البث المباشر

سميح القاسم

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:39 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم تحية من القلب نبعثها اليكم مستمعينا الكرام ونحن نتفيء معكم ظلال الشعر الوارفة ودوحات قصائده الشامخة عبر وقفة اخرى تحت تلك الظلال حيث روائع الشعر العربي تظل علينا لتحيي في أنفسنا حب الحقيقة وتفجر في أرواحنا ينابيع الحكمة والجمال. ندعوكم أحبتنا الكرام الى مرافقتنا عند محطة اخرى من محطات برنامجكم الأسبوعي سير القصائد آملين أن تمضوا معنا احلى الأوقات.
المحاورة: مستمعينا الكرام لايكاد اسم الشاعر الفلسطيني المعاصر سميح القاسم يذكر حتى تتبادر الى الذهن معاني المقاومة وحتى تتداعى الى الفكر تلك التقنية التي كان لشعراء فلسطين قصب السبق في ابتكارها تقنية الكفاح والقتال وخوض الصراع المرير بالكلمة وتقنية الوقوف في وجه الدبابات والبنادق والحراب ببيت الشعر، ينظمه الشاعر الفلسطيني ليقظ مضاجع العدو الغاصب وليلهب الحماس في نفوس الجماهير كما لو لم تلهبه أية كلمة اخرى ليغير المعادلات ويطرح قضيته على المستوى الانساني والعالمي. ولعل الشاعر المقاوم من داخل الأرض المحتلة سميح القاسم يمثل رمزاً بارزاً إن لم نقل إنه الأبرز أسوة بمحمود درويش في هذا النوع من الشعر المقاتل الذي نشم منه رائحة البارود وأزيز الرصاص، الشعر الذي يجعل من صاحبه حامل قضية وهم كبير بحجم الوطن وواضع خشيته على عاتقه باحث عن الموت في عز وكرامة في هذا الزمن الذليل المؤطر بالمخازي والخنوع والإستسلام.
المحاورة: أيها الأخوة والأخوات في عصر القرن الحادي والعشرين حيث الحضارات المادية الهائلة تدعي تصرم عهود الاستعباد وإنقضاء زمن التعذيب والصلب والتعليق على المشانق ليحل عصر الحرية والانسانية والإشعاع الحضاري وتمتع الانسان بحقوقه، في هذا الزمن ينتصب غير بعيد عن امريكا وفي جنوبها بالتحديد برج هائل يثير الرعب والترويع ويقف شاهداً على زيف الإدعاءات بشأن تصرم عهود الظلال والكبت والإرهاب والرق الى غير رجعة إنه سجن غوانتنامو الذي كان من المقرر أن يغلق في العهد الأوبامي والى الأبد ولكن يبدو أن العم سام تراجع عن قراره بعد أن إقتنع لأن المناوئين لسياساته مازالوا منتشرين في أرض الله. هذا السجن الضخم الكبير الممتد إمتداد الغطرسة نفسها لم يغب عن بال شاعرنا سميح القاسم الذي توفر على وصفه بأسلوبه المعروف عنه في قصيدة رائعة مؤثرة أطلق عليها اسم السجن نفسه محشداً في هذا الوصف كل مفردات الإدانة وكل ما تسعف الذاكرة به من ألفاظ التي توصف به الجوانب الشريرة والقبيحة من الحياة، فلنستمع أعزاءنا المستمعين الى جانب من هذه المذكرات اليومية التي يحفل بها غواتنامو كل يوم.

هنا يفسد الملح يأسن ماء الينابيع يؤذي النسيم ويعدي الغمام

تدنو الأفاعي وينأى الحمام

هنا يسهر الموت في اليوم دهراً وروح الحياة تنام نهاراً ودهراً تنام

بكاء الرجال هنا وبكاء النساء ليضحك ملأ البكاء لئام لئام

هنا غواتنامو ...

وجوه وما من وجوه وصوت ولاصوت

والوقت لايعرف الوقت، لاضوء، لاهمس، لالمس، لاشيء،

لاشمس ليل وليل يجب النهار

وقيد يسمى السوار

وقيد دماء وقيد دمار

وراء الجدار، وراء الحديد، وراء الجدار

هنا قلق لايفيق، هنا أرق لاينام

هنا غوانتنامو...

تدف رفوف العصافير رعباً، وتخفق أجنحة الموت في فخ أسلاكه الشائكة

ويسطو طنين الذباب على ثمر الأعين الهالكة

وتعلو على لهب الدم والدمع أبخرة فاتكة

ويهوي الظلام

هنا غونتنامو...


المحاورة: تحية طيبة لكم من جديد مستمعينا الكرام وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامج سير القصائد. معنا في الستوديو خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، أرحب بك دكتور
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: وعليكم السلام والرحمة
الشحمان: يسرني أن ألتقيكم مجدداً وبالمستمعين الكرام
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا دكتور شرفتنا بهذا الحضور
الشحمان: أنتم الشرف
المحاورة: دكتور كما تعلم إن حديثنا في هذا السبوع يدور حول شاعر المقاومة الفلسطينية من الداخل سميح القاسم الذي اكتسب شعره البعد العالمي وغدا رمزاً بارزاً من رموز مقاومة الوجود الصهيوني بالكلمة الثائرة والقصيدة المقاومة، فنرجو أن تتحدث لنا عن هذا البعد الذي يميز شعر القاسم بوضوح من خلال إستعراض نماذج من أشعاره في هذا المجال.
الشحمان: حقاً أن سميح القاسم نقش اسمه بل حفر اسمه وحفر أشعاره المقاومة في تاريخ او مسيرة المقاومة الفلسطينية. هو شاعر ترك بصماته الواضحة أسوة بشعراء آخرين مقاومين من مثل توفيق زيات ومحمود درويش وغيرهما. هذا الشاعر الذي جمع بين كتابة الشعر والعمل السياسي، الشاعر الموهوب الذي بدأ مسيرته الشعرية قبل الثلاثين من عمره ونشر آنذاك ستة مجموعات شعرية حققت شهرة واسعة لافي العالم العربي فحسب بل في العالم كله، أشعاره ترجمت الى معظم لغات الأرض ومنها اللغة الفارسية. هذا الشاعر الذي برز في القرن الماضي وتحديداً في ستينات وسبعينات القرن الماضي وكانت أشعاره المقاومة تتردد على جميع الألسن، كانت تتردد على ألسنة الطلبة وعلى ألسنة المتظاهرين في كل مكان. وحينما كان العرب او العالم العربي يعاني من وقع الهزائم المريرة والمتكررة مع اسرائيل الى درجة أن أشعار سميح المقاومة والمقاتلة أثارت قلق اسرائيل التي اعتقلته مراراً ومراراً وحاولت منع نشر أشعاره ولكن الصحافة الفلسطينية المقاومة كانت تبادر لحظة بلحظة الى نشر أشعاره ولذلك تعرض سميح القاسم الى الإعتقال والإقامة الجبرية، وايضاً عانى بسبب أشعاره المقاومة وطرد من عمله مرات عديدة وتعرض للتهديد بالقتل داخل وطنه وخارجه. لايمكن أن ننسى أشعار هذا الشاعر المقاوم التي كان يرددها حتى الأطفال من مثل قصيدته الشهيرة "خطاب في سوق البطالة" التي قال فيها:

ربما أفقد ما شئت معاشي

ربما أعرض للبيع ثيابي

وفراشي

ربما اعمل حجاراً وعتالاً

وكناس الشوارع

ربما أخمد عرياناً، وجائع

ياعدو الشمس لكن لن أساوم

والى آخر نبض في عروقي سأقاوم


الشحمان: او قوله في هذه القصيدة الشهيرة التي تحولت الى نشيد ورددها الكثير من المنشدين، يقول فيها:

منتصب القامة أمشي مرفوع الهامة امشي

في كفي قصفة زيتون

وعلى كتفي نعشي

وأنا أمشي

قلبي قمر أحمر

قلبي بستان فيه العوسج فيه الريحان

شفتاي سماء تمطر ناراً حيناً وحباً أحيان

في كفي قصفة زيتون وعلى كتفي نعشي وأنا أمشي وأنا أمشي


الشحمان: شعر سميح القاسم يحفل بعناصر المقاومة ومن ضمن هذه العناصر التي وظفها، الشخصية البطولية التي تحولت الى أسطورة في تاريخ مقاومة الشعب الفلسطيني عز الدين القسام، يقول: لن يموت القسام والظلم حي كل طفل من شعبنا قسام. والحديث يطول عن سميح القاسم واشكركم على الإستضافة.
المحاورة: شكراً جزيلاً لك دكتور، نحن ممتنون لكم حقيقة دكتور على هذه المعلومات القيمة التي تفضلتم بها حول الأسلوب الشعري الذي تميز بها الشاعر الفلسطيني المعاصر سميح القاسم راجين منكم أن تسمحوا لنا في الدقائق القليلة المتبقية بصبر غور المزيد من مقاطع قصيدة غوانتنامو. تابعونا مستمعينا الكرام بعد هذا الفاصل القصير.

أتعلم أمك أنك تذوي حنيناً اليها؟

أتعلم أمك يا أيهذا الأسير الغريب؟

أتعلم أنك تلمح في الموت كف الطبيب؟

أتعلم أمك أنك في ربقة الأسر تحلم حراً؟

بدفء يديها

وتبكي عليك وتبكي عليها

ترى أين أنت؟

متى ستعود؟

وهل ستعود قبيل رحيلي؟

لأمك حق عليك ترفق بأمك ياإبني! تعال قليلاً، ألست ترى أنني راحلة؟

ترى اين انت؟

وتجهل ام الأسير البعيد مكاناً بعيداً

يسمونه غوانتنامو

فمتى تنهض الشمس من قبرها؟

متى تسفر الأرض عن فجرها؟

متى تتصدى حياة لموت؟

متى تتحدى الحروب السلام؟

كفى غوانتنامو!

كفى غوانتنامو!

كفى غونتنامو!

كفى


المحاورة: نعم مستمعينا الكرام في نهاية هذه الحلقة أتفدم بجزيل الشكر للدكتور سعدي الشحمان، شكراً جزيلاً دكتور لهذا الحضور وهذه الإيضاحات حول شاعرنا سميح القاسم
الشحمان: وانا أشكركم بدوري
المحاورة: مستمعينا الكرام حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة