بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين، أهلا بكم ايها الأعزاء في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
قال سيد الوصيين علي عليه السلام: "انتَفِعُوا ببيان الله، واتَّعِضُوا بمواعظِ الله، واقبلوا نصيحة الله. فإنَّ الله قد أعذر إليكم بالجليَّةِ، وأخذَ عليكم الحُجَّة، وبيَّنَ لكم محابَّهُ من الأعمال ومكارههُ منها، لتَتَّبِعُوا هذه وتَجتَنِبوا هذه"، فإنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كان يقول "حُفَّتِ الجنةُ بالمكاره وحفت النار بالشهوات" …مستمعينا الأعزاء: المراد ببيان الله، ومواعظه ونصيحته في كلام الامام عليه السلام هو القرآن الكريم. و(أعذر إليكم):أي أزال عذركم ولم يبق لكم موضعاً للإعتذار و (الجلية): الواضحة. و المراد بذلك آيات القرآن الكريم. و(أخذ عليكم الحجة): أي البيّنة الصحيحة، والمراد: قد علموا أوامره و نواهيه فلا حجة لهم في تركها، قال تعالى"قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ"(سورة الأنعام الاية المئة والتاسعة والاربعون).
(وبيَّن لكم محابَّة من الأعمال): أي ما أمركم به. و(مكارههُ): أي الأعمال التي يكرهها. والمراد: ما حرَّمه عليكم. وأمَّا كلام الرسول صلى الله عليه واله وسلم "حفت الجنة بالمكاره": فإن الأعمال التي تؤدي بكم الى الجنة كريهة لكم وفيها بعض المشاق عليكم، كالوضوء والغسل في الشتاء، والصوم في الصيف، وأمَّا قوله صلى الله عليه واله وسلم "وحفت النار بالشهوات": فانَّ الأعمال التي تؤدي بكم الى النار فهي ما تشتهيه أنفسكم، وتهواه قلوبكم كحب الجاه والسلطة والغناء واللهو والغيبة وحبس الحقوق الشرعية وغير ذلك.
ونبقى –أيها الأعزاء – مع كلام أميرالمؤمنين علي عليه السلام المليء بالحكمة و الموعظة الحسنة حيث يقول: "واعلموا أنه ما من طاعة الله شئ إلا يأتي في كُرهٍ، وما من معصية الله شئ إلا يأتي في شهوةٍ فرحم الله رجُلاً نزع عن شهوته، وقمع هوى نفسه، فإنَّ هذه النفس أبعد شئ ٍ منزَعاً، وإنها لاتزال تنزع إلى معصيةٍ في هوى". مستمعينا الأعزاء:هنا أيضاً يحذّرنا وينبهنا الامام الرّؤوف علي عليه السلام من الشهوات والأهواء التي تهلك الأفراد والجماعات وتؤدي بهم الى الهاوية والسقوط وسوء العاقبة، (فرحم الله رجلاً نزع عن شهوته): أي كفّ وانتهى، (وقمع): أي قلع (هوى نفسه): ما تهواه من المحرّمات. (فانّ هذه النفس أبعد شئ منزعا):أي رجوعاً عن المعصية، قال تعالى "إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ"(سورة يوسف الاية الثالثة والخمسون).
وختاماً- أيها الأكارم- نتقدم لحضراتكم بالشكر الجزيل على حسن المتابعة وجميل الإصغاء وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم.