وكان المكان في الأصل بيت موسى بن خزرج الذي أعطاه لكريمة آل البيت بعد وصولها الى مدينة قم. ومن بعد وفاتها عليها السلام تم وقفه ليصبح معلما يسمى بمحراب أو مصلى السيدة المعصومة.
ما يزال المحراب الذي كانت السيّدة فاطمة المعصومة تصلّي فيه في دار موسى بن خزرج ماثلاً إلى الآن، يقصده الناس لزيارته والصلاة فيه. وقد جُدّد بناؤه خلال السنوات الأخيرة، وشُيّدت إلى جانبه مدرسة لطلبة العلوم الدينيّة تعرف بـ «المدرسة الستّيّة».
ويقع المحراب في الشارع المجاور للصحن الشريف، ويُعرف بشارع «چَهار مَرْدان» على يسار الذاهب من الروضة الفاطميّة، وهو مزدان بالقاشاني، وعلى مدخله أبيات بالفارسيّة.
يذكر كتاب تاريخ قم للكاتب حسن بن محمد القمي أن معلم بيت النور وتاريخه الذي يرجع الى عام 201 هـ أي العام الذي أبصرت مدينة قم النور بقدوم السيدة المعصومة اليها.
وبعد أن اطلع موسى بن خزرج من موالي أهل البيت عليهم السلام على أنباء وصول موكب السيدة المعصومة الى مدينة ساوه القريبة من مدينة قم، سارع مع عدد من كبار ووجهاء المدينة لاستقبال السيدة المعصومة واصطحبوها لتستقر في هذا المكان الذي اشتهر ببيت النور.
قام موسى بن خزرج بوقف البيت الذي صلت فيه بنت الامام موسى بن جعفر عليه السلام على أن يصبح رمزا لذكرى السيدة الجليلة.
وبات بيت النور اليوم مزارا ومعلما يستقبل الزوار لإحياء مناسبات دينية مختلفة ناهيك عن ذكرى ولادة ووفاة كريمة أهل البيت عليهم السلام.
نبذة تاريخية عن المقام
تاريخيا كان المكان جزءا من بيت "موسى بن خزرج بن سعد الأشعري" الذّي حُمِلت اليه السيدة فاطمة المعصومة بعد استقبالها من قبل أَشراف المدينة وبقيت في الدار 17 يوماً حتى توفيت، فأمر موسى بتغسيلها وتكفينها وصلى عليها ودفنها في أرض كانت له تسمى "بابلان" وهي الآن روضتها ومرقدها الشريف الشهير، ثم صار البيت وقفا وتحولت غرفتها في الدار إلى مزار، داخل المنطقة التي كانت تسمى "ميدان مير" وهي من الأحياء القديمة، وكانت في الماضي على أطراف المدينة ولكنها الآن تقع في وسطها بعد اتساع المدينة وإقبال الناس على الإقامة فيها بسبب مرقد السيدة المعصومة.
عرف المكان بأسماء أخرى، منها: محراب فاطمة (ع) ومعبد فاطمة (ع) والبقعة الستية، وفي العقود اللاحقة بنيت إلى جانب المكان مسجد ومدرسة علمية لدراسة العلوم الدينية، وقد سمّيت بالمدرسة الستية، والظاهر أن أصل كلمة "الستّية" تعود إلى كلمة "ست" وتعني السيدة، ويقول بعض المؤرخين أن كتّاب العصر الصفوي كانوا يذكرون السيدة فاطمة المعصومة (ع) بلقب "ستي فاطمة".
الغرفة التي فيها المحراب تقع بأبعاد 3 أمتار ونصف طولا وبعرض 3 أمتار، مزينة بالمرايا، وتتصل بالمسجد وإلى جانبه المدرسة الستّية، وهي من المدارس المشهورة في قم، وتعدّ من المدارس القديمة إلّا أنّها تجدّد بناؤها لعدّة مرّات، منها: سنة 1352هـ، وأخرها سنة 1420هـ، حيث وصلت إلى البناء الحالي المتميّز بطرازه التقليدي الجميل، الذي ينسجم مع طريقة وطرز بناء معظم المدارس الدينية الأخرى التي تزخر بها المدينة.
أما سدانة بيت النور فكانت على عاتق أسرة ميره اي، ثم انتقلت جيلا بعد جيل، وكان لهم دور في إعمار الموقع وإدارته، وأعيد ترميم الموقع ليكون مقاما تاريخيا وأثرا لتخليد ذكرى أهل البيت (عليهم السلام)، ووصلت إلى وضعها الحالي، من اتساع المكان وتحوله إلى مدرسة ومركز ومسجد ومزار.