خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين أيها الأخوة والأخوات في كل مكان السلام عليكم
أجمل التحايا وأحلى الأماني نبعثها اليكم أحبتنا المستمعين من قلوبنا المتلهفة دوماً لتجديد اللقاء بكم عبر هذه البرامج الأدبية التي يعدها لكم قسم الثقافة والأدب في اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
أحبتي نرجو أن نكون قد أسهمنا في تزويدكم بكل ماهو ممتع ومفيد في رحاب الثقافة والأدب والشعر وهو غاية ما نتمناه ونسعى اليه. ندعوكم أيها الكرام لتكونوا معنا في محطتنا لهذا الأسبوع من سير القصائد.
المحاورة: قصيدتنا لهذا الأسبوع للشاعرة الجاهلية جليلة بنت مرة التي تعد أولى الشاعرات العربيات والتي انشدتها على أثر حادثة مقتل زوجها على يد أخيها جساس بن مرة حيث أنشأت جليلة بنت مرة هذه القصيدة التي تعتبر من أبلغ القصائد التي وصلتنا من الشواعر في العصر الجاهلي من حيث طرافة موضوعها، ففيها تصور لنا الشاعرة الصراع المرير الذي عصف بروحها وتشتت عواطفها بين الأخ الذي قتل زوجها وبين الزوج الحبيب الذي قصم ظهرها بمصرعه على يد أخيها. والقصيدة اعزاءنا تدل على الجزالة في الأسلوب والفصاحة في الألفاظ والتراكيب والطرافة في الصور والمعاني حيث تعد من روائع الشعر النسائي الجاهلي لايضارعه شعر نسائي آخر روعة وقوة تأثير إلا في أشعار الخنساء في رثاء أخويها. ندعوكم أيها الكرام للإستماع الى هذه القصيدة بعد هذا الفاصل.
يا بنة الأقوام إن لمت
فلا تعجلي باللوم حتى تسألي
فإذا انت تبينت الذي
يوجب اللوم فلومي وأعذلي
إن تكن أخت أمرئ ليمت
على شفق منها عليه فإفعلي
جلّ عندي فعل جساس فيا
حسرتي عما إنجلت او تنجلي
فعل جساس على وجدي به
قاطع ظهري ومدمي أجلي
لو بعين فقأت عيني سوى
أختها فإنفقأت لم أحفل
تحمل العين قذى العين كما
تحمل الأم أذى ما تستلي
ياقتيلاً قوّض الدهر به سقف
بيتي جميعاً من علي
قوضت بيت الذي إستحدثته
وإنثنت في هدم بيت الأولي
ورماني قتله من كثب
رمية المنصم به المستأصل
المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم مستمعينا الكرام وأنتم برفقة هذه الحلقة من سير القصائد من اذاعة طهران العربية معنا في الستوديو خبير البرنامج الأستاذ سعدي الشحمان الذي سيحدثنا مشكوراً عن الشاعرة الجاهلية جليلة بنت مرة والملابسات التي رافقت نظمها للقصيدة ومكانتها كشاعرة رغم قلة الأشعار التي وصلتنا منها. نرحب بكم دكتور أهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعلى المستمعين الكرام
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: أشعر بالارتياح والسرور لتجديد اللقاء بكم وبالمستمعين الكرام
المحاورة: شكراً دكتور هذا من دواعي سرورنا
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: دكتور شاعرتنا جليلة بنت مرة فحبذا لو توضحون حول شعرها والملابسات التي رافقت نظمها لهذه القصيدة التي أنشدت بعض الأبيات منها.
الشحمان: نعم وما كان أحلى إنشادكم لهذه القصيدة الجميلة والرائعة التي رويت لنا عن احدى الشواعر القلائل اللواتي عشن في العصر الجاهلي وهي جليلة بنت مرة الشيبانية والتي كانت حياتها ترتبط بحياة أخيها جساس الذي سبق وأن تحدثنا عنه وأنشدنا قصيدته في حرب البسوس، هي اخت جساس وزوجة كليب الذي كان يعتبر صنواً ونداً للمهلهل، الشاعر الكبير والفارس المهلهل الذي كان ينتمي الى قبيلة تغلب. كانت جليلة كما تشهد لها قصيدتها التي نظمتها في رثاء زوجها كليب وشدة الصراع النفسي الذي كانت تعيشه بسبب مقتل زوجها على يد أخيها فكانت قد وقعت بين شقي الرحى كما يقال، وهذه تعتبر من النوادر. كانت هذه الشاعرة شاعرة فصيحة ومن ذوات الشأن والمكانة في الجاهلية، وكما يروى كانت على قدر كبير من الحسن والجمال بحيث أن التبع اليماني وابن عمها تنافسا على الزواج منها فتزوجت اخيراً على إثر بعض الضغوط من إبن عمها كليب الذي قتل كما قلنا. إختارت من نظم الشعر مؤنساً لها بعد حادثة مقتل زوجها كليب وبعد نكسة البسوس. في الحقيقة كرست جليلة بنت مرة معظم شعرها وربما كل شعرها لوصف هذه الحادثة التي تعرضت لها ووصف أحاسيسها تجاه الحرب الكبيرة التي حدثت بين القبيلتين الكبريين، قبيلة تغلب وقبيلة بكر بن وائل وتسببت في شماتة أقارب كليب منها وتعرضها للضغوط والملامة من قبل قبيلة زوجها حيث يروى في هذا المجال أنه في مأتم كليب، لابأس أن نذكر هذه الحادثة المختصرة التي كانت السبب في نظم هذه القصيدة، يقال إنه إجتمع عدد من النسوة في مأتم كليب وقلن لأخت كليب: رحلي الجليلة عن مأتمك فإن قيامها فيه عار وشماتة عند العرب.
فقالت لها اخت كليب مخاطبة الجليلة: ياهذه أخرجي عن مأتمنا فأنت أخت واترنا وقاتلنا أي جساس. وخرجت جليلة وهي تجر أعطافها ولما رحلت جليلة قالت أخت كليب: رحلة المعتدي وفراق الشامت، ويل غداً لآل مرة من الكرة بعد الكرة.
فبلغ قولها جليلة فقالت: كيف تشمت الحرة بهتك سترها وترقب وترها؟! أسعد الله جد أختي أفلا قالت نفرة الحياء وخوف الاعتداء. ثم انشدت هذه القصيدة المعروفة التي تفضلتم بإنشاد بعض من أبياتها ويقال في هذا المجال إن جليلة بنت مرة بقيت قي بيت أخيها حتى قتل، وتنقلت مع قبيلتها مدة حروبهم حتى توفيت.
كما قلنا معظم شعرها يدور حول واقعة البسوس وحول حادثة مقتل زوجها على يد اخيها جساس، ولها أبيات طريفة قالتها في بيان التبعات الشنيعة التي تبعت قتل جساس وإندلاع حرب البسوس بين أبناء العم. تقول في هذه الأبيات:
تقطعت الأرحام منهم وبدلت
ضغائن حقد بعد ود صدورها
تبدد شمل الحي بعد اجتماعه
وغادرن من بعد هتك ستورها
فهاكم حريق النار تبدي شرارها
فيقدح في كل البلاد سعيرها
الشحمان: لولا ضيق الوقت لأنشدت المزيد من أشعار هذه الشاعرة الكبيرة.
المحاورة: على ما يبدو دكتور أكثر أشعار هذه الشاعرة الجاهلية..
الشحمان: نعم يدور حول هذه الواقعة
المحاورة: نعم يدور حول هذه الحادثة الأليمة
الشحمان: نعم بينت فيها توزع مشاعرها بين زوجها وأخيها
المحاورة: نعم وهذه الحادثة كانت شغلها الشاغل. على العموم شكراً جزيلاً لكم دكتور على هذه الايضاحات حول شاعرتنا لهذه الحلقة جليلة بنت مرة
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: نعم شكراً لكم مستمعينا الكرام نتواصل معكم بعد هذا الفاصل.
المحاورة: أيها الأحبة تواصل الشاعرة بث لوعتها وحزنها وبيان وقوعها بين نارين ولوعتين وشماتة الأعداء بها حتى لتتمنى لو كانت هي المقتولة ولو إفتدت زوجها بنفسها كي لاتظل أسيرة هذه الحرقة طيلة حياتها فتعلن قائلة:
يا نسائي دونكن اليوم
قد خصني الدهر برزء معضلي
خصني قتل كليب بلظى
من ورائي ولظى مستقبلي
ليس من يبكي ليوميه
كمن إنما يبكي ليوم بجل
يشتفي المدرك بالثأر
وفي دركي ثأري ثكل المثكل
ليته كان دمي فإحتلبوا
ذرراً منه دمى من أكحل
فأنا قاتلة مقتولة
ولعل الله أن ينظر لي
المحاورة: مستمعينا الكرام وصلنا واياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد، في النهاية أتقدم بالشكر الجزيل للدكتور سعدي الشحمان، دكتور شكراً جزيلاً لكم لهذا الحضور
الشحمان: إن شاء الله نأمل تجديد اللقاء بكم
المحاورة: إن شاء الله في الحلقة المقبلة من البرنامج وشكراً لكم مستمعينا الكرام حتى الملتقة أطيب التحيات وفي أمان الله.