البث المباشر

منهج الإمام علي (ع) في إدارة الأزمات

الأربعاء 5 يوليو 2023 - 17:59 بتوقيت طهران
منهج الإمام علي (ع) في إدارة الأزمات

منهج الإمام علي (ع) في التعامل مع الأزمات، وهو منهج عملي لايمكن الاستغناء عنه ويقوم على التالي:

أولاً: يجب تقسيم الأعمال وتجزئتها، وثانياً: إنَّ تجزئة الأعمال والمَهام وفق قاعدة المُهِمّ والأَهَمّ، وثالثاً: أمام أيّ حاجة أو أزمة أو عمل عليك أن تتعامل معه بواقعية وهدوء ورَوِيَّة، وأعصاب باردة، متجنِّباً التوتر والقلق.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "تَأْتينا أَشْياءُ نَسْتكْثِرُها إِذا جَمَعْناها، وَنَسْتَقِلُّها إِذا قَسَمْناها".

وفي يومياتنا نحتاج إلى إنجاز أمور كثيرة، وتواجهنا أحداث وأزمات عديدة، وترد علينا هموم متنوِّعة، فتهولنا كثرتها، ويعظُم علينا عددها، ونحسبها جبالاً تُثقِلُ كاهلنا، ويضعنا ذلك على طريق من الحيرة والضياع، لا ندري أيها ننجز، وبأيها نبدأ.

ويحدث هذا الأمر مع كثير مِنّا، ولا يعرف كيف يتصرف حياله، وتكون النتيجة المُحَقَّقة هي الفشل والخُسران.

وفي هذه الجَوهرة الكريمة يُقَدِّم الإمام أمير المؤمنين (ع) مَنهجاً للتعامل مع الأمور والأزمات والهموم والحاجات، وهو منهج عملي وضروري لا يمكن الاستغناء عنه بحال من الأحوال، ويعتمده العقلاء وذووا المهارة في التعامل مع الحياة ومتطلباتها وأزماتها. ويقوم على التالي:

 

أولاً:

يجب تقسيم الأعمال أو المهام وتجزئتها، والتعامل مع كل عمل بمفرده، صحيح أن أمورنا معظمها يكون متداخلاً متشابكاً ببعضه، ولكن حين التفكير فيها ثم العمل على إنجازها أو حَلِّها يجب النظر إلى كل واحد منها على حِدَة، لأن العقل يصعُبُ عليه التفكير في أمور عديدة في آن واحد، فلا يهتدي إلى حَلَّ لها، كذلك يضعف أمامها ويفقد القدرة على الثبات حيالها عندما يراها كبيرة، إِذْ فرق كبير بين أن تحمل على كتفيك مئتي كيلو، أو تحمل عشرين كيلو.

والحِمْلُ الثقيل تَنوءُ تحته وتَضعُف وتنهار، أما الخفيف فيسهل عليك حمله والسير به، وهكذا الأزمات، فإذا كنت مأزوماً بمرض لا سمح له، والتداوي منه يحتاج إلى المال، والمال غير متوفِّرٌ في يديك، وكنت في الوقت عينه غارماً بدَينٍ لشخص من الأشخاص، وكنت من جهة ثالثة في مشكلة زوجية أو أُسَرِيَّة، فمن المؤكَّد أنك ستنهار أمامها، ولن تتمكن من التعامل مع أيٍّ منها ما دمت تنظر إليها جميعاً على السواء. أما لو جزَّأتها ونظرت إلى كل أمر على حِدةَ وركَّزتَ اهتمامك على إيجاد الحلول له، فمن المُؤكَّد أنك ستَقْدِر على التعامل معها جميعاً، وقد تجد أن الحَلَّ كان سهلاً عليك.

 

ثانياً:

إنَّ تجزئة الأعمال والمَهام والأزمات والحاجات يتطلَّب أمراً آخر، وهو شديدُ الأهمية، ولا يقل أهمية عن الأمر الأول، وهو أن تقوم بتصنيف مَهامك وحاجاتك وأزماتك، وفق قاعدة المُهِمّ والأَهَمّ.  إذ لا يكفيك التجزئة، بل لا بد من معرفة أيّ المَهام هو الأَهَمّ كي تنصرف إلى التفكير فيه، وفي حُلوله المُمْكِنة، وفي كُلفة كل حَلٍّ من الحلول، ثمَّ تباشر في حَلِّه، أو الخروج منه إن كان أزمة من الأزمات، ثُمَّ تنصرف إلى الاهتمام بما يليه في الأهمية، وهكذا حتى تُنجز كل المهام وتتجاوز كل الأزمات. 

 

ثالثاً:

أمام أيّ حاجة أو أزمة أو عمل عليك أن تتعامل معه بواقعية وهدوء ورَوِيَّة، وأعصاب باردة، متجنِّباً التوتر والقلق، مُوقِناً من أن ما من مشكلة إلا ولها حَلٌّ، وما من عُقدة إلا وأنت قادر على فَكِّها، قد يتأخر الحَلُّ أكثر مِمّا تُحِبّ أحياناً، ولكنه سيأتيك من حيث تحتسب ومن حيث لا تحتسب، فتحلَّى بالصبر والأناة، ولا تستعجل الخروج من أزمتك، فإن الاستعجال قد يودي بك في أزمة أخطر وأصعب. 

 

الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية

السيد بلال وهبي

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة