفسر الآن عن أنبياء فلسطين في بدأها المتواصل

هذا إخضرار المدى وإحمرار الحجارة

هذا نشيدي

وهذا صعود الفتى العربي الى الحلم والقدس

أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج والبندقية

أنا شاهد المذبحة

وشهيد الخريطة

أنا الأرض

أيها الذاهبون الى حبة القمح في مهدها

إحرثوا جسدي

أيها الذاهبون الى صخرة القدس

مرّوا على جسدي

أيها العابرون على جسدي

لن تمرّوا

أنا الأرض في جسد

لن تمرّوا

انا الأرض في صحوها

لن تمرّوا

أنا الأرض. أيها العابرون على الأرض في صحوها

لن تمرّوا

لن تمرّوا

لن تمرّوا !!!


المحاورة: وصلنا وإياكم أيها الأحبة الى نهاية هذه الحلقة من سير القصائد قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وفي النهاية أشكر جزيل الشكر ضيفي في الستوديو الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، شكراً جزيلاً لك دكتور
الشحمان: حياكم الله وأنا ايضاً أقدم لكم شكري ونأمل أن نلتقيكم في برامج اخرى
المحاورة: شكراً جزيلاً لكم وأشكركم مستمعينا الكرام لطيب المتابعة وأترككم في امان الله وحفظه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة