الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. 
ومن الصادقين المخلصين هو خادم الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه وبوابه لفترة طويلة وهو المرحوم معروف الكرخي الشهير بالكرخي بغداد كانت تتشكل من جانبي دجلة، جانب الرصافة وجانب الكرخ، هذا معروف الكرخي، طبعاً لن نقف على تاريخ ولادته الا ان السير ذكرت انه ولد من ابوين نصرانيين، ولما ولد معروف او دعاه معلماً وحين تعليمه كان المعلم يردد عليه الله ثالث ثلاثة، المعلم نصراني ايضاً فكان معروف يرد عليه بل هو واحد احد، سبحان الله هذه الفطرة هذه الحجة الباطنة وكان المعلم يضربه لرفضه قبول كلامه حتى هرب وبدأ يقترب من الامام الرضا سلام الله عليه ونتيجة وعيه وفطرته انسجم مع افكار المسلمين وتشرف بالاسلام على يد الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه، تقول الروايات انه بعد ذلك عاد الى ابويه ولما علم ابواه بتحوله طرق الباب فلم يفتحا له الباب بل انتهراه وطرداه لكن بدأ ابوه يستفسر والولد وهو معروف يعرفه الاسلام واحكام الاسلام وكان بعد ذلك نتيجة هذا ان التحق ابواه ايضاً بدين الاسلام، هذا الولد النعمة سبحان الله، اخيراً اوقف معروف الكرخي كل اعماله وتطوع ان يكون بواباً عند الامام الرضا، الائمة ما من صفاتهم ان يتخذوا حجاب وبوابين، هذه من صفات الطواغيت، الائمة جالسين في بيوتهم والابواب مفتوحة ومشرعة والناس تدخل عليهم اعداء ومحبين مخالفين وموافقين لكن يأتي احد ويتطوع ويقول للامام احب ان اكون خادماً عندك، احب ان اكون بواباً عندك وكم وكم من هؤلاء كانوا اميين صاروا علماء بفضل تطوعهم لخدمة امام من الائمة، معروف الكرخي هذا اصبح بواباً عند الامام الرضا وجاء في كتاب مجالس المؤمنين ان صديقاً لمعروف الكرخي كان يريد السفر فودعه فقال له معروف اذا رغبت في قضاء حاجة لك فتوسل الى الله بحرمتي لتقضى حاجتك استغرب الرجل وتصور ان معروف معجب بنفسه وهو راضي عنها الى هذه الدرجة وهذا ليس من صفات الاولياء ان يزكوا انفسهم، غير ان معروف الكرخي اوضح له فقال له هذا ليس من هذا الباب ولكن كوني انا خادم للامام الرضا فترة طويلة فأن ادعي بأن له موقع عند الله فلابد بسبب هذا ان يكون لذلك اثر وجزاء عند الله سبحانه وتعالى، ويروى ان تاجراً كان يريد السفر عن طريق البحر وكان خائفاً فقصد الامام الرضا ليدعو له لكنه وجد الامام الرضا مشغولاً بالصلاة وتأخر قليلاً فعلم معروف حاجته فكتب له رقعة‌ صغيرة اعطاها للتاجر واخيره بأنه ان تعرض لخوف او حادث في البحر فعليه ان يلقي بهذه الرقعة في البحر. 
فعلاً الروايات تقول سافر الرجل ووسط البحر تعرضت السفينة الى امواج عاتية‌ وكان البحر متلاطم وعواصف وساد الذعر جميع المسافرين فأخرج الرجل تلك الرقعة والقاها في البحر فسكتت امواجه وهدأ، طبعاً معروف هذا اشتهر بكتابته امثال هذه الاذكار والادعية‌ وقد تعلم ذلك من الامام الرضا نتيجة هذه الخدمة للامام وصارت شخصية معروف من الشهرة لحد كