البث المباشر

محمد مهدي الجواهري

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:38 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم أهلاً بكم أيها الأحبة حيث يتجدد لقاءنا بكم مرى اخرى عند خميلة أخرى من خمائل الشعر العربي عبر قصائده الخالدة من خلال برنامجكم الأسبوعي سير القصائد، كلنا أمل أن يروق لكم قطافنا لهذه الأسبوع من روضة الشعر العربي وأن تقضوا معنا أوقاتاً حافلة بكل ما ينفع العقول ويروح عن النفوس، رافقونا أيها الأحبة.
المحاورة: أيها الكرام تمر على الشاعر مهما كانت إهتماماته بالمواضيع والأغراض الجادة تمر لحظات يخلو فيها الى النفس فتهيج في روحه الذكرى، الذكرى التي سرعان ما تحمل روحه الى ملاعب الصبا ومسارح الشباب فيتذكر ما شاءت له الذكرى ويذرف الدموع سجاماً ويصحو على واقعه ليرى نفسه غريباً مشرداً، تتقاذفه الأخطار فيعتصر الألم قلبه وتنطلق قريحته بالأشجان لتجري على لسانه شعراً يعبر من خلال عن ذاته الضائعة وروحه الهائمة في عالم الغربة، كما حدث لشاعرنا محمد مهدي الجواهري شاعر العراق الأكبر بل شيخ الشعراء وبقية الفصاحة والبلاغة والجزالة والمتانة في العصر الحديث في القصيدة التي إخترناها لكم مستميعنا الكرام في هذا الأسبوع من روائع الشعر العربي فلنصغي معاً بآذان قلوبنا الى الشاعر وقد هزته لحظات إستحضار صورة الوطن من أعماق الذاكرة الممتدة جذورها في عالم الطفولة والصبا.

أرح ركابك من أين ومن عثر

كفاك جيلاني محمولاً على خطر

كفاك موحش درب رحت تقطعه

كأن مغبره ليل بلا سحر

ويا أخ الطير في ورد وفي صدر

في كل يوم له عش على شجر

عريان يحمل منقاراً وأجنحة

أخف ما لمّ من زاد أخو سفر

بحسب نفسك ماتعي النفوس به

من فرط منطلق او فرط منحدر

أناشد انت حتفاً صنع منتحر

أم شابك أنت مغتراً يد القدر؟

خفض جناحيك لاتهزأ بعاصفة

طواله النسر كجحيه فلم يطر

ياسامر الحي بي شوق يرمضني

الى اللدات، الى النجوى، الى السمر

ياسامر الحي بي داء من الضجر

عاصاه حتى رنين الكأس والوتر

لاأدعي سهر العشاق يشبعهم

ياسامر الحي بي جوع الى السهر


المحاورة: أيها الكرام تحية طيبة لكم من جديد وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد من اذاعة طهران. مستمعينا الكرام عن شاعر هذه الحلقة محمد مهدي الجواهري وعن مسيرته الشعرية وخصوصياته التي ميزته بقوة عن سائر الشعراء المعاصرين على نطاق الشكل والمضمون ومن حيث التمكن من ادوات اللغة وأساليبها سيحدثنا خبير البرنامج الدكتور سعدي الشحمان، دكتور السلام عليكم
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته والسلام على الأخوة المستمعين
المحاورة: وعليكم السلام شكراً لهذا الحضور دكتور. شاعرنا لهذه الحلقة هو محمد مهدي الجواهري الذي لقب بشاعر العرب الأكبر فنرجو أن تسلط الأضواء على أشعاره وخصيصاً في مجال الغربة والبعد عن الوطن.
الشحمان: محمد مهدي الجواهري يعتبر من أبرز الشعراء العراقيين المعاصرين ولقب برحالة العرب لأنه كان ينتقل من مكان الى آخر وعانى من الغربة كأصعب ما تكون المعاناة حتى إنتهت غربته أخيراً عندما توفي في عام ۱۹۹۸ ، مات وهو في الغربة ايضاً في سوريا. هذا الشاعر يشكل الشعر الحنين الى الوطن، تعبير الحنين الى الوطن والحديث عن المعاناة التي يقاسيها الانسان في الغربة والمنفى يشكل موضوعاً وغرضاً واسعاً ومهماً في أشعاره. في الحقيقة هذا الشاعر قدم لنا قصائد تبلغ غاية من الروعة في هذا المجال، يعتبر من الشعراء القلائق في العصر الحديث الذين عبروا خير تعبير وبأصدق المشاعر والأحاسيس عن معاناة الغربة التي يعانيها الانسان. وعادة ما نلاحظ أن مضامين الحنين الى الوطن والغربة تمتزج عنده بالمواضيع الوطنية والمواضيع السياسية. هذا الشاعر تقسمت الغربة والنفي حياته في عدة محطات منذ شبابه وفي عام ۱۹۲٤ بدأ هذه التجربة المريرة التي إنعكست على أشعاره وكانت ايران تمثل اولى محطات غربته. في ذلك العام أضطر الى مغادرة وطنه العراق متوجهاً الى ايران وترك لنا أشعاراً تبلغ الغاية من الروعة رغم أننا نستطيع القول إنه عاش عيشة مستقرة ومطمئنة في هذا البلد ونعم بالطبيعة الخلابة التي تميز هذا البلد بحدائقها ومصائفها الرائعة إلا أن حنينه ظل يساوره الى الوطن وقد عبر عن هذه الفترة التي نفي فيها الى هذا البلد خير تعبير عندما نظم قصيدته الرائعة في هذا المجال والتي تحدث فيها عن ايران وعن مفاتنها وعن مظاهر جمالها ولكنه في النهاية يفضل العراق لأن العراق يمثل وطنه، يقول في هذا المجال مشيراً الى هذا البلد:

سقى تربها من ريق المزن هطال

دياراً بعثن الشوق والشوق قتال

وما سرني في البعد حال تحسنت

بلادي أشهى وإن ساءت الحال

فمن شاقه برد النعيم بفارس

فإني الى حر العراقيين ميال

أحب حصاها وهو جمر مؤجج

وأهوى ثراها وهو شوك وأدغال


الشحمان: المحطة الأخرى في مسيرة غربة الشاعر محمد مهدي الجواهري تمثل أحد البلدان في شرق أوربا وهي تشيكوسلوفاكيا، لبث فيها لمدة طويلة وايضاً هناك ساورته الأحاسيس بالغربة ودفعه حبه لوطنه وشوقه الى هذا الوطن الى أن ينظم قصيدته الخالدة والرائعة في جبين الشعر العربي المعاصر في هذا المجال وهي القصيدة التي خاطب فيها نهر دجلة وضفافه وامواجه ويخاطب بغداد التي يقول فيها:

حييت سفحك عن بعد فحييني

يادجلة الخير ياأم البساتين

حييت سفحك ظمآناً ألوذ به

لوذ الحمائم بين الماء والطين

يادجلة الخير يانبعاً أفارقه

على الكراهة بين الحين والحين

إني وردت عيون الماء صافية

نبعاً فنبعاً فما كانت لترويني

وانت ياقارباً تلوي الرياح به

ليّ النسائم أطراف الأفانين

وددت ذاك الشراع الرخص لو كفني

يحاك منه غداة البين يطويني


الشحمان: وهكذا نلاحظ أن الشاعر نظم وهو في منفاه وغربته أروع الأشعار. الحقيقة هذا الجانب من شخصية محمد مهدي الجواهري
المحاورة: الحنين الى الوطن
الشحمان: نعم والتعبير عن مشاعر الغربة يشكل معلماً مهماً وبارزاً في شخصية هذا الشاعر والحديث يطول عن هذا الشاعر وعن الجوانب التي نظم وكتب فيها.
المحاورة: نعم دكتور شكراً لكم على هذا التحليل الذي قدمتموه لنا حول شخصية شاعرنا لهذه الحلقة محمد مهدي الجواهري ونرجو دكتور إن شاء الله في الحلقات المقبلة من البرنامج ايضاً أن نسلط الضوء على هذا الشاعر وحول الحنين الى الوطن
الشحمان: إن شاء الله وسوف نحاول أن نتحدث عن قصيدة اخرى من قصائده.
المحاورة: نعم شكراً جزيلاً لكم دكتور ونشكر مستمعينا الكرام لطيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في رعاية الله وحفظه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة