خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم، أحبتنا الأفاضل يسرنا أن نجدد اللقاء بكم محبي الأدب وعشاق الشعر والقوافي عند واحة غناء اخرى من واحات الشعر العربي من خلال برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد وكل أمل أن تقضوا معنا أحلى الأوقات وأطيبها عند ما أعددناه لكم من روائع الشعر العربي في حلقة هذا الأسبوع، رافقونا.
المحاورة: لأهل البيت عليهم السلام هم منبع الأدب ومعدن البلاغة والفصاحة وأمراء البيان والمالكون لناصية القول الرفيع والأدب المؤثر الجميل، منهم إستلهم الشعراء والأدباء وإستعاروا الدرر والجواهر في التعبير وعليهم قام بيان البلاغة فهم المصدر الثر المعطاء للقول الجميل والحكم الخالدة المصاغة بأعذب الكلمات قبالإضافة الى الأقوال والأحاديث والروايات والأدعية المنقولة عنهم والناطقة بالفصاحة والبلاغة هناك الأشعار والأبيات المؤثرة التي نسبت اليهم والتي تقطر سلاسة وعذوبة وتأثيراً ووضوحاً إعتباراً من سيد البلاغة وإمامها والفارس الأوحد في ميادينها أمير المؤمنين علي عليه السلام ومروراً بسيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام وسيد الساجدين الامام زين العابدين عليه الصلام صاحب الصحيفة السجادية الناطقة بآيات البلاغة السامية وإنتهاءاً بالامام الهادي عليه السلام بل إننا يمكننا القول إنهم كانوا قاطبة أسياد الأدب والبلاغة وفرسانها الأوحدين الذين لايشق لهم غيار. وفي هذه الحلقة نود أيها الكرام أن نقود سفينتنا الأدبية لنرسو بها عند ساحل الأدب العلوي المتمثل بالامام زين العابدين عليه السلام صاحب الصحيفة السجادية الرائعة الخالدة التي تغنت بها الأجيال العاشقة للخالق على مر العصور لكننا سنتوقف عند رائعة شعرية منسوبة اليه تحكي لنا مسيرة الانسان ورحلته نحو الموت بتلك اللهجة الزهدية المؤثرة التي عرفت عنه عليه السلام. تعالوا معنا أيها الأخوة والأخوات لنستمع بعد الفاصل الى أبيات من هذه القصيدة الطويلة التي أضطررنا الى إختيار مقاطع منها قبل أن يجمعنا اللقاء مع خبير البرنامج.
ليس الغريب غريب الشأم واليمن
إن الغريب غريب اللحد والكفن
إن الغريب له حق لغربته على
المقيمين في الأوطان والسكن
لاتنهرن غريباً حال غربته
الدهر ينهره بالذل والمحن
سفري بعيد وزادي لن يبلغني
وقوتي ضعفت والموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست أعلمها
الله يعلمها في السر والعلن
ما أحلم الله عني حيث أمهلني
وقد تماديت في ذنبي ويسترني
تمر ساعات أيامي بلا ندم
ولابكاء ولاخوف ولاحزن
أنا الذي أغلق الأبواب مجتهداً
على المعاصي وعين الله تنظرني
دعني أنوح على نفسي وأندبها
وأقطع الدهر بالتذكير والحزن
كأنني بين تلك الأهل منطرحاً
على الفراش وأيديهم تقلبني
وإشتد نزعي وصار الموت يجذبها
من كل عرق بلا رفق ولاهون
وأودعوني على الألواح منطرحاً
وصار فوقي خرير الماء ينظفني
وألبسوني ثياباً لاكمام لها
وصار زادي حنوطي حين حنطني
واخرجوني من الدنيا فوا أسفاً
على رحيل بلا زاد يبلغني
وأنزلوني الى قبر على مهل
وقدموا واحداً منهم يلحدني
وقال هلوا عليه الترب وإغتنموا
حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
المحاورة: نجدد التحية من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران أيها الكرام وأنتم مع هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد. أرحب بضيفي الكريم في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان، دكتور السلام عليكم
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم وبالمستمعين الكرام
المحاورة: أهلاً بكم دكتور، دكتور إن شاء الله حديثنا سيكون في هذا اللقاء عن الجانب الأدبي والبلاغي في شخصية الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام من خلال الآثار التي وصلتنا منه عليه السلام والتي تقف في مقدمتها الصحيفة السجادية.
الشحمان: نعم بالفعل حديثنا يدور عن امام من أئمة البلاغة والبيان، امام هو سليل بني هاشم الذين عرفوا ببلاغتهم وفصاحتهم التي فطروا عليها من قبل الله سبحانه وتعالى منذ عصر ما قبل الاسلام وتجلت هذه المقدرة البيانية الفذة بعد الاسلام في شخصية أبي الأئمة الامام علي عليه السلام من خلال رائعته الخالدة نهج البلاغة وهاهي ذا تتجلى في حديثنا عن شخصية الامام زين العابدين الذي ترك لنا الصحيفة السجادية والتي تسمى ايضاً الصحيفة السجادية الجامعة، هذا الأثر الأدبي والعرفاني الذي قيل بأسلوب يعتبر من أسمى آيات البلاغة والابداع ووصف بأنه زبور آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبالفعل هو زبور آل محمد بما فيه من أدعية تتطرق الى جميع مجال حياة الانسان حتى أن هناك فيها أدعية ذات طابع تعليمي من مثل الأدعية التي وردت في المعاني التوحيدية. الامام زين العابدين عليه السلام وسيد الساجدين توسل بأسلوب الدعاء وقد يتسائل المرء لماذا الدعاء؟ لماذا تتميز حياة الامام زين العابدين بكثرة اللجوء الى الدعاء وقلة الروايات والأحاديث التي وردت عنه عليه السلام؟ نقول في الجواب على هذا التساؤل والله اعلم طبعاً، إن الدعاء كان أسلوباً يمكن القول عنه بلغة العصر إنه كان أسلوباً استراتيجياً إتبعه الامام في عصره بعد مقتل الامام الحسين عليه السلام وبعد واقعة كربلاء وتلك الظروف الخانقة التي كانت تمر بها الأمة الاسلامية والتي لم تكن تسمح للإمام عليه السلام بالمزيد من التحرك بين صفوف الأمة لذلك توسل بالدعاء في مضامين الاسلام ومضامين مذهب أهل البيت عليهم السلام من خلال الدعاء، هذا الدعاء الذي تجسد في الصحيفة السجادية ..
المحاورة: نعم دكتور نرى في كل الأمور دعاء خاص مثلاً بشأن الوالدين، في الحمد والثناء لله سبحانه وتعالى وفي كل المجالات..
الشحمان: نعم في كل المجالات، في التحميد والتوحيد وتمجيد الله سبحانه وتعالى وفي الصلوات على النبي صلى الله عليه وآله، في المهمات والكروبات والاستعاذة والاعتراف والاستغفار وطلب الحوائج وقضاءها حتى أن هناك أدعية فيها مضامين اجتماعية فمثلاً عندما يتعرض الانسان الى الاعتداء فماذا عليه أن يدعو..
المحاورة: نعم أدعية للمرابطين حتى وحتى للجار..
الشحمان: نعم يعني في مختلف المجالات الحياتية وردت هذه الأدعية في الصحيفة السجادية. بالمناسبة هناك الكثير من الآثار أسندت بسند صحيح عدا الشعر، الشعر منسوب اليه عليه السلام وربما كان له. مثلاً الصحيفة السجادية التي يدور الحديث حولها والتي يخاطب فيها الله سبحانه وتعالى ورسالة الحقوق التي خاطب فيها المجتمع وايضاً هناك رسالة الزهد التي خاطب فيها الدنيا بالاضافة الى بعض الروايات والأحاديث التي وردت عنه عليه السلام وخاصة الصحيفة السجادية التي لايمكن أن يرتقي الشك الى صحة إسنادها الى الامام زين العابدين عليه السلام وبإسلوب بلاغي معجز، يعتي اذا طالعنا هذه الصحيفة وأدعيتها المختلفة نلاحظ ذلك الأسلوب البياني المؤثر في نفس الانسان وحسب رأيي ربما كانت الصحيفة السجادية إن لم نعتبرها المصدر الأساسي فإنها تعتبر من المصادر الرئيسية للعرفان في الفكر الاسلامي..
المحاورة: وحتى في يومنا هذا ايضاً ترجمت الصحيفة السجادية الى لغات مختلفة ولاتزال محط انظار المترجمين في لغات مختلفة في العالم.
الشحمان: نعم مثل هذا الأثر الرائع لابد أن يترجم الى جميع لغات الأرض وسوف نشير بالاضافة الى الجانب النثري من شخصية الامام زين العابدين عليه السلام نشير الى بعض الأشعار التي قالها في مناجاته والتي حقيقة عندما تقرأ فإن الفرائص ترتعد منها...
المحاورة: لو سمحتم دكتور بإختصار لأن الوقت داهمنا.
الشحمان: نعم سوف أكتفي بقراءة نموذج واحد، يقول:
خلت دورهم منهم وأقوت عراصهم
وساقتهم نحو المنايا المقابر
فهم في بطون الأرض بعد ظهورها
محاسنهم فيها بوال دوائر
رحلوا عن الدنيا وما جمعوا لها
وضمتهم تحت التراب الحفائر
الشحمان: نعم نكتفي نظراً لضيق الوقت
المحاورة: نعم وحتى هذه القصيدة "ليس الغريب غريب الشأم واليمن" هذه ايضاً معبرة ومؤثرة جداً
الشحمان: نعم هي من القصائد المنسوبة للامام زين العابدين وربما كان هو قائلها يعني بعض الأشعار وردت عن الأئمة عليهم السلام وليس من الصعب عليهم أن ينظموا الأشعار ولكن هي قليلة بصورة عامة.
المحاورة: على العموم أشكركم بجزيل الشكر لهذه الايضاحات، حياكم الله دكتور
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: مستمعينا الكرام نشكركم لطيب متابعتكم حتى الملتقى اطيب التحيات.