البث المباشر

الشاعر محمد الفايتوري

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:39 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم أهلاً ومرحباً بكم عبر الفضاءات الشعرية اللامتناهية وعوالم القوافي وآفاقيها الآخذة ببعضها البعض في سلسلة تبدو ممتدة نحو الأبدية بلغتها الشفافة الحالمة الموحية بالحزن الفلسفي العميق حيناً وبالتأمل في أغوار الكون والحياة حيناً آخر وبالبهجة والفرح والسرور أحايين أخرى، دعونا أيها الكرام عند واحة أخرى من واحات الشعر منخلال برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد.

ليس طفلاً ذلك القادم في أزمنة

الموتى إلهيّ الإشارة

ليس طفلاً وحجارة

ليس بوقاً من نحاس ورماد

ليس طوقاً حول أعناق الطواويس محلاً بالسواد

إنه طقس حضارة

إنه العصر يغطي عريه في ظل موسيقى الحداد

ليس طفلاً ذلك الخارج من قبعة الحاخام

من قوس الهزائم

إنه العدل الذي يكبر في صمت الجرائم

إنه التاريخ مسقوفاً بأزهار الجماجم !!

إنه روح فلسطين المقاوم !!

إنه الأرض التي لن تخن الأرض !!

إنه الحق الذي لم يخن الحق !!

وخانته الحكومات

وخانته المحاكم !!


المحاورة: تحية طيبة لكم من جديد متذوقي الشعر ومحبي الأدب. المقطع السابق مستمعينا الكرام الذي أنشدناه لحضراتكم من قصيدة تحمل العنوان "طفل الحجارة" للشاعر السوداني المعاصر محمد الفايتوري، الشاعر الذي تعددت إنتماءاته وتفرعت أصوله بين عربية وافريقية لكنه التعدد والتفرع الذي لاينتج شخصية متناقضة ولايخرج لنا بتركيبة غير متجانسة بل بمزيج رائع متجانس من الهموم والقضايا تسعفه موهبة شعرية متميزة وقدرة فنية لاحدود لها في خلق الصور وإبداع المعاني الرائعة المؤثرة. فغنى الشاعر لقضاياه بإعتباره أفريقياً ينتمي الى القارة السمراء وترنم بهموم العالم العربي بإعتباره عربياً وضم صوته الى صوت أمته الاسلامية في مواجهتها للتحديات لكونه مسلماً اولاً وقبل كل شيء. عن هذا الشاعر وشخصيته المتميزة في عالم الشعر العربي المعاصر وعن خصائصه الشعرية التي ميزته بقوة عن سائر الشعراء العرب المعاصرين سيحدثنا ضيفنا الكريم الذي شرفنا بحضوره في الستوديو الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، دكتور أهلاً بك
الشحمان: حياكم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: وأنا ايضاً تشرفت بلقاءكم وبالمستمعين الكرام
المحاورة: هذا شرف لنا دكتور، شكراً جزيلاً بك دكتور. اليوم نريد أن تحدثنا عن شخصية الشاعر السوداني المعاصر محمد الفايتوري وعن هذه القصيدة بالتحديد التي تحمل عنوان "طفل الحجارة".
الشحمان: إن شاء الله طلبكم مجاب بإذن الله تعالى حسب ما يسمح لنا الوقت. في الحقيقة الشاعر محمد الفايتوري الشاعر السوداني الليبي المصري وإن شئت قلت الشاعر الأفريقي والعربي يعد من جملة طلائع رواد حركة التجديد في الشعر العربي، حاله في ذلك كحال شعراء آخرين من مثل السياب والبياتي وصلاح عبد الصبور وغيرهم من شعراء العالم العربي الذين عرفونا على النظم بشكليه العمودي والحر يعني أبدعوا في كلا المجالين. كما أن الفايتوري يعتبر جزءاً من الحركة الأدبية السودانية الأفريقية فيعتبر في جزء من أشعاره شاعراً مصرياً وايضاً يعتبر شاعراً أفريقياً وشاعراً عربياً، هو سوداني لأن والدته كانت سودانية وليبي لأن والده كان ليبياً وهو مصري لأنه عاش ردحاً كبيراً، منذ طفولته عاش في مصر ودرس في مصر وبدأ مسيرته الشعرية في مصر، وفي مصر أصدر ديوانه الأول لذلك يلقب من قبل النقاد بشاعر التخوم أي شاعر الحدود، الشاعر الذي يقف على حد بعض الناقدين على تخوم او حدود الخريطة العربية الأفريقية. قال شعراً كثيراً في قضايا العرب بإعتباره عربياً من جهة وكتب الكثير من الشعر في القضايا التي تهم القارة الأفريقية فهو إن صح التعبير يعيش على الحدود بين العروبة وبين الزنوج. هذا الشاعر توهجت شاعريته وتفجرت في حقبة السبعينات من القرن الماضي والقصائد التي كتبها في تلك الفترة وضعته في صف أحد أهم الشعراء الكبار في الوطن العربي، تناول كما قلنا القضايا العربية ومن بين القضايا العربية والاسلامية التي تناولها القضية الفلسطينية، نظم الكثير وكتب الكثير من الشعر كالقصيدة التي تفضلتم بقراءتها. كان الفايتوري ايضاً داعية حرية وإنعتاق بإعتبار أفريقياً لازمه الشعور بالعبودية وهو يرى الانسان الأبيض يستعبد أرضه فإنعكست هذه القضية وهذه المسئلة في شعره بوضوح ونظم الكثير من الدواوين في قضايا القارة الأفريقية منها "أغاني أفريقيا" و"عاشق من أفريقيا" و"أذكريني يا أفريقيا" و"أحزان أفريقيا". من بين الأشعار الجميلة جداً التي كتبها في هذا المجال قوله:

جبهة العبد ونعل السيد

وأنين الأسود المضطهد

تلك مأساة قرون غبرت

لم اعد أقبلها لم أعد

كيف يستعبد أرضي أبيض

كيف يستعبد أمسي وغدي

كيف يخبو عمري في سجنه

وجبال السجن من صنع يدي

أنا فلاح ولي الأرض التي

شربت تربتها من جسدي


الشحمان: الكثير من القصائد نظمها، طبعاً القصيدة التي تفضلتم بقراءتها تهتم بالقضية الفلسطينية ونحن من باب التنويع نقرأ نماذج من أشعاره في قضايا أفريقية من ديوانه "من اغاني أفريقيا" يخاطب الشرق بإعتباره أفريقياً يقول في هذه القصيدة الرائعة التي نذكرها كلنا وأعتقد أن جميع العرب والمسلمين قرأوها في مناهجهم الدراسية يقول:

ياأخي في الشرق في كل سكن

ياأخي في الأرض في كل وطن

أنا أدعوك فهل تعرفني؟

ياأخاً أعرفه رغم المحن !

إنني مزقت اكفان الدجى

إنني هدمت جدران الوهن !

لم أعد مقبرة تحكي البلا

لم أعد ساقية تبكي الدمن

لم اعد عبد قيودي لم أعد

عبد ماض هرم عبد وثن

أنا حي خالد رغم الردى

أنا حر رغم قضبان الزمن


الشحمان: وهكذا انجبت لنا أفريقيا وأنجب العالم العربي في نفس الوقت مثل هذه الشخصية المبدعة في مجال طرح القضايا الانسانية وأنا لاأريد أن أطيل أكثر.
المحاورة: شكراً جزيلاً لك دكتور على هذه المعلومات القيمة التي تفضلت بها لنا وللمستمعين الكرام حول شخصية الشاعر وشعره. والآن أيها الحبة نعود الى أجواء القصيدة الفلسطينية بإمتياز والتي كتبها الشاعر بإعتباره عربياً مسلماً حول ثورة الحجارة التي يسطر الشعب الفلسطيني ملحمتها منذ عقود طارحاً بذلك تقنية جديدة من تقنيات المقاومة، التقنية التي تنتصر من خلالها الحجارة التي تمسك بها أيادي الأطفال الناعمة على المدافع والدبابات، تابعونا.

فإنتزع نفسك من نفسك

وإشعل أيها الزيت الفلسطيني أقمارك

وإحضن ذاتك الكبرى وقاوم!!

وأضيء نافذة البحر على البحر

وقل للموج: إن الموج قادم !!

ليس طفلاً ذلك القادم

في عاصفة الثلج وأمواج الضباب

ليس طفلاً يتلهى عابثاً

في لعبة الكون المحطم

انت في سنبلة النار وفي البرق الملثم

كان مقدوراً لأزهارك وجه الأعمدة

ولأغصانك سقف الأمم المتحدة

ولأحجارك بهو الأوجه المرتعدة

ليس طفلاً

هكذا تولد في العصر اليهودي وتستغرق

في الحلم أمامه

عارياً إلا من القدس وزيتونهة

الأقصى وناقوس القيامة

شفيقاً وشفيفاً كغمامة

وإحتفالياً كأكفان شهيد

وفدائياً من الجرح البعيد

ولقد تصلبك النازية السوداء

في أقبية العصر الجديد

فعلى من غرسوا عينيه بالقضبان

أن لايتألم !!

وعلى من شهد المأساة

أن لايتكلم!!


المحاورة: كلنا أمل في أن تكونوا قد قضيتم معنا دقائق مفعمة بالمتعة والفائدة تحت أفياء دوحة الشعر العتيدة، حتى نلتقي بكم في حلقة الأسبوع المقبل من برنامج سير القصائد عند ضفاف قصيدة اخرى لكم مني أجمل التحايا القلبية. وأشكر ضيفي الكريم في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان
الشحمان: وأنا أشكركم ايضاً على حسن الإستضافة
المحاورة: شكراً لك دكتور وسنلتقي بك وبمستمعينا الكرام في الحلقات القادمة من هذا البرنامج، في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة