السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات...
تحية من الله مفعمة بالرحمة والبركات نحييكم بها ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج.
أيها الأكارم، حملت قصة إعتناق الأخت البريطانية لورين بوث دروساً مهمة تضاعف إعتزاز المسلمين بإسلامهم وتزيد من إقبالهم على الإلتزام بأحكامه وقيمه، وقد تطرقنا لبعض هذه الدروس في حلقة سابقة من برنامج (أسلمت لله) ونحن نستعرض لكم قصة إهتداء هذه الكاتبة والإعلامية المرموقة شقيقة زوجة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
فقد كتبت قصتها في مقال مؤثر نشرته بتأريخ ۲۳/اكتوبر/۲۰۱۰ ترد فيه على إعتراضات المعترضين عليها بسبب إعتناقها الإسلام في حرم السيدة الجليلة فاطمة المعصومة بنت الإمام الكاظم عليهما السلام في مدينة قم المقدسة.. نتابع معاً في هذا اللقاء إستلهام الدروس من قصتها، فتابعونا على بركة الله.
(الصلاة) الإسلامية والدعاء والتوجه إلى الله عزوجل في تراث أهل البيت عليهم السلام كانت من أهم العوامل التي فتحت أمام الأخت لورين آفاق التحولات والسعادة المعنوية التي ذاقت طعمها.. تقول هذه الأخت في عنوان (الآن وقد أصبحت مسلمة)، ما ترجمته: (إن التحولات التي بدأت أشعر بها أخذت مكانها في العام الماضي فلم يلحظ أحد أنني أخذت أقول في دعائي "الله" بدلاً من "الرب" ومع أن معناهما واحد إلا أنه بالنسبة للمعتنق الجديد للإسلام قد يشكلان عقبة فهم لغوية فيما يتعلق بطبيعة لغة الكتاب المقدس.
ولكني تغلبت على هذه العقبة دون أن يلحظني أحد، ثم جاء بعد هذا التحول تحول آخر تمثل في الشعور العاطفي والتدفق الذي كنت أشعر به وأنا في رفقة المسلمين، لقد بدأ أصدقائي وزملائي من غير المسلمين يبدون قساة القلوب بشكل مفرط.
لقد رأيت مشاعر متبادلة تنم عن الحب في بيوت المسلمين وحول صينية من الحلوى المعسلة، وعندها بدأت أتساءل لماذا لا ينتبه أصدقائي الذين أحبهم وأحترمهم لهذه الشعائر.
وأخيراً، شعرت بما يشعر به المسلمون عندما يكونون في صلاة حقيقية: إنسجام عذب ورعشة من الفرح أشعر فيها بالإمتنان لكل ما أمتلكه، أولادي وما أشعر به من الأمان، وبكل تأكيد لا أريد أكثر من ذلك – بجانب الصلاة – لأكون سعيدة تماماً).
أيها الأطائب، نتلمس في تجربة إعتناق الأخت البريطانية لورين بوث للإسلام حقيقة أن السعادة التي يحققها الدين الإلهي الحق للملتزم بأحكامه هي أولاً سعادة حقيقية وليست وهمية وثانياً هي سعادة تنسجم مع النوازع الفطرية للإنسان وتستجيب لتطلعها في مسيرة متوازنة.
هذه الإعلامية البريطانية أسلمت لله بدينه الحق وهي في بداية العقد الخامس وفي إكتمال رشدها الفكري ولذلك عرفت السعادة الحقيقية التي يضمنها الإسلام لإتباعه.. تقول حفظها الله ما ترجمته:
(قال لي الشيخ الذي أسلمت على يديه في مسجد في لندن منذ بضعة أسابيع: لا تتعجلي؛ خذي الأمر ببساطة، الله ينتظرك، ولا تلقي بالاً لمن يقول لك يجب عليك أن تفعلي كذا أو ترتدي كذا أو أن يكون شعرك هكذا، فقط إتبعي ما يمليه عليك ضميرك، إتبعي القرآن الكريم ودعي الله يرشدك).
وهكذا أنا الآن أعيش في الواقع وليس مثل شخصية جيم كيري في ترومان شو.. لقد أدركت الكذبة الكبرى التي هي واجهت حياتنا المعاصرة والمتمثلة في أن المادية والإستهلاكية والجنس والمخدرات هي التي ستمنحنا السعادة الدائمة، ولكنني نظرت أيضاً خلف هذا المظهر الزائف فرأيت عالماً غنياً بالحب والأمل والسلام، وفي هذه الأثناء فأنا أواصل حياتي اليومية، أطبخ العشاء وأقدم برامج التلفزيون عن فلسطين، أصلي قرابة نصف ساعة في اليوم.
والآن يبدأ يومي بصلاة الفجر حوالي الساعة السادسة صباحاً، ثم أصلي مرة أخرى في الواحدة والنصف، وأخيراً أصلي في حوالي العاشرة والنصف مساء، كما أنني أتقدم في قراءة القرآن حيث قرأت حتى الآن مائتي صفحة ودائماً ما أطلب النصيحة من الأئمة والمشايخ، والجميع قالوا لي إن رحلة كل فرد إلى الإسلام هي رحلة خاصة به والبعض يلتزم بحفظ النص الكامل للقرآن قبل التحول للإسلام؛ ولكن بالنسبة لي فإن قراءة القرآن بالكامل ستتم ببطء وبوتيرتي الخاصة).
أيها الأطائب، وفي قصة الأخت البريطانية لورين بورث نجد إشارة لطيفة إلى أثر الإنماء الروحي الإسلامي في تقوية إرادة الإنسان وجعله يتغلب على أشكال الصعاب التي تواجهه.
تقول حفظها الله في المقطع الختامي من مقالها عن قصة إسلامها ما ترجمته: (في الماضي باءت محاولتي للإقلاع عن شرب المشروبات الكحولية بالفشل؛ ولكن منذ تحولي إلى الإسلام لا أستطيع مجرد تخيل نفسي وأنا أشرب مرة أخرى، ولا يتطرق إلي الشك في أن الإسلام هو من أجل الحياة: هناك الكثير في الإسلام الذي يمكن أن أتعلمه وأستمتع به، وفي الأيام القليلة الماضية سمعت من نساء أخريات تحولن إلى الإسلام وقلن لي إن هذه هي البداية فقط، وأنهن ما زلن يحببن الإسلام بعد عشرة أو عشرين عاماً على إسلامهن.
وفي ملاحظة ختامية أود أن أقدم ترجمة سريعة بين الثقافة الإسلامية وثقافة الإعلام، وهو ما يمكن أن يساعد على الشفاء من لدغة الصدمة التي تسبب فيها تغييري لحياتي لكثير منكم؛ فعندما كان يظهر المسلمون في محطة بي بي سي الإخبارية وهم يصيحون "الله أكبر" في سماء شرق أوسطية صافية، تدربنا نحن الغربيين على أن نسمع: "نكرهكم جميعاً أيها البريطانيون ونحن في طريقنا إلى تفجير أنفسنا في متاجركم وأنتم تشترون بضائعكم".
في الحقيقة، ما نقوله نحن المسلمون هو "الله أكبر" ونحن مطمئنون في حزننا بعد أن قامت الدول غير الإسلامية بمهاجمة قرانا وبشكل طبيعي، فإن هذه العبارة (الله أكبر) تعلن عن رغبتنا في العيش في سلام مع جيراننا ومع الله ومع زملائنا في الإنسانية، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، فقط أن يتركنا الآخرون نعيش في سلام سيكون ذلك طيباً).
وبهذا ننهي أيها الأحبة حلقة اليوم من برنامجكم (أسلمت لله) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران نشكر لكم كرم المتابعة ودمتم بألف خير.