خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم أخلص التحايا القلبية وأجمل المنى نبعثها اليكم ونحن نعاود اللقاء بكم نحن ظلال روضة غناء اخرى من رياض الشعر العربي عبر قصائده الخالدة من حلال برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد آملين أن ترافقونا بحسن إصغاءكم ومتابعتكم.
المحاورة: أيها الكرام القصيدة التي إخرتناها لكم في حلقة هذا الأسبوع هي من الشعر النسائي المعاصر، إنها قصيدة السمفونية الرمادية للشاعرة الكويتية المعاصرة سعاد الصباح وهي من نوع الشعر المتمرد على الواقع. تتجلى لنا فيها روح المرأة ببساطتها ووضوحها وصراحتها، هذه الروح التي إنسكبت على وقع القصيدة وأسلوبها فجاء واضحاً بسيطاً صريحاً هو ايضاً يهاجم لكن لابعنف ويحاول أن يستنهض روح التخاذل المهيمنة على الواقع وذلك الاستبداد الجاثم على كل مجالات الحياة ولكن بلغة نثر الورود وباقات الأزاهير والرياحين فلنستمع معاً الى الشاعرة وهي تندب هذا الواقع المريض وتتحسر لأنه كان من المفترض فيها أن تتحدث عن الأشياء الجميلة في حياتنا ولكن ماذا تفعل وهذه الحياة ملئى بكل ما يضني القلوب من أشواك القهر والاستعباد.
يا أحبائي
كان بودي أن أسمعكم
هذه الليلة، شيئاً من أشعار الحب
كان بودي أن أسرقكم بضع ثوان
من مملكة الرمل، الى مملكة العشب
يا أحبائي
كان بودي أن أسمعكم
شيئاً من موسيقى القلب
لكنا في عصر عربي
فيه توقف نبض القلب
ياأحبابي
كيف بوسعي؟
أن أتجاهل هذا الوطن الواقع في أنياب
الرعب؟
أن أتجاوز هذا الإفلاس الروحي
وهذا الإحباط القومي
وهذا القحط ... وهذا الجدب
ياأحبابي
كان بودي أن أدخلكم زمن الشعر
لكن العالم - وا أسفاه- تحول وحشاً مجنوناً
يفترس الشعر...
المحاورة: مستمعينا الكرام مرة اخرى أرحب بكم في هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. أحبتي سعاد الصباح صوت نسائي بارز من بين الأصوات النسائية الأخرى التي برزت على مسار الشعر العربي المعاصر. دكتور أهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: اليوم حديثنا سيكون عن الشاعرة الكويتية سعاد الصباح
الشحمان: نعم سعاد محمد الصباح شاعرة من الكويت وبالإضافة الى ذلك فهي كاتبة وناقدة ومتخصصة ايضاً في العلوم الاقتصادية والعلوم السياسية وحصلت على درجة الدكتوراه في هذا الفرع. تتميز بثقافة واسعة حيث تجيد اللغتين الانجليزية والفرنسية بالاضافة طبعاً الى لغتها العربية الأم، ونظراً الى الابداعات التي قدمتها في هذه المجالات فقد تم تكريمها في العديد من الدول لإصداراتها الشعرية وإنجازاتها الأدبية والمقالات والمؤلفات الاقتصادية والسياسية التي كتبتها. تلقت هذه الشاعرة التي تنتمي الى مدرسة الشعر الحر وتنتمي الى نفس المدرسة التي ينتمي اليها شعراء من مثل بدر شاكر السياب
المحاورة: نازك الملائكة
الشحمان: نازك الملائكة ونزار قباني وصلاح عبد الصبور وأمل دنقل والشاعر العراقي مظفر النواب وايضاً الشاعر أحمد مطر، تنتمي الى نفس هذه المدرسة. كتبت الكثير من المؤلفات، نحن لانذكر هنا لأن بحثنا هنا أدبي فلانشير الى مؤلفاتها الاقتصادية والسياسية وإنما نكتفي بالإشارة الى ما قدمته في مجال الأدب والشعر من مثل كتاب "هل تسمحون لي أن أحب وطني" وهو عبارة عن مجموعة من المقالات وايضاً أصدرت الكثير من الدواوين الشعرية خلال مسيرتها الشعرية من مثل ديوان "من عمري" وديوان "أمنية" وديوان "اليك ياولدي" و"فتافيت امرأة" و "في البدأ كانت الأنثى" و "حوار الورد" و "البنادق" و "آخر السيوف" ومجموعة قصائد حب وامرأة بلا سواحل. طبعاً هي شاعرة تتميز بما تتميز به الشاعرات العربيات المعاصرات، هنا يجب أن نعترف أن اسلوب المرأة في كتابة الشعر يختلف عن اسلوب الرجل. أسلوب الرجل يتميز بعدم وجود الشفافية والوضوح وبالتعقيد في بعض الأحيان ولكن الأسلوب النسائي يتميز بالبساطة والسلاسة والشفافية كما نلاحظ من خلال هذه الأشعار او النماذج الشعرية التي سنقرأها من قصائدها الكثيرة من مثل قصيدة "نحن باقون" والتي شاركت فيها هموم أمتها، تقول فيها:
نحن باقون هنا
هذه الأرض من الماء الى الماء لنا
ومن القلب الى القلب لنا
ومن الآه الى الآه لنا
كل دبوس اذا أدمى بلادي
هو في قلبي أنا
نحن باقون هنا
هذه الأرض
هي الأم التي ترضعنا
وهي الخيمة والمعطف والملجأ
والثوب الذي يسترنا
وهي السقف الذي نأوي اليه
وهي الصدر الذي يدفأنا
وهي الحرف الذي نكتبه
وهي الشعر الذي يكتبنا
الشحمان: وبإعتبارها شاعرة وبإعتبارها امرأة كتبت بعض القصائد وكأنها تنطق بلسان النساء العربيات والشرقيات المعاصرات فتقول في هذا المجال من قصيدة تحمل العنوان "كان بوسعي"، تقول فيها:
قد كان بوسعي
مثل جميع نساء الأرض
مغازلة المرآة
كان بوسعي أن أحتسي القهوة
في دفء فراشي
وأمارس ثرثرتي في الهاتف
دون شعور بالأيام وبالساعات
قد كان بوسعي أن أتجمل
أن أتكحل، أن أتدلل
أن أتحمص تحت الشمس
وأرقص فوق الموج
ككل الحوريات
قد كان بوسعي أن أتشكل
بالفيروز وبالياقوت
وأن أتثنى بالكلمات
الشحمان: حتى تقول في هذا المجال
لكنني خنت قوانين الأنثى
وإخترت مواجهة الكلمات
الشحمان: بالاضافة الى القصيدة التي ستتفضلون بقراءتها. وايضاً هذه القصيدة التي تحمل عنوان "تحت المطر الرمادي" طارحة فيها بعض القضايا الراهنة الجادة، تقول:
على هذه الكرة الأرضية المهتزة
أنت نقطة إرتكازي
وتحت هذا المطر الكبريتي الأسود
وفي هذه المدن
التي لاتقرأ ولاتكتب
أنت ثقافتي
الوطن يتفتت تحت أقدامي
كزجاج مكسور
والتاريخ عربة
مات سائقها
وذاكرتي ملئى بعشرات الثقوب
فلا الشوارع لها ذات الأسماء
ولاصناديق البريد
إحتفظت بلونها الأحمر
ولا الحمائم تستوطن
ذات العناوين
الشحمان: نعم هذا قصارى ما نستطيع قوله حول هذه الشاعرة المتميزة
المحاورة: كل الشكر نتقدم به لكم دكتور على هذا الحديث الذي ألقيتم من خلاله الضوء على حركة الشعر النسوي عموماً وعلى شخصية الشاعرة الكويتية المعاصرة سعاد الصباح خصوصاً، حياكم الله دكتور
الشحمان: حياكم الله وإن شاء الله سنطرح نماذج نسائية أخرى
المحاورة: إن شاء الله في الحلقات المقبلة. مستمعينا الكرام أما الآن نعود الى أجواء القصيدة وهي السمفونية الرمادية بعد الفاصل.
يا أحبابي
أرجو أن أتعلم منكم
كيف يغني للحرية من هو في أعماق البئر
أرجو أن أتعلم منكم
كيف الوردة تنمو من أشجار القهر
أرجو أن أتعلم منكم
كيف يقول الشاعر شعراً
وهو يقلب مثل الفرخة فوق الجمرة
لاهذا عصر الشعر، ولا عصر الشعراء
هل ينبت قمح من جسد الفقراء؟
هل ينبت ورد من مشنقة؟
أم هل تطلع من أحداق الموتى أزهار حمراء؟
هل تطلع من تاريخ القتل قصيدة شعر؟
أم هل تخرج من ذاكرة المعدن يوماً قطرة ماء؟
تتشابه كالرز الصيني... تقاطيع القتلة
مقتول يبكي مقتولاً
جمجمة ترثي جمجمة
وحذاء يدفن قرب حذاء
لاأحد يعرف شيئاً عن قبر الحلاج
فنصف القتلى في تاريخ الفكر
بلا أسماء...
المحاورة: أيها الأحبة على أمل تجديد اللقاء بكم في حلقة الأسبوع المقبل عند قصيدة اخرى وشاعر آخر وبرجاء أن تكونوا قد أمضيتم معنا دقائق عابقة بعطر القوافي وشذى الشعر نستودعكم الله ودمتم في أمانه.