لطالما ارتبطت التكنولوجيا النووية بالسياسة بسبب ضغوط القوى العظمى، وهي معروفة أكثر بالجدل الدولي. لكن ما يغيب عن الأنظار هو المساهمة الكبيرة لهذه المعرفة المتقدمة في التطور العلمي وتحسين نوعية حياة الناس.
فعلى عكس الاعتقاد السائد، لا تقتصر الطاقة النووية على توليد الكهرباء أو وقود المفاعلات فحسب؛ بل تتمتع أيضًا بقدرات استثنائية في مجالات مثل علاج السرطان، محاكاة الفضاء، إنتاج المعدات الطبية، التصوير الصناعي، وحتى الزراعة الخفية.
وقل اهتمام وسائل الإعلام بالجانب العلمي للتكنولوجيا النووية في خضم الضجة السياسية والاقتصادية؛ وهو جانب خفي تُعتبر فيه الجمهورية الإسلامية الإيرانية من الدول الرائدة في المنطقة. وفي حين طُوِّر جزء كبير من الأبحاث والتقنيات الجديدة في مراكز إيران المحلية، إلا أن العديد من هذه الإنجازات لا يزال مجهولاً للعامة.
ويتطلب سرد هذه النجاحات منظوراً علمياً محايداً، قادراً على مقاربة الصورة الحقيقية للقوة العلمية للبلاد، بغض النظر عن الجدل الإعلامي.
في هذا المشروع، تم تحضير المستحضر الصيدلاني الإشعاعي "⁶⁸Ga-RM₂"، بنقاء كيميائي إشعاعي يزيد عن 99% وفعالية تزيد عن 85%، في ظل ظروف مثالية. ودخل هذا المستحضر الصيدلاني الإشعاعي مرحلة الدراسات ما قبل السريرية بعد فحص ثبات المركب في محلول PBS العازل وفي وجود مصل بشري، وأخيرًا، تم إنتاج عينة سريرية قابلة للحقن في المريض.
يُظهر هذا الإنجاز قدرات باحثي البلاد في مجال المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية التشخيصية المتقدمة، والتي لعبت دورًا بارزًا في تشخيص أنواع معينة من السرطان بدقة وسرعة أكبر في السنوات الأخيرة.
أظهرت الدراسات الخلوية التي أُجريت على هذا المستحضر الصيدلاني الإشعاعي أن مركب "⁶⁸Ga-RM₂" يتمتع بقدرة عالية جدًا على الارتباط بالخلايا التي تحتوي على مستقبل GRP (مستقبل الببتيد المُحرر للغاسترين) في المختبر. وتظهر هذه المستقبلات بشكل رئيسي على سطح بعض خلايا الورم، ولهذا السبب، أدى استهدافها بمساعدة مستحضرات صيدلانية إشعاعية محددة إلى إحداث ثورة في دقة تشخيص السرطان.
كما أظهرت دراسات التوزيع الحيوي لهذا المستحضر الصيدلاني الإشعاعي في فئران المختبر الحاملة لأورام تحتوي على GRP، خصوصية عالية للمركب تجاه أنسجة الورم وقلة تراكمه في الأنسجة غير المستهدفة. وهذا يعني أن الدواء كان قادرًا على الارتباط بفعالية فقط بالخلايا السرطانية المستهدفة دون اختراق أنسجة الجسم السليمة الأخرى؛ وهي مسألة بالغة الأهمية فيما يتعلق بسلامة وفعالية التصوير.
كما أظهرت نتائج هذه الدراسات أن "⁶⁸Ga-RM₂" مستحضر دوائي إشعاعي مناسب جدًا لتصوير PET للأورام التي تحتوي على مستقبلات GRPRS. ومن المؤمل أن يلعب هذا المستحضر الصيدلاني الإشعاعي دورًا فعالًا في التشخيص المبكر للسرطانات في المستقبل القريب، وأن يكون أداة جديدة للأطباء.
مجال التطبيق والسوق المستهدف
يمكن حقن المستحضر الصيدلاني الإشعاعي "⁶⁸Ga-RM₂" في المرضى المصابين بأنواع معينة من السرطانات، مثل سرطان الثدي، الورم الأرومي الدبقي (نوع من أورام الدماغ الخبيثة)، وسرطان البروستاتا المبكر. ويمكن أن يساعد استخدام هذا المستحضر الصيدلاني الإشعاعي الأطباء على تحديد الأورام بدقة أعلى، ووضع خطة علاجية أكثر ملاءمة.
الخطوة التالية والآفاق المستقبلية لاستخدام هذه التقنية
نظرًا لمزايا التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) مقارنةً بالطرق القديمة مثل SPECT، فاليوم يُولى اهتمام خاص للنظائر المشعة المُصدرة للبوزيترونات. وتُعد هذه النظائر المشعة مفيدة بشكل خاص في التشخيص المبكر والدقيق للسرطانات.
في الوقت نفسه، يُعتبر "الغاليوم-68 (⁶⁸Ga)" عنصرًا قيّمًا نظرًا لخصائصه الفيزيائية والكيميائية الفريدة وسهولة إنتاجه بواسطة المولدات.
أظهرت النتائج الحديثة للدراسات على الحيوانات أن الصور المُلتقطة باستخدام "⁶⁸Ga-RM₂" تُقدم جودة عالية في تصوير الأورام بدقة عبر GRP.
لذلك، من المتوقع أن يُدرج هذا المستحضر الصيدلاني المشع، بعد استكمال مراحله السريرية، في القائمة الرسمية لأدوية التصوير في البلاد، ويُستخدم في المراكز الطبية في جميع أنحاء البلاد.
من المؤمل مع تطور هذه التقنية أن يستفيد المرضى الإيرانيون قريبا من هذه الطريقة الجديدة والدقيقة للتشخيص المبكر للأمراض التي يصعب علاجها.