من هي زينب يا ترى، لنعرف ماذا كان لها من شرائف الخصال، ومكارم الاخلاق وفضائل الفعال... هي السيدة العقيلة الكبرى ذات اشرف نسب، واسمى حسب، ذات النفس الكاملة، والقلب الروحاني الطاهر وذات الهمة العالية.
زينب، ما ادرانا من هي زينب! كأنها بوتقة سكبت فيها جميع الكمالات، ورشت بعطر جميع الفضائل والمكارم والحسنات، حتى أصبحت رمز العبادة والتسليم لأمر الله والرضى بقضائه، ورمز الغيرة والعفاف والشجاعة والبلاغة وقوة الجنان، ومثال الزهد والورع والعلم والشهامه... بل اصبحت في كل ذلك بعد اهل بيتها الطيبين مناراً يهتدى به في التحلي بأخلاق الله تبارك وتعالى، فيستلهم منها ثمار المعرفة، ونصرة الحق والدفاع عن حريمه المقدس، فهي احدى افلاذ كبد الزهراء، وبضعة المصطفى سيد الانبياء، وزينة روح علي سيد الاوصياء...
تلك العقيلة زينب تنمى الى
شرف يطول على السماء السامية
والبضعة الزهراء فاطم أمها
حدبت عليها... وهي تدعى (الحانيه)
والى علي وهو خير أرومة
نسب تبلج كالسماء الضاحيه
والجد احمد من أتى بشريعة
تهدي البرايا، للقيامة باقيه
كتب السيوطي في كتيب له اسمه (الرسالة الزينبية): ولدت زينب في حياة جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكانت لبيبةً جزلةً عاقلة، كما كان لها قوة جنان.
أجل... بهذا عرفت زينب العقيلة (سلام الله عليها)، وقد تلت اهل بيتها في الفضائل والمكارم والمقامات المعنوية، حتى كان الامام الحسين (عليه السلام) وهو اخوها الاكبر منها، وهو الامام المفترض الطاعة يقوم لها اجلالاً اذا قدمت عليه وزارته، وكان يجلسها في مكانه اذا استقبلها كما كان يفعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام). الى حوارنا مع الشيخ باقر الصادقي عما تحلت به (سلام الله عليها) من تجليات الأخلاق الالهية وجعلها تحظى بهذه المرتبة السامية عند اخيها الحسين (عليه السلام) وسائر اهل بيت النبوة (عليهم السلام).
*******
نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج (اخلاق زينبية) بنقل بعض الشهادات بشأن مقام السيدة زينب (عليها السلام):
المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم. شكراً لكم احباءنا وانتم تتابعون هذا البرنامج جعلنا الله واياكم من المستلهمين للاخلاق الفاضلة من سير اهل بيت النبوة (عليهم السلام) اجمعين، والآن مع ضيفنا الشيخ باقر الصادقي.
المذيع: سماحة الشيخ في الحلقة السابقة وضمن هذه الفقرة من فقرات البرنامج بينتم قضية الثقة بالله - تبارك وتعالى- وهي من اهم اخلاق السيدة زينب (عليها السلام) تجلت في مواقف كثيرة واشرتم الى منبعها واحد منابعها المهمة هي قضية شدة ايمانها بالله - تبارك وتعالى- ومعرفتها به - عزوجل-، ما هي ابعاد هذه الصفة من صفاتها (عليها السلام)؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، عندما نرجع الى سيرة الحوراء زينب (عليها السلام) ينقل ارباب السير والتاريخ انها في الحقيقة ذات معرفة وذات عرفان منذ نعومة اظفارها، تنقل هذه الحادثة ولعل المتأمل فيها قالت يا ابه اتحبنا يعني بعد ان اجلسها امير المؤمنين على حجره وهي كانت صغيرة قال بلى قالت: اذا كان ولابد يا ابه فالمحبة لله والشفقة لنا فقبلها امير المؤمنين (عليه السلام) وهذا ان دل على شيء فيدل على نبوغها في العلم وتوجهها ولذلك استمرت هذه الحالة بحيث كانت متميزة عندما خاطبها الامام زين العابدين (عليه السلام) لما كانت في الكوفة وكان يتكلم مع الطاغية عبيد الله بن زياد، كلمها وكلمته فقال اسكتي يا عمه فانت بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة.
المذيع: يعني سماحة الشيخ اشار الى العلم اللدني.
الشيخ باقر الصادقي: نعم هذا العلم اللدني الذي كان عند الحوراء زينب ما.
المذيع: وهذه من مراتب التقوى، واولياء الله - تبارك وتعالى- يتحفهم بهذا النمط من العلم، علم يقذقه الله في قلب من يشاء يشير ايضاً الى سمو مقاماتها بحيث تأهلت لهذا النمط من العلم.
الشيخ باقر الصادقي: نعم ولذلك يذكر وينقل ارباب السير والتاريخ انه لما مروا بها يوم الحادي عشر مع مجموعة السبايا والامام زين العابدين رمقته بطرفها وهو يجود بنفسه لما رأى من جثمان ابيه على تلك الحال والتي في الحقيقة اثرت فيه وكما اثرت في عالم التكوين فأخذ يجود بنفسه فأخذت تسليه بعض التسلية تورية قالت مالي اراك تجود بنفسك يا بقية جدي وابي ان هذا عهد من الله الى جدك رسول الله الى ابيك الحسين ولابد ان يقام في هذا المكان لابيك علماً لا يدرس على كرور الليالي والايام وليحاول الطغاة واشياع الكفر محو هذا المعلم فلا يزداد الا علواً وارتفاعاً وهذه الصورة واضحة في انها كانت لها علوم المستقبل، علوم لما يجري على قبر الامام الحسين (عليه السلام) وفعلاً حاول الطغاة عدة محاولات لمحو هذا العلم وهذا القبر فبقي شامخاً الى يومنا هذا.
المذيع: سماحة الشيخ الله - تبارك وتعالى- لا يطلع على غيبه الا من ارتضى فاذن يستفاد مما تفضلتم به مقام السيدة زينب (عليها السلام) فيما يرتبط بكونها مرضية عند الله - تبارك وتعالى-.
الشيخ باقر الصادقي: بلا شك انها مرضية وانها في الحقيقة كانت من جملة المؤهلات او الاسباب او مقومات هذا العلم الاتصال بالله - تبارك و تعالى- من خلال العبودية الصادقة وهذه العبودية في الحقيقة درجة يؤهل بها الانسان اذا كان تمتع بصدق العبودية ان يصل الى مراتب بحيث الله - عزوجل- يفيض عليه العلم يعني كانت (عليها السلام) من اولياء الله والله - عزوجل- يطلع اولياءه على بعض المغيبات وحدثت الحوراء زينب في شاهد آخر في الشام قالت يا يزيد كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا، سبحان الله هذا الذكر الى يومنا هذا بل الى ان يخرج صاحب العصر والزمان وترى في شرق الارض وغربها المجالس والمآتم وذكر اهل البيت و ذكر الحوراء زينب وكأن المستقبل مكشوف للعقيلة (عليها السلام).
المذيع: جعلنا الله واياكم من الفائزين بالتوسل والتخلق بأخلاق اولياء الله تبارك وتعالى ان شاء الله وشكراً للشيخ الصادقي وشكراً لكم.
*******
كتب محمد فريد وجدي في (دائرة معارف القرن العشرين) معرفاً: هي زينب بنت علي بن ابي طالب، كانت من فضليات النساء وجليلات العقائل.
كما كتب السيد جعفر بحر العلوم: ان من كمال معرفة زينب ووفور علمها، وحسن اعراقها، وطيب اخلاقها، كانت تشبه امها سيدة النساء، فاطمة الزهراء، في جميع ذلك.. في الخفارة والحياء ... كما كانت تشبه أباها في قوة القلب في الشدات، والثبات عند النائبات، والصبر على الملمات، وكانت الشجاعة الموروثة من صفاتها، والمهابة المأثورة من سماتها.
والى فضائلها الشريفة... كانت العقيلة زينب تحمل الكرم والاكرام، والتضحية والمواساة، والعطف والايثار، رغم كل ما جرى عليها من صروف ورزايا ومحن.
روي عن الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) ان عمته زينب الكبرى تؤدي صلاتها من قيام... الفرائض منها والنوافل، وذلك عند سير القوم بهم أسارى من الكوفة الى الشام، ولكنها في بعض المنازل كانت تصلي من جلوس، لشدة الجوع والضعف، لأنها كانت تقسم ما يصيبها من الطعام على الاطفال واليتامى فتطوي جوعاً ثلاثة ايام، فالقوم كانوا يدفعون لكل واحد من الأسرى رغيفاً واحداً من الخبز في اليوم والليلة!
وفي بحار الانوار... كتب العلامة المجلسي: أن الرسول الذي ساير اهل البيت في طريقهم من الشام الى المدينة قد أحسن صحبته لهم، فلما قربوا من المدينة قالت فاطمة بنت امير المؤمنين (عليه السلام) لأختها زينب: قد وجب علينا حق هذا، لحسن صحبته، فهل لك ان تصليه؟ فأجابتها زينب (عليها السلام) الى ان تجمع لها ما تبقى لديهم وبعثوه الى الرسول، معتذرين من قلته قائلين له: هذا بعض جزائك، لحسن صحبتك ايانا.
وكأن هذا الرسول الذي ارسل معهم دليلاً للطريق نحو المدينة، قد اعجب بآل رسول الله، فرأى عبادتهم واخلاقهم ما جعله يواليهم ويجعلهم، فارجع جوابه الى زينب وكرائم الوحي والرسالة: لو كان الذي صنعته للدنيا، كان في دون هذا رضاي....
ولكن والله ما فعلته الا لله، ولقربتكم من رسول الله.
فسلام عليك يا زينب في الاولين والآخرين، وسلام عليك رمزاً يفتخر به هذا الدين، وسلام وصلاة عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين.
*******