ورُوِيَ عن الإمام علِي عليه السلام، أنه قال: "زُرْ فِي اللّهِ أَهْلَ طاعَتِه، وَخُذِ الْهِدايَةَ مِنْ أَهْلِ وِلايَتِه".
أمران اشتملت عليهما هذه الوصية العلوية الكريمة، أولهما: زيارة أهل طاعة الله، والثاني: أخذ الهداية من أهل ولاية الله، والأمر الجامع أن يكون الإنسان مع الصادقين الذين يمسكون بيده إلى الله تعالى ويُوَثِّقون علاقته به.
أما زيارة أهل طاعة الله: فقد حَثَّت النصوص الدينية الشريفة على زيارة الإخوان، وأن تكون الزيارة في الله، أي يزورهم امتثالاً لأمره تعالى، وأن يكون الزائر والمزور على الحال التي يرضاها الله، فلا غيبة ولا نميمة ولا أحاديث في الباطل، ولا حال يُلهي عن الله، أو عما يفيدهما في دنياهما وآخرتهما، وهذا يدل على أهمية الزيارة عند الله تعالى، ولا عجب في ذلك، فإن الله تعالى يريد للمجتمع المؤمن أن يكون كالبنيان المَرصوص، يُحِبُّ بعضهم بعضاً، ويُحِبُّ أحدهم لأخيه ما يحبه لنفسه، ويكره له ما يكره لها، حتى يكون مجتمعهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "مَثَلُ المؤمنِينَ في تَوادِّهِم وتَراحُمِهِم وتَعاطُفِهِم مَثَلُ الجَسَدِ، إذا اشتَكى مِنهُ عُضوٌ تَداعى لَهُ سائرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمّى". ومما لا شك فيه أن التزاور بينهم يعمِّق العلاقة ويشدُّ حبالة المودة فيما بينهم.
زيارة الأخ في طاعة الله تحيي القلب
إن زيارة الأخ في طاعة الله تحيي القلب، والدين، والقِيم، وتزيد في الإيمان، وتحمل الزائر والمزور على مزيد من الطاعة، والاستقامة، وتنبت المودة، وتزيد في معارف الإنسان وقوة عقله، وسلامة طويته.
وكشفت النصوص الشريفة عن بركات زيارة الأخ في الله، وأنه يزور الله، فالله سبحانه هو المزور في الحقيقة، ولا ريب في أن من يزور الله يُبارَك فيه وفي زيارته، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: "مَن زارَ أخاهُ المؤمنَ إلى مَنزِلِهِ لا حاجَةً مِنهُ إلَيهِ كُتِبَ مِن زُوّارِ اللَّهِ، وكانَ حَقيقاً على اللَّهِ أن يُكرِمَ زائرَهُ".
وجاء عنه في حديث آخر: "مَن زارَ أخاهُ في بَيتِهِ قالَ اللَّهُ عزّ وَجَلّ لَهُ: أنتَ ضَيفِي وزائرِي، عَلَيَّ قِراكَ وقد أوجَبتُ لكَ الجَنَّةَ بِحُبِّكَ إيّاهُ".
أخذ الهداية من أهل الطاعة
أما أخذ الهداية من أهل طاعة الله: فلئن كانت زيارة أهل طاعة الله ممدوحة ومطلوبة وكان الزائر لأخيه زائراً الله تعالى، فإن أخذ الهداية من أهل ولاية الله واجب عقلاً وشرعاً.
أما عقلاً: فلأن أهل ولاية الله هم العارفون به، ومعرفتهم يقينية لا يعتريها شك ولا ارتياب، ولأنهم معصومون والمعصوم لا يمكن أن يَزِلَّ أو يُزِلَّ، أو يخطئ أو يوقِعُ غيره في الخطأ، أو يَضل أو يُضِل.
وأما شرعاً: فلأن الشريعة أمرت بالأخذ من أولياء الله الذين نصبهم هداة للخلق، والاهتداء بهدايتهم، وقد شَخَّصت النصوص القرآنية والروائية الشريفة أولياء الله وأنهم رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار من عترته الطاهرة.
بقلم / الكاتب والباحث في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي