بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد المختار وآله الطيبين الأبرار، أهلا بكم – أيها الأعزاء – في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتا طيبا ومفيدا.
قال أميرالمؤمنين علي عليه السلام:"وإنما هلك من كان قبلكم بطول آمالهم وتغيب آجالهم، حتى نزل بهم الموعود الذي ترد عنه المعذرة، وترفع عنه التوبة، وتحل معه القارعة والنقمة" مستمعينا الأعزاء: في هذه الحكمة البليغة االنورانية لإمام المتقين علي عليه السلام تنبيه واضح وجلي وتحذير للجميع من طول الأمل وعدم أخذ العبرة من الموت الذي لا بد منه، (وإنما هلك من كان قبلكم بطول آمالهم) فالسبب الذي دعاهم إلى ارتكاب المعاصي والمنكرات وترك المعروف هو طول أملهم بالدنيا، استبعادهم الموت، وترك الإستعداد له. (حتى نزل بهم الموعود) وهو الموت (الذي ترد عنه المعذرة) وهي التوبة، والمراد من كلامه عليه السلام: إذا داهمهم الموت فلا تقبل معذرتهم، ولاتنفعهم توبتهم وندامتهم، قال الله تبارك وتعالى: "فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ{۸٤} فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ{۸٥}" (غافر ۸٤ – ۸٥)صدق الله العلي العظيم.
والقارعة: الشديدة من شدائد الدهر.
ونستمر بالإستماع – أيها الأعزاء – لكلام أميرالمؤمنين علي عليه السلام الهادي إلى الحق حيث يقول:(أيها الناس، إنه من استنصح الله وُفُّقَ، ومن اتخذ قوله دليلا هدي للتي هي أقوم، فإن جار الله آمن وعدوّ الله خائف، و إنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله يتعظم، فإن رفعة الذين يعرفون ما عظمته أن يتواضعوا له، وسلامة الذين يعلمون ما قدرته أن يستسلموا له. فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الأجرب والبارئ من ذي السقم واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتي تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنهم عيش العلم، وموت الجهل. مستمعينا الأكارم: يتعظم أي يتكبر، والمراد: ينبغي للمسلم التواضع، وترك التكبر، فهو من أضعف المخلوقات، تقتله الشرقة، وتؤلمه البقة، وتنتنه العرقة، لا سيما دعاه للتواضع جبار السماوات والأرض. و(فلا تنفروا) أي فلا تفزعوا و(البارئ): المعافى و(ذوالسقم): ذو المرض. واعلموا – أيها الأكارم – إن من تمام معرفة نهج الحق معرفة من تركه، والإبتعاد عنه والحذر منه والتحذير من مصاحبته. ويجب أن نطلب الرشد ومنهج الحق من أهل الحق وهم محمد وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) نسأله تعالى أن يحشرنا مع محمد وآل محمد في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب.
أيها الأحبة الكرام، إنتهى الوقت المخصص للبرنامج، شكرا لكم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم.