البث المباشر

في ذكرى شهادة الإمام جعفر الصادق عليه السَّلام

الجمعة 28 يونيو 2019 - 11:54 بتوقيت طهران
في ذكرى شهادة الإمام جعفر الصادق عليه السَّلام

جعفر بن محمد الصادق، هو الإمام السادس من أئمة أهل البيت، وكانت فترة إمامته 34 عاماً، ولد في المدينة المنورة، واستشهد فيها وكان عمره يوم شهادته (65 أو 68) عاماً، ودُفِنَ في البقيع إلى جانب أبيه الإمام الباقر، وجدّه الإمام السجاد، والإمام الحسن ـ عليهم السَّلام.

لقد وفّرت فترة الانفتاح - التي حدثت ما بين نهاية الدولة الامويّة وبداية الدولة العباسيّة - في زمن إمامته حرية الحركة لنشر معالم الدين ، فذُكر أنه بلغ عدد تلامذته و من روى عنه 4000 شخصاً كما أخذت رواياته في المجالات المختلفة حيّزاً كبيراً من روايات أئمة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ فلذلك نُسب المذهب الشيعي إليه وسُمّي بـ (المذهب الجعفري). ويحظى شخصه بمكانة مميّزة من العلم عند أئمة مذاهب أهل السنة، كما روى عنه مالك بن أنس وعدّه أبو حنيفة أعلم أهل زمانه.

وبالرغم من أن حكومة الأمويين أضحت في زمان الصادق ـ عليه السَّلام ـ في منتهى ضعفها وتفسّخها، إلاّ أنه رفض طلب شيعته للقيام ضد الحكومة، فلم يساند ثورة عمه زيد بن علي وحذّر شيعته بالسعي وراء اسقاط الحكومة، كما رفض دعوة أبي مسلم الخراساني لتولي الخلافة.

وقد اتخذ التقية منهجاً له تجاه حكام عصره وأوصى أصحابه بذلك أيضاً وكان ذلك بسبب المضايقات السياسية التي واجهها من قبل الأمويين والعباسيين.

أسّس الإمام الصادق مؤسسة الوكالة لتواصل أكثر مع شيعته وللرّد على أسئلتهم وحلّ مشاكلهم، واتسعت بعده دائرة عمل هذه المؤسسة في عصر الأئمة الباقين حيث بلغت ذروتها في عصر الغيبة الصغرى. وقد انتشر الغلاة في عصره فكان ـ عليه السَّلام ـ يعارض آرائهم ويؤكد أنّ مَن قبِل آرائهم كافر ومشرك.

ورد في بعض المصادر أن الخليفة العباسي آنذاك استدعى الإمام الصادق من المدينة إلى العراق فسافر إليه وسكن لفترات قصيرة في كربلاء والنجف والكوفة، كما كشف عن قبر أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ لأصحابه وكان قبره مخفياً قبل ذلك.

المشهور بين الشيعة أن الإمام الصادق قد سُمّ بأمر المنصور العباسي واستشهد على أثره، وورد في الروايات الشيعية أنه ـ عليه السَّلام ـ أخبر أصحابه بأنّ الإمام من بعده هو ولده الكاظم ـ عليه السَّلام ـ إلاّ أنه ومن أجل الحفاظ عليه عيّن خمسة أشخاص ومنهم المنصور العباسي كوصي له. وبعد وفاته تشعبت الشيعة إلى عدة فرق: الإسماعيلية والفطحية والناووسية.

ذكر حوالي 800 كتاب في الإمام الصادق ـ عليه السَّلام ـ أقدمها «أخبار الصادق مع أبي حنيفة» و«أخبار الصادق مع المنصور» لمحمد بن وهبان الدبيلي (ت.القرن الرابع). وأشهرها الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر وموسوعة الإمام الصادق لمحمد كاظم القزويني وموسوعة الإمام الصادق لباقر شريف القرشي.

هويته الشخصية

هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب سادس أئمة أهل البيت. أمّه: السيدة (أم فروة) بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، كانت من سيدات النساء عفّة وشرفا وفضلا، فقد تربّت في بيت أبيها، وهو من الفضلاء في عصره، كما تلقّت الفقه والمعارف الإسلاميّة من زوجها الإمام محمد الباقر، وكانت على جانب كبير من الفضل، فقد كانت مرجعا للسيدات من نساء بلدها، وغيره في مهامّ اُمورهن الدينيّة، وكانت تعامَل في بيتها بإجلال واحترام من قِبل زوجها وباقي أفراد العائلة النبويّة.

ألقابه

الصادق: لقّبه به جدّه النبي الأكرم؛ لأنه أصدق الناس في حديثه وكلامه.

الصابر: لقّب بذلك؛ لأنه صبر على المحن الشاقّة، والخطوب المريرة التي تجرعها من خصومه الأمويين والعباسيين.

الفاضل: لقّب بذلك؛ لأنه كان أفضل أهل زمانه وأعلمهم، لا في شؤون الشريعة فحسب وإنما في جميع العلوم.

الطاهر: لأنه أطهر إنسان في عمله، وسلوكه واتجاهه في زمانه.

عمود الشرف: لقد كان الإمام عمود الشرف لجميع المسلمين.

القائم: لقّب بذلك؛ لأنه كان قائما بإحياء دين الله ، والذب عن شريعة سيّد المرسلين.

الكافل: لقّب بذلك؛ لأنه كان كافلا للفقراء، والأيتام والمحرومين، فقد قام بالإنفاق عليهم وإعالتهم.

المنجي: فهو المنجي من الضلالة، فقد هدى كل من التجأ إليه، وأنقذ كل من اتصل به.

كنيته

أبوعبد الله، وهذه الكنية هي التي اشتهر بها، وخاصة في الروايات الشريفة.

أبو إسماعيل.

أبو موسى.

ولادته وشهادته

اختلف المؤرّخون في السنة التي وُلد فيها الإمام الصادق ،وهذه بعض الأقوال:

إنه وُلد بـالمدينة المنورة سنة (80هـ).

وُلد سنة (83هـ) يوم الجمعة، ويقال: يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول.

وُلد سنة (86هـ).

استشهاده

لقد أعلن الإمام الصادق للناس بدنوّ الأجل المحتوم منه، وأن لقاءه بربّه لقريب، وكان من بين من أخبرهم بذلك شهاب بن عبد ربّه، قال: «قال لي أبو عبد الله  : كَيْفَ أَنْتَ إِذَا نَعَانِي‏ إِلَيْكَ‏ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ؟

قَالَ: فَلَمْ أَعْرِفْ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ‏.

قَالَ: فَإِنِّي يَوْماً بِالْبَصْرَةِ إِذْ قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ: يَا شِهَابُ، عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ.

قَالَ: قُلْتُ: وَمَنْ ذَاكَ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ؟! قَالَ: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.

قَالَ: فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَبِي عَبْدِ اللهِ فَخَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ، وَقُمْت‏».

لقد كان الإمام الصادق شجا يعترض في حلق الطاغية الدوانيقي، فقد ضاق ذرعا منه لنصبه وعدائه لـ(أهل بيت العصمة) ، فقد حكى لصديقه وصاحب سرّه محمد بن عبد الله الاسكندري يقول: «دخلت على المنصور فرأيته مغتمّاً، فقلت له: ما هذه الفكرة؟

فقال - الدوانيقي - : يا محمد، لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة ويزيدون، وبقي سيّدهم وإمامهم.

فقال محمد: من ذاك؟

فقال - الدوانيقي : جعفر بن محمد الصادق.

فحاول محمد أن يصرفه عنه، فقال له: إنّه رجل أنحلته العبادة، واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة.

ولم يرتضِ المنصور مقالته فردّ عليه: يا محمد، قد علمت أنّك تقول به، وبإمامته، ولكن الملك عقيم».

فأخذ الدوانيقي يضيّق على الإمام ، وأحاط داره بالعيون وهم يسجّلون كل بادرة تصدر من الإمام ، ويرفعونها له، وقد حكى الإمام ما كان يعانيه من ضيق بقوله: «عزَّت السلامة، حتى لقد خفي مطلبها، فإن تكن في شئ فيوشك أن تكون في الخمول، فإن طُلبت في الخمول فلم توجد فيوشك أن تكون في الصمت، والسعيد من وجد في نفسه خلوة يشتغل بها».

لقد صمم الدوانيقي على اغتيال الإمام غير حافل بالعار والنار، فدسّ إليه سمّاً فاتكاً على يد عامله على يثرب فسقاه به، ولمّا تناوله الإمام تقطّعت أمعاؤه، وأخذ يعاني الآلام القاسية، والأوجاع المؤلمة، حتى عرج إلى جوار ربه شهيدا مظلوما مسموما في شهر شوال، وقيل في النصف من رجب، واختلف المؤرخون في سنة شهادته على اقوال منها:

سنة (148 هـ )، وهذا هو المشهور.

سنة (146 هـ) .

وكان عمره عند شهادته (65) أو (68)عاماً على اختلاف الروايات.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة