البث المباشر

آية الله السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم

السبت 2 مارس 2019 - 09:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 590

ومن الصادقين المخلصين في خدمة اهل البيت مخصوصاً على صعيد العلم والقلم والخطابة هو العالم الزاهد والتقي الورع آية الله السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم.
ماذا اقول عن هذا الصادق بولاءه؟ هذا العالم مفخرة من مفاخر النجف الاشرف ودرة نادرة من درر النجف الاشرف المعنوية، هذا العالم الجليل من النوادر الذين اشتهروا وعرفوا بتشددهم في محبة اهل البيت وخدمة اهل البيت وهذا الرجل كان موهوباً ومتعمقاً في مجال التحقيق والاطلاع الدقيق وكما يعلم ان تاريخنا وتراثنا احيط بالمداخلات واحيط بالعبث الكامل لتشويهه مثلاً من القضايا التي كانت مورد شبهات شخصية زيد الشهيد، شخصية المختار الثقفي اعلا الله مقامهما وامثالهما، انا استشهدت بهما ولكن الكثير من الشخصيات تحاط بالاراجيف وتحاط بالتهم فتصدى وتقريباً هو من اوائل من تصدى للكتابة والتحقيق عن سد هذه الثغرات هو السيد عبد الرزاق المقرم اعلا الله مقامه وهو من مواليد النجف الاشرف عام 1307 هجرية وهو من خيرة تلاميذ السيد اقا ضياء الدين العراقي، المرحوم النائيني، المرحوم الاصفهاني، المرحوم الشيخ حسين الحلي، المرحوم الشيخ محمد البلاغي صاحب الرحلة المدرسية وايضاً من تلاميذ الفلسفة عند المرحوم الكمباني اصلاً الذي علم المرحوم الكمباني وشجعه على نظم الشعر، عنده هذه الارجوزة يسموها الانوار القدسية في الواقع هو السيد عبد الرزاق المقرم اعلا الله مقامه، هذا الرجل تعب وصار له صيتاً لما صدر كتابه زيد الشهيد، اول مؤلف صدر له في بداية السبعينيات الهجرية لا الميلادية يعني انا اقترح على كل من يخدم في المنبر ويخدم في الكتابة في خط اهل البيت ان يعتمد مؤلفات هذا العالم الجليل، اكثر من خمسة واربعين مؤلفاً وطبعاً كما يعلم زملائي الخطباء وغيرهم عشرات المقاتل دونت وكتبت لكن فيها تضاربات وتناقضات وحتى خرف وغير الخرف فتصدى السيد عبد الرزاق المقرم ودون مقتلاً الى اليوم هو المقتل الاول يعني لايستطيع اي خطيب بالغاً ما بلغ ان يستغني عن هذا المقتل لأنه دقيق ومنظم، المرحوم الشيخ احمد الوائلي الى اواخر ايام حياته ادخل عليه ايام عاشوراء ارى مقتل المقرم بين يديه بالاضافة الى هذا السيد عبد الرزاق المقرم شاعراً من الطراز الاول، له قصائد كثيرة لكن اقرأ بعض المقتطفات مثلاً في احدى اراجيزه:

نحمدك اللهم يا من شرفا

هذا الوجود بالنبي المصطفى

محمد واله الاطايب

نهج الهدى كفاية للطالب

لاحظ النبي يقول من قال فينا بيتاً واحداً من الشعر "ايده الله بروح القدس وزال عنه كل ريب مبلس"، مثلاً كانت له بيتين لا اعرف لماذا ازالوها، لابد في التغييرات، كانت مطبوعة في حرم ابي الفضل العباس، بيتين من اورع ابياته او نظمه:

ابا الفضل يا نور عين الحسين

ويا كافل الظعن يوم المسير

أتعرض عني وانت الجواد

وكنت لمن بالحمى يستجير

يبدو ان السيد كانت له حاجة وتشفع الى الله بأبي الفضل العباس ونظم هاتين البيتين الذي من البيت الثاني نستوضح ذلك: 

