نتحدث الآن عن احد مقاطع زيارة الجامعة التي يطلق عليها (الجامعة الكبير) تمييزاً لها عن زيارات اخرى متنوعة وتتميز هذه الزيارة بطولها وبلاغتها التي نسجها الامام الهادي(ع) بناءاً على طلب احد الموالين... وقد حدثناك عن جملة مقاطع منها بحسب تسلسل النص ووصلنا الى المقطع الاتي (السلام على الائمة الدعاة والقادة الهداة، والسادة الولاة، والذادة الحماة)... هذا المقطع حدثناك عن عبارتين او سمتين من سمات الائمة عليهم السلام وكذلك فاطمة الزهراء(ع) وهي الائمة الدعاة والقادة الهداة، حدثناك عنهما في لقاءات سابقة ونحدثك الان عن السمتين الآخريين وهما: (السادة الولاة) و (الذادة الحماة)...
قبل ان نحدثك عن هاتين السمتين يجدر بنا تذكيرك بما قلناه وكررناه في لقاءات سابقة ان بيت العصمة عليهم السلام يتميزون بفصحة الكلام ايضاً من زاوته الفنية والعلمية لذلك عندما يلاحظ قارئ الدعاء بعض السمات وكأنها قد تكررت او كأنها مترادفة فيما بينها وهذا ما ينبي علينا ان ننفيه بتاتاً، لان الترادف سمة عابثة تنزه المعصومون عنها دون ادنى شك... ولذلك على قارئ الدعاء الا يخطر بباله عندما يلاحظ عبارات متشابهة مع سابقتها بان الموضوع هو ترادف او تكرار بل عليه ان يقف عند كل مفردة وعبارة وفقرة ومقطع وقسم بل النص الكامل لينكشف بان المسألة ليست كذلك بل ان لكل عبارة دلالتها المتميزة عن سواها.
والآن لنتحدث عن العبارة القائلة (والسادة الولاة) ... بدون الدخول في مقدمات او تفصيلات يتعين على قارئ الدعاء ان يفهم بانه امام عبارات تتسم بوضوح سافر ولكنها تتسم في الآن ذاته بعمق ملحوظ.
تقول العبارة عن المعصومين عليهم السلام انهم "السادة الولاة" وببساطة كما اشرنا السادة لا يجهل دلالتها احد انها جمع للسيد كذلك الولاة هي جمع للولي، ومعناها كل من ولي امراً لاحد وعندما يقول بان الائمة عليهم السلام "السادة والولاة" معناه الشخصيات التي شرفت واصبحت لهم السيطرة على الآخرين، وهذا يعني انهم عليهم السلام لهم شرف السيطرة على الآخرين ولهم شرف الولاية عليهم السلام أي يلون امورهم هذا المعنى اللغوي ينسحب بوضوح على الشخصيات المعصومة عليهم السلام، بيد ان السؤال من الزاوية البلاغية هو ان الدعاة والقاة وامثالهما من السمات التي رسمها الامام الهادي(ع) في هذه الزيارة اليست متشابهة مع سمات السادة والولاة ....
الاجابة على السؤال المتقدم ليس الامر كذلك ان لكل مفردة دلالتها المتميزة عن سواها، وبما ان الائمة عليهم السلام معصومون من الذنب ومن الخطأ حينئذ فان الله تعالى رسم لهم موقعاً ريادياً يتميزون به عن سواهم نظراً لتميزهم العبادي أي ان ممارستهم للطاعة بلغت اعلى مستوياتها وهو امر يثمنه الله تعالى ويقدره حيث عرف من خلال علمه المسبق بما سيسلكونه من مبادئ الطاعة انهم متميزون عن سواهم ومن ثم منحهم درجة لم تمنح بقدرها لاحد جزاءاً لطاعتهم وهو منتهى الاحسان من الله تعالى حيث يقرر في كتابه الكريم (هل جزاء الاحسان الا الاحسان)؟ وهو جزاء دنيوي واخروي، كما هو واضح المهم مادام المعصومون عليهم السلام بلغوا هذه الدردة حينئذ فان الضخامة والشمولية في ممارسة الطاعة لديهم جعلتهم ايضاً ذوي ضخامة وشمولية في ممارسة سلوكهم العبادي ولذلك تتفرع سماتهم وتتسع بقدر طاعتهم لله تعالى كما قلنا.
وفي ضوء هذه الحقيقة نجدهم سادة بمعنى تسيدهم على الآخرين حيث ان الآخرين لم يبلغوا مداهم في الطاعة وهم الولاة عليهم السلام أي يكون امورهم حيث ان المعضوم من الذنب ومن الخطأ اولى من سواه بالنسبة الى تسيير امور الآخرين ولذلك على سبيل المثال عندما تقول الزيارة في هذا المقطع بانهم عليهم السلام "سادة" على الآخرين تختلف هذه السمة عن سمة تبدو وكأنها متماثلة ذكرها الزيارة في المقطع السابق وهي سمة "القادة" حيث ان "القائد" يختلف عن "السيد" وعن "الولي" بصفة ان القائد هو شخصية تقود الآخرين بينما "السيد" شخصية يخضع لها الآخرون، واما "الولي" فيختلف عنهما بكونه يلي او يتولى ادارة شؤونهم فالقيادة والسيادة والادارة كل واحدة وان تماثلت في سمات مشتركة ولكنها تخالفت في سمات منفردة بالنحو الذي اوضحناه.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
المحاور:سماحة الشيخ حسان سويدان في ثلاث حلقات سابقة تحدثتم عن موضوع الولاية التكوينية وقد عرضنا على سماحتكم سؤال بشأن عرض اجمالي بشأن ادلتها ان كان لها اشارة في القرآن الكريم او في الاحاديث الشريفة المتفق عليها؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين بلا شك ولا ريب اننا نستطيع ان نتلمس في القرآن الكريم وفي الاحاديث الشريفة كثير من المواطن التي وعد الله سبحانه وتعالى انه من خلالها يخرق قانون الطبيعة العام بمعنى جعل قانون اعلى وارقى حاكماً على المعدات المادية. من القضايا الصريحة في القرآن الكريم هي ان شخصاً كان موكلاً بخدمة نبي من الانبياء وهو آصف بن برخيا الذي هو في خدمة نبي الله سليمان (عليه السلام) وهو ليس نبي وليس امام بالمعنى الذي نعتقده في اوصياء الانبياء وبالاخص اوصياء نبينا (عليهم السلام)، قال له انا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك يعني عرش بلقيس قال انا اصنع لك مثيلاً ايضاً، هذا خرق للعادة لكن قال له انا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك وقد عبر عنه القرآن الكريم «قال الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك به» ومن بلاشك الظهور الواضح الغري في اللغة العربية انها للتبعيض فكيف بمن ثبت في محله بأدله كثيرة جداً انه افضل من آصف بن برخيا بل افضل من آمره وهو النبي سليمان (عليه السلام) وفي هذا المجال نشير الى الآية الكريمة وهي قوله تعالى «كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب»، فهل من علم الكتاب الكامل عنده كمن ليس له علم من الكتاب، وهل من علم الكتاب الكامل عنده كمن عنده بعض علم الكتاب وهذا الذي عنده البعض يقدر على الاتيان بعرش بلقيس من المكان البعيد في لحظة قبل ان يرتد بصرك. قول فصل لأنه قول القرآن الكريم «وما هو بالهزل» و«ما فرطنا في الكتاب من شيء» كلام عربي مبين واضح لا ينكره اسلامي لو انكره لانكر ضرورة قرآنية حينئذ نقول ورد في الروايات الصحيحة المستفيضة ان المعني بقوله ومن عنده علم الكتاب هو امير المؤمنين (عليه السلام) فهو الاقدر على هذا التصرف وعلى هذا الفعل، اقول لماذا يستغرب بعض الناس المقام لم يكن مقام المعجزة هنا بالمعنى الاصطلاحي للمعجزة، هناك كثير من القضايا التي قصها القرآن الكريم في احياء الموتي او في خلق بعض الامور على خلاف الطبيعة بعد ان اثبت النبي نبوته بالمعجز يبقى يفعل للناس اشياء زائدة على اصل المعجز الذي اثبت نبوته قضية نبي الله عيسى معجزته كانت احياء الموتى يكتفي في الاعجاز ان يحيي ميتاً واحداً. او قضية نبي الله موسى وقضية ذبح البقرة فأضربوه ببعضها فأنه بأذن الله امكن للانبياء وامكن لبعض من كان في خدمة الانبياء كآصف بن برخيا ان يفعلوا هذه الامور الخارقة لنواميس الطبيعة، فكيف يستبعد ذلك على من كان اكمل من هؤلاء بالادلة القطعية عندنا على مستوى الكتاب والسنة فأن علياً (عليه السلام) هو نفس النبي كما ورد في آية المباهلة ولا شك عند جميع المسمين ان النبي هو افضل الكل في الكل مضافاً الى هذا لا يفوتني ان اشير الى روايات امتلاك الاسم الاعظم والذي ورد في كثير من المأثورات اي ان التصرف الخارق للعادة يكون على اساس ما يمتلكه الانسان من احرف هذا الاسم الاعظم وقد ثبت في الروايات المستفيضة عندنا ان ائمة الهدى (عليهم السلام) والنبي الاعظم يمتلكون من هذا الاسم نفس الاحرف وهي اكثر بكثير مما امتلكه بعض الانبياء (عليهم السلام).
المحاور:سماحة الشيخ حسان سويدان اشرتم الى هذه القضية في شبهة او في رد شبهة تفضيل الائمة (عليهم السلام). شكراً لكم.
*******