البث المباشر

قصيدة السمفونية الجنوبية الخامسة لنزار قباني

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:40 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان السلام عليكم أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الكرام ويسرنا أن نجدد اللقاء بكم عبر برنامجكم الشعري الأسبوعي سير القصائد حيث نعيش معكم في كل أسبوع في أجواء قصيدة من روائع الشعر العربي قديمه وحديثه لنتنسم عبير الشعر الأصيل ونتفيء ظلال واحات القوافي الظليلة ونملأ الروح بعبقات القريض الذي تخلد عبر التاريخ. رافقونا
المحاورة: أحبتي شعر المقاومة هو الشعر الذي يعبر الشاعر من خلاله عن رفضه للواقع المدان الذي تفوح منه رائحة التساوم والخنوع، هذا النوع من الشعر يكاد يشكل غرضاً مستقلاً من اغراض الشعر العربي المعاصر، ولقد أبدع فيه الشعراء المعاصرون وخاصة أولئك الذين عانوا المحنة، منح إستلاب الوطن في وضح النهار أمام تخاذل الأنظمة حيث أبدعوا فيه أيما إبداع حتى إرتقت أشعارهم الى مستوى العالمية وإنتزعت الإعجاب والتقدير من شعوب العالم. ومن المعلوم أن الشاعر السوري المعاصر نزار قباني يمثل في جانب من أشعاره علماً من اعلام هذا اللون من الشعر الذي يعري الشاعر عبره تخاذل الأنظمة فيقدم لنا نقداً ذاتياً ربما ينسحب في بعض الأحيان على الشعوب نفسها لغفلتها وسباتها ورضوخها للذل وروح التخاذل وقد قدم لنا هذا الشاعر الكثير من القصائد في هذا المجال ومنها القصيدة التي نحن بصددها في هذه الحلقة من البرنامج والتي سماها الشاعر "السمفونية الجنوبية الخامسة" وسماها الناس "سميتك الجنوب" نظراً الى تكرار هذه العبارة في أرجاء القصيدة التي إخترنا لكم منها بعضاً من المقاطع نبدأها بالمقطع التالي الذي نرى فيه الشاعر يحاول أن يضفي الطابع الإلهي والسماوي على المقاومة الأسطورية التي يبديها أهلنا في جنوب لبنان تجاه مغتصبي الأرض والهوية فلنصغي معاً أيها الكرام الى هذه السمفونية ولكن بعد هذا الفاصل.

سميتك الجنوب

يا لابساً عباءة الحسين

وشمس كربلاء

ياشجر الورد الذي يحترف الفداء

ياثورة الأرض إلقت بثورة السماء

ياجسداً يطلع من ترابه

قمح وأنبياء

سميتك الجنوب

ياقمر الحزن الذي يطلع ليلاً من

عيون فاطمة

ياسفن الصيد التي تحترف

المقاومة

ياكتب الشعر التي تحترف

المقاومة

ياضفدع النهر الذي

يقرأ طول الليل سورة المقاومة

سميتك الجنوب

سميتك النوارس البيضاء والزوارق

سميتك الأطفال يلعبون بالزنابق

سميتك الرجال يسهرون حول النار

والبنادق

سميتك القصيدة الزرقاء

سميتك البرق الذي بناره تشتعل

الأشياء

سميتك المسدس المخبوء في ضفائر

النساء

سميتك الموت الذين بعد أن يشيعوا

يأتون للعشاء ويستريحون الى

فراشهم

ويطمئنون على اطفالهم

وحين يأتي الفجر، يرجعون للسماء


المحاورة: أجدد الترحيب بكم من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وأنتم مستمعينا الكرام برفقة هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائدز أرحب بضيفي في الستوديو خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، دكتور أهلاً ومرحباً بك
الشحمان: السلام عليكم وعلى المستمعين الكرام ويسرني أنا ايضاً أن أجدد اللقاء بكم وبالمستمعين الكرام في هذه الحلقة
المحاورة: شكراً على هذا الحضور دكتور. بودي دكتور أن تحدثنا عن جانب المقاومة وإطلاق صرخات الرفض والإحتجاج ضد الأنظمة في شعر الشاعر السوري المعاصر نزار قباني ونحن بإنتظار ما ستتفضل بهذا الخصوص.
الشحمان: نعم نحاول قدر الإمكان أن نتحدث عن هذا الجانب البارز والواضح في شعر نزار قباني الذي عرف عنه أنه شاعر المرأة ولكنه ايضاً عرف في جوانب اخرى من شعره أنه شاعر السياسة وشاعر الوطن وشاعر المقاومة وخاصة في تلك القصائد والأشعار التي تناول فيها الواقع المتردي الذي تعيشه الأمة على مستوى الشعوب وعلى مستوى بعض من حكامها. في الحقيقة جانب المقاومة والجانب السياسي والوطني في شعر نزار قباني كانت له مؤثرات نستعرضها بشكل مختصر، المؤثر الأول لعله كان والد نزار قباني الذي كان معروفاً أنه شارك في مقاومة الإنتداب الفرنسي على سوريا في ذلك الوقت وكان بيته مركزاً من مراكز المقاومة والنشاطات الثورية ضد الإحتلال الفرنسي وبطبيعة الحال فإن نزار قباني تأثر بوالده كثيراً في هذا الجانب فالوالد غرس في نفسه اول بذرة من بذور المقاومة. والمؤثر الاخر الذي يعتبر مؤثراً عاماً مارس تأثيره على جميع الشعراء العرب بشكل عام هو نكسة حزيران في عام ۱۹٦۷ التي فجرت قرائح الكثير من الشعراء وكان منهم نزار قباني وربما كان المؤثر الثالث هو مقتل زوجته بلقيس التي قتلت في بيروت نتيجة تفجير حدث في ذلك الوقت وهذا العامل مارس تأثيراً عميقاً في شعر نزار قباني ووجهه وجهة سياسية وإحتجاجية وخاصة ضد الحكام حيث يقول في هذا المجال في إحدى قصائده مخاطباً زوجته، يقول:

بلقيس إن الحزن يثقبني

وبيروت التي قتلتك

لاتدري جريمتها

وبيروت التي عشقتك

تجهل أنها قتلت عشيقتها

وأطفأت القمر


الشحمان: نعم نستطيع أن نصنف أدب المقاومة عند الشاعر نزار قباني الى مجالات عديدة منها تلك الأشعار التي نظمها وكتبها في مجال الوطن. من المعلوم أن الشاعر نزار قباني من الشعراء الذين عانوا الغربة، عاش ردحاً كبيراً من حياته خارج الوطن متنقلاً بين العواصم الأوربية وعمل ايضاً في السلك الدبلوماسي والسياسي لذلك لاعجب أن نرى أنه يخصص قسماً ملفتاً للنظر من أشعاره في هذا المجال حتى أن الوطن يعتبر عنده عندما نقرأ أشعاره في الوطن يصور الوطن على أنه الحبيبة التي يبادلها العشق وتبادله العشق هي الأخرى كما نرى في هذه القصيدة التي تحمل عنوان أنشودة الوطن يقول فيها:

عندما أشرب الكأس الأولى

أرسم الوطن دمعة خضراء

وأقلع ثيابي وأستحم فيها

عندما أشرب الكأس الثانية

أرسم الوطن على شكل امرأة جميلة

وعندما أشرب الكأس الثالثة

أرسم الوطن على شكل سجن

أرسم الوطن على شكل مشنقة

تتدلى منها قصائدي في إحتفال مهيب


الشحمان: وكانت فلسطين والقضية الفلسطينية محوراً آخر رئيساً من محاور شعر او أدب المقاومة عند نزار قباني حتى أننا نستطيع أن نعتبره أنه شاعر هذه القضية لما تركته من آثار واضحة ...
المحاورة: نعم دكتور كما نلاحظ هذه الظاهرة عند جميع الشعراء المعاصرين تقريباً
الشحمان: نعم جميع الشعراء المعاصرين بإعتبار قضية فلسطين تهمهم وخاصة الشعراء الفلسطينيين ولكننا نلاحظ أن نزار قباني رغم أنه لم يكن فلسطينياً إلا أنه خصص الكثير من مجامعه الشعرية للتغني بفلسطين كما يقول في هذا الشعر:
يافلسطين لاتزالين عطشى
الشحمان: طبعاً لما يتناول القضية الفلسطينية نراه يوجه النقد اللاذع في بعض الأحيان الى الحكام الذين فرطوا في القضية الفلسطينية، كما يقول:

يافلسطين لاتزالين عطشى

وعلى النفط نامت الصحراء

يافلسطين لاتنادي عليهم

قد تساوى الأموات والأحياء

قتل النفط ما بهم من سجايا

ولقد يقتل الثرى الثراء

يافلسطين لاتنادي قريشاً

فقريش ماتت بها الخيلاء

لاتنادي لم يبق إلا النساء

كم اعاني مما كتبت عذاباً

ويعاني في شرقنا الشرفاء


الشحمان: والحديث عن شعر المقاومة والسياسة في شعر نزار قباني كثير وكثير ولايستوعب الوقت
المحاورة: نعم دكتور بهذا القدر نكتفي شكراً جزيلاً لكم
الشحمان: نعم لكي يتسنى لكم قراءة المزيد من أشعاره
المحاورة: نعم نأخذ فاصل قصير ثم نعود مستمعينا الكرام

لم يعد إلا أنت

تسير فوق الشوك والزجاج

والأخوة الكرام

نائمون فوق البيض كالدجاج

وفي زمان الحرب، يهربون كالدجاج

ياسيدي الجنوب

في مدن الملح التي يسكنها الطاعون

والغبار

في مدن الموت التي تخاف أن تزورها

الأمطار

لم يبق إلا أنا..

تزرع في حياتنا النخيل والأعناب

والأقمار

لم يبق إلا أنت.. إلا أنت.. إلا أنت

فإفتح لنا بوابة النهار


المحاورة: مستمعينا الكرام بتلك المقاطع التي تفوح منها رائحة بارود المقاومة ودماء التضحيات نختتم حلقتنا لهذا الأسبوع راجين منكم أن تترقبونا في الأسبوع القادم عند شاعر آخر وقصيدة اخرى من برنامجكم سير القصائد ودكتور اتقدم لك بجزيل الشكر وإن شاء الله سنلتقي بك في الحلقة القادمة
الشحمان: إن شاء الله
المحاورة: حتى الملتقى أطيب التحيات وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة