خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان السلام عليكم. أطيب التحيات لكم ويسرنا أن نجدد اللقاء بكم عبر حلقة أخرى من برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد آملين أن تقضوا معنا أوقاتاً حافلة بالمتعة والفائدة عند ما اعددناه لكم لهذا الأسبوع من روائع الشعر العربي، تابعونا مشكورين.
المحاورة: أيها الأحبة قصيدتنا لهذا الأسبوع من نوع الشعر الحر الذي يندمج الشاعر في تجربته فيجود علينا بأشعار فيها من أحاسيسه الشيء الكثير وفيها من الصدق البالغ حد الإبداع مما لايخفى على المتلقي المتذوق للشعر. إنها قصيدة لشاعر الجزيرة العربية المبدع غازي القصيبي، الشاعر الذي جمع بين العملين السياسي والأدبي ولكنه أديب في النهاية مارس العملين الروائي والنقدي وقدم تجارب شعرية ناضجة طيلة عقود من السنين وتغى في شعره في مختلف الأغراض وفي مقدمتها المرأة والوطن والأمة ومن بين هذه الأشعار قصيدته التي إخترناها لكم لهذا الأسبوع والتي تحمل العنوان "حين تغيبين" وهي من نوع الشعر الحر الذي أبدع فيه القصيبي واثبت من خلاله أنه أقدر على التعبير عن تجربته الذاتية في اطار هذا النوع من الشعر وأنه يبدو لنا متحرراً من قيود التعبير التقليدي منطلقاً في آفاق الإبداع والقدرة على التأثير وخلق الكلمات والتعابير المشحونة باللغة الشعرية المؤثرة.
المحاورة: الشاعر يرى في هذه القصيدة أن وجود المرأة ضرورة وغيابها يعني بالنسبة اليه تبعثراً وتمزق الأشياء بين أجزاء الكون بل يعني لديه العذاب المقيم وتلقي طعانات الشوق الممضة وإنعدام القدرة على مواصلة مسيرة الحياة كما يعلن الشاعر ذلك بصوت عال كأنه يعلن عن حقيقة ثابتة من حقائق الحياة، فلنستمع اليه:

حين تغيبين

يبعثرني الشوق حين تغيبين

فوق الجبال وتحت البحار

ويسرلني في هبوب الرياح

وفي عاصفات الغبار

ويزرعني في السحاب الثقال

وراء المدار

وأواه لو تبصرين العذاب المكبل

في نظراتي

وفي كلماتي

وأواه لو تلمحين الخناجر

ترضع من ضحكاتي

وأعجب كيف أخوض الجموع

بدونك

وأرقص فوق الحراب بدونك

أمثل في مسرح الزيف ألف رواية

بألف حكاية

وأرجع عند إنسدال المساء

فأحلم أني وميت شقائي

بليل عيونك

ونمت ونام الشقاء

المحاورة: أيها الأحبة نجدد التحية من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وأنتم تستمعون الى برنامجكم سير القصائد. معنا في الستوديو خبير البرنامج الدكتور سعدي الشحمان الذي شرفنا بحضوره كعادته ليفيدنا نحن والمستمعين الكرام بمعلوماته وتحليلاته الأدبية القيمة. دكتور السلام عليكم وأهلاً بكم
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم ويشرفني أن أجدد اللقاء بكم وبالمستمعين الكرام
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا. دكتور نرجو منكم أن تحدثونا في حلقة اليوم وهذه المرة عن الشاعر والناقد والقاص السعودي المعاصر الذي سجل حضوره في مسيرة الأدب العربي المعاصر منذ عقود ليسهم في إغناء هذه المسيرة اذا صح التعبير من خلال نتاجاته الأدبية والشعرية.
الشحمان: في الحقيقة الشاعر والأديب والمفكر السعودي غازي عبد الرحمن القصيبي الذي يعتبر من جيل الخمسينات يمثل شاعراً وأديباً وسياسياً في نفس الوقت، شاعر متعدد المواهب لكنه إتجه الى المجال المحبب الى نفسه وهو الشعر والأدب رغم أن تخصصه يبدو بعيداً عن الشعر والأدب فقد تخصص في مجال القانون والعلاقات الدولية ونال شهادة الدكتوراه في هذا المجال. في الحقيقة هذا الشاعر والأديب يعتبر من الوجوه المتميزة والبارزة في الساحة الأدبية السعودية بشكل خاص والساحة العربية بشكل عام اذا أنه أغنى المسيرة الشعرية والأدبية في مجال الشعر وفي مجال الرواية والقصص القصيرة حتى أن بعض اعماله تحولت الى اعمال فنية في مجال الدراما والسينما فقد أسهم في مجال فن الرواية، نذكر ضمن الروايات التي قدمها والتي اشتهرت في حينها من مثل رواية "شقة الحرية" و "العصفورية" و "سعادة السفير" ورواية "عودة سائحاً الى كاليفورنيا" وأخيراً أقصوصة "ألزهايمر" التي نشرت بعد وفاته. في مجال الشعر قدم لنا الكثير من الدواوين، بالمناسبة الشاعر مقتدر في القالبين، القالب القديم والقالب الجديد ولكنه وكما ذكرتم وأنا شخصياً أراه يبدع أكثر في مجال القالب الحديث، في مجال الشعر الحر يعني يستطيع أن يطلق العنان لمشاعره وأحاسيسه ويستطيع أن يعبر بلغة مؤثرة وموحية، لغة شعرية في هذا النوع من الشعر. أول الدواوين التي قدمها هذا الشاعر ويعتبر ثالث ديوان وأذكره لأنه أثار ضجة في وقتها في البيئة المحافظة التي كان يعيش فيها في السعودية وهو كان قد قضى ردحاً من حياته في منطقة الأحساء وبعدها ذهب الى الرياض وهناك أصدر ديوانه "معركة بلا راية" أثير حوله الكثير من النقاش والجدل وإعترض المتزمتون على هذا الديوان حتى أنه شكلت محكمة للنظر في هذا الكتاب وأخيراً حكمت المحكمة لصالح الشاعر وأعلنت أن هذا الديوان لاشيء فيه مما يمس القوانين والتقاليد التي نعيشها كمسلمين. هنالك ايضاً ديوان او مجموعة شعرية اخرى وأشعار من جزائر اللؤلؤ. قضى فترة من حياته في البحرين ايضاً لذلك نراه يخص بعض القصائد بهذا البلد الذي عبر عنه أنه جزائر اللؤلؤ. وله قصيدة جميلة ورائعة ايضاً هذه القصيدة أثارت بعض الإحتجاجات لا كونها تتعارض مع القيم الدينية والعادات والتقاليد ولكن لكونه هاجم بشدة في هذه القصيدة واقع الإستسلام والمساومة والخنوع التي تعيشها الأمة وخاصة على صعيد الحكام، عنوان هذه القصيدة هو "للشهداء". أستشهدت احدى الفتيات الفلسطينيات فهاجم الشاعر الحكام الخانعين وذكر أن النساء أفضل منهم لأن هذه المرأة ضحت بنفسها في سبيل قضيتها وفي سبيل وطنها فإعترض عليه بعض المتزمتين ولكن هذه القصيدة اخذت مكانها واشتهرت بين الأوساط الأدبية والشعبية. بالإضافة الى أن هذا الشاعر له إسهامات صحفية متنوعة وله الكثير من المؤلفات. قال عنه احد النقاد المعاصرين الذي يعتبر استاذه في الحقيقة وهو الأديب عبد الله بن محمد الطائي، قال عنه "أخط أسم غازي القصيبي وأشعر أن قلبي يقول ها أنت امام مدخل مدينة المجددين"، أطلق عليه صفة التجديد وأطلقت عليه عندما أصدر ديوانه أشعار من جزائر اللؤلؤ "الدم الجديد" وكان فعلاً دماً جديداً سمعناه يهتف بالشعر في الستينات واستمر في هذا الهتاف وإستمر في التجديد في أسلوبه الشعري وفي ألفاظه ومواضيعه. على كل حال هذا الشاعر والأديب والمفكر والسياسي يعتبر من الوجوه المتميزة في الساحة وفي المشهد الأدبي العربي المعاصر وترك بصماته الواضحة.
المحاورة: روائياً وشعرياً
الشحمان: نعم على صعيد الشعر وعلى صعيد القصة والرواية وايضاً الدراسات ..
المحاورة: وحتى في مختلف الأغراض الشعرية كالمرأة والوطن والحرية..
الشحمان: وكما ذكرت حضرتك المرأة، المرأة ايضاً تحتل مساحة واسعة من إهتماماته كما تشهد لنا هذه القصيدة التي تفضلتم بإنشاد مقاطع منها.
المحاورة: دكتور شكراً جزيلاً لكم على هذه الإيضاحات حول شاعرنا لهذه الحلقة غازي القصيبي، هذا الشاعر السعودي المعاصر. مع الأسف الشديد لقد داهمنا الوقت لكن نشكركم بجزيل الشكر ونشكر مستمعينا الكرام
الشحمان: حياكم الله وأشكركم على حسن الإستضافة
المحاورة: نعم شكراً لكم دكتور وشكراً لكم مستمعينا حتى الملتقى أطيب التحيات ودمتم في الرعاية الإلهية.