خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم أيها الأحبة في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات وكل المراحب بكم في هذه المحطة الجديدة التي نلتقي فيها عند معلم آخر من معالم الشعر العربي عبر التاريخ آملين أن نوفر لكم دقائق حافلة بكل ماهو مفيد وممتع.
المحاورة: أيها الكرام كثيرة هي القصائد التي كتبها الشاعر العراقي المعاصر أحمد مطر الذي كاد او لنقل تخصص في كتابة شعر رثاء الواقع المر المتردي الذي تعيشه الأمة على صعيد الحكام وأذانب المرتبطين بهم المسبحين بحمدهم من شعراء البلاط ووعاظ السلاطين والخطباء المدبجين للخطب العصماء التي تكرس الواقع المخزي المشين. ولقد أشتهرت قصائد هذا الشاعر وسارت على كل لسان لأنها عبرت بكل صدق عن معاناة الأمة وعن ما تتطلع اليه من واقع نظيف بعيد عن كل مايدنس تطلعاتها واحلامها. ولايكاد شاعرنا احمد مطر يتناول موضوعاً في كل قصيدة من قصائده حتى يستغله في توجيه قذائف نقده اللاذع المرير القاسي في كثير من الأحيان الى الصرح المتداعي للأنظمة السياسية، ولعل هذا هو السر الذي جعل قصائده محببة لدى الجماهير وعامة الناس ذلك لأنه يلامس فيها شغاف قلوبها ويتناول بشكل مباشر ودون مواربة همومها وقضاياها. ومن بين هذه القصائد القصيدة التي نحن بصددها والتي تحمل العنوان "ما أصعب الكلام" حيث كتبها الشاعر بمناسبة سقوط علم آخر من اعلام المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني والأنظمة المتساومة معه، إنه رسّام الكاريكتير الفلسطيني الشهيد ناجي العلي الذي سقط برصاص غادر أطلق عليه تحت جنح الظلام من قبل الصهاينة وعملاءهم وهو يؤدي رسالته من خلال ريشته التي فاقت كل أنواع الأسلحة فتكاً حيث أجبرت الصهاينة والأنظمة الخانعة التي لايروق لها الفضح والتعرية والكشف عن الواقع المخزي على إسكات هذا الصوت وهكذا سقط حنظلة مضجراً بألوان ريشته التي كانت الجماهير من أقصى الشرق الى أقصى الغرب تترقب في كل صباح نتاجاتها لترى في رسومه المتمردة الساخطة أحلامها ورؤاها الدفينة التي حكمها عليها الحكام والسلاطين. فلنصغي معاً إخوتنا المستمعين الى مرثية الواقع المتردي الذي سمح لأيادي الغدر بإغتيال الأحرار والشرفاء من هذه الأمة.
شكراً على التأبين والإطراء
يامعشر الخطباء والشعراء
شكراً على ماضاع من اوقاتكم
في غمرة التدبيج والانشاء
وعلى مداد كان يكفي بعضه
أن يغرق الظلماء بالظلماء
وعلى دموع لو جرت في البيد
لأنحلت وثار الماء فوق الماء
وعواطف يغدو على اعتابها
مجنون ليلى أعقل العقلاء
وشجاعة بإسم القتيل مشيرة
للقاتلين بغير ما أسماء
شكراً لكم شكراً وعفواً إن أنا
أقلعت صوتي وعن إصغائي
عفواً فلا الطاووس في جلدي
ولاتعلو لساني لهجة الببغاء
عفواً فلاتروي أساي قصيدة
إن لم تكن مكتوبة بدمائي
عفواً فإني إن رثيت فإنما
أرثي بفاتحة الرثاء رثائي
عفواً فإني ميت ياأيها المو
تى وناجي آخر الأحياء
المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لمستمعينا الكرام متذوقي الأدب وأرحب في هذه الحلقة بخبير البرنامج الدائم الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، دكتور اهلاً ومرحباً بك
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: وعليكم السلام والرحمة
الشحمان: وعلى المستمعين الكرام ونحن ايضاً سعداء بتجديد اللقاء بكم
المحاورة: هذا شرف لنا، دكتور اليوم نريد أن تتحدث لنا عن شاعر متميز في السلوب والمضمون وهو الشاعر العراقي المعاصر احمد مطر الذي غدا رمزاً للشعر السياسي المتمرد والساخط والمعبر عن هموم الجماهير وتطلعاتها والذي تميز بأسلوبه السهل الممتنع الذي تفهمه جميع الشرائح والطبقات.
الشحمان: نعم في الحقيقة نحن في إزاء شاعر متميز حقاً كما تفضلتم هو الشاعر احمد مطر، الحقيقة هذا الشاعر يمثل مدرسة شعرية مستقلة وقائمة بحد ذاتها من حيث الشكل والمضمون. من حيث الشكل نقصد اللغة الشعرية التي يستخدمها
المحاورة: الألفاظ
الشحمان: نعم والتي تميزت بالوضوح والشفافية وتميزت بأنها شقت طريقها بين جموع الجماهير يعني يفهما الشارع كما يفهمها النخبة وايضاً تميزت من حيث المضمون فهناك مضامين واضحة فعندما يقال احمد مطر فالذي يتداعى الى أذهاننا هي قضايا الانسان العربي المعاصر
المحاورة: نعم من ضمنها القضايا السياسية
الشحمان: نعم على صعيد الشعب والجماهير وعلى صعيد الحكام فهو شاعر الرفض وشاعر التمرد وهو يقول بنفسه عن شعره يقول "بإستطاعتي القول مطمئناً إنه اذا عرضت قصيدتي على قارئي فلم تحتاج لوضع اسمي عليها لكي يعرف أنها قصيدتي" وحقاً ماقال يعني لما نقرأ أشعاره فنعرف في نفس اللحظة أنها تعود الى الشاعر وهي قصائد مطرية اذا صح التعبير. في الحقيقة نود أن نتوقف عند محطة ونحن نتحدث عن حياة هذا الشاعر عند محطة مهمة وقد تعتبر المحطة الأهم في حياته والتي تركت تأثيرها الواضح على شخصيته وعلى اتجاهاته الشعرية فيما بعد حيث نتتبع حياة هذا الشاعر نلاحظ أنه في اواخر السبعينات من القرن الماضي إضطر الى مغادرة العراق بسبب توجهاته المعارضة فهاجر الى الكويت وفي الكويت عمل في صحيفة القبس وعن هذه الصحيفة بدأ نجمه يصعد وشهرته تطبق الآفاق ومن خلال عمله في هذه الصحيفة تعرف على رفيق دربه رسام الكاريكتور الفلسطيني ناجي العلي وارتبط به بعلاقات وثيقة. كان احمد مطر يكتب الافتتاحيات في هذه الصحيفة وكان ناجي العلي يختم الصحيفة برسومه الكاريكاتورية التي نعرفها عنه فكان الشهيد ناجي العلي يعبر عن رفضه للأنظمة من خلال رسومه وكان يعبر احمد مطر من خلال اشعاره ولكن سخط الأنظمة على هذا الشاعر وتعرية هذا الشاعر لهذه الأنظمة وعلى أثر الضغوط التي مرست ضد الحكومة أنذاك، الحكومة الكويتية آنذاك أضطر الشاعر احمد مطر الى مغادرة الكويت متوجهاً الى لندن مع رفيق دربه ناجي العلي حيث أغتيل هذا الرسام المعروف في لندن كما تفضلتم وأنشد فيه هذه القصيدة المؤثرة حقاً في رثاء هذا العلم من أعلام الفكر العربي المعاصر. ومنذ ذلك الحين أخذ احمد مطر يكتب القصائد التي كانت بمثابة الأسلحة وبمثابة المدافع التي ضعضعت وهزت أركان الأنظمة الخانعة والمستسلمة. في الحقيقة سهام نقد احمد مطر توجهت الى الأنظمة بالدرجة الأولى وفي بعض الأحيان حتى توجهت الى المواطن العربي بشكل عام مثلاً تحدث عن ظاهرة كثرة الأحزاب في العالم العربي وعدم جدوى هذه الأحزاب فقال في هذا المجال بلهجته الساخرة التي نعرفها عنه دائماً يقول:
أكثر الأشياء في بلدتنا الأحزاب
والفقر وحالات الطلاق
عندنا عشرة أحزاب ونصف الحزب
في كل زقاق
كلها ينشق في الساعة شقين
وينشق على الشقين شقان
وينشقان عن شقيهما من اجل تحقيق الوفاق!!
المحاورة: دكتور اذا تسمح لي بهذا القدر الذي قدمته لنا عن الشاعر احمد مطر
الشحمان: نعم رغم أن هناك الكثير
المحاورة: نعم شكراً جزيلاً لك دكتور، اذا تسمح لنا أن نستمر مع مستمعينا الكرام من خلال التحليق في أجواء أبيات اخرى من قصيدة الشاعر في رثاء رسام الكاريكتير الفلسطيني ناجي العلي:
ناجي العلي لقد نجوت بقدرة
من عارنا وعلوت للعلياء
إصعد فموطنك السماء وخلنا
في الأرض إن الأرض للجبناء
ممن يرصون الصكوك بزحفهم
ويناضلون براية بيضاء
ويخلفون هزيمة لم يعترف
أحد بها من كثرة الآباء
المحاورة: وصلنا وإياكم مستمعينا الكرام الى نهاية سير القصائد، في النهاية أتقدم بالشكر الجزيل للدكتور سعدي الشحمان الذي كان معنا في الستوديوشكراص جزيلاً دكتور
الشحمان: وشكراً لكم
المحاورة: وشكراً لكم مستمعينا الكرام حتى الملتقى اطيب التحيات، في أمان الله.