أتعرض عني وانت الجواد

وكنت لمن بالحمى يستجير

على اي حال قلت انا لا ادري من اين اتكلم عن هذا العالم الجليل الذي تفتخر به النجف الى اليوم والى الابد.
هذا العالم الجليل كان يتمتع بروح شعبية عالية، هو احد العناصر العلمائية التي اسست موكب النجف الاشرف يوم عاشوراء في كربلاء وهذا الموكب يطلع بعد ما السيد المقرم يلقي مقتل الحسين بنفسه، انا لااتمالك ان اصف ذلك اليوم واصف مشاعر هذا السيد العالم لما كان يقرأ مقتل الحسين ويصل الى المصرع ويلقي بعمامته ويلطم ويكاد ان يقتل نفسه حزناً على مصاب ابي عبد الله، يمسكون بيديه وهو يصرخ ويلطم على عينيه، انا لا ادري الان هذا الرجل كيف موقعه عند الحسين عليه السلام، حياته افناها في خدمة اهل البيت، يتحول الى قطعة من الصراخ والبكاء واتخطر هذا في الستينات 64/65 العشرات يسقطون يغمى عليهم من البكاء.
طبعاً اثناء المقتل كان يقوم عدد من الخطباء يقرأون النعي بالمصارع مثل الشيخ محمد الكاشي، مثل الشيخ عبد علي الماجد، مثل الشيخ عبد الوهاب الكاشي وانا الحقير ايضاً كنت اشترك ثم لما تنتهي مراسم المقتل يخرج الموكب المهيب امامه السادة، جوق اول سادة والجمع الثاني العلماء غير السادة ثم الجماهير وامام الخط الاول من السادة السيد عبد الرزاق المقرم وهو حافي القدمين حاسر الرأس، موكب تهتز له الجدران يصل الى صحن ابي عبد الله الحسين ووجوه اهالي النجف الاشرف كالمرحوم الحاج عبد الزهرة فخر الدين وغيرهم وبعد ذلك يصعد الرادود وطن ويلقي القصيدة والصحب بكامله، الحرم والصحن يتحول الى قطعة من اللطم والعزاء وهذا كان واحد من نتاج وجهود السيد عبد الرزاق المقرم اعلا الله مقامه.
هذا الرجل كان من القداسة والتدين الى درجة المرحوم السيد ابو الحسن الاصفهاني اعلا الله مقامه كان يلح عليه بأن يكون اما ممثل في بلد معين واما لايطوف في البلدان لينور الناس لكن هو كان يرفض لأمرين:
الامر الاول: ما كان يحب ان يظهر وتصير له شهرة. 
والامر الثاني يقول: انا اريد ان ابقى في هذا الخندق اكتب وادون عن ابي عبد الله الحسين وعن اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.
هذا الرجل كان الى درجة جدي وحدي في خطابه التوعوي وفي معتقداته وفي سلوكياته وقد لاحظته عن كثب وكنت استفيد منه، لاحظته فقد الكثير من الصداقات بسبب انه ما كان يجامل على عقيدته او على دينه او على مشربه ومن هنا كان يعيش شبه معزول واصدقاءه يعدون بعدد اصابع اليدين، كل ذلك كان في جنب الله.
هذا الرجل في اليوم الكامل ما كان ينام الا سويعات مكباً على القلم او تراه يتنقل في الازقة وذلك اليوم النجف الاشرف لاشارع الصادق ولاشارع الرسول ولاشارع زين العابدين، كل النجف الاشرف زقاق، كان يعبر من زقاق الى زقاق يبحث في المكتبات لأن ذلك اليوم لم يكن الانترنت ولا العولمة ولا الوسائل وهذه الكتب، كان الحصول على الكتاب زحمة فترى المحبرة بيده واوراقه يتنقل من مكتبة آل حنوش الى مكتبة كاشف الغطاء الى مكتبة الاميني رضوان الله عليه الى مكتبة الصحن الحيدري وهكذا يبحث عن السطر الواحد والكلمة الواحدة وبقي مكباً على هذا الخط والمنهج الى ان وافته المنية رضوان الله عليه في 17 محرم الحرام عام 1391 هجرية في النجف الاشرف وشيع تشييعاً حزيناً ولبست النجف الاشرف ذلك اليوم ملابس العزاء والحداد.
رثاه الكثير من الشعراء ودفن بجوار امير المؤمنين، رثاه المرحوم الوائلي بقصيدة منها:

ايه عبد الرزاق يا الق الفكر

والروح والايمان والاخلاق

ان قبراً حللت فيه لروض

سوف تبقى به ليوم التلاقي

مستنيحاً عطاء ربك ارخ

رحت عبد الرزاق للرزاق

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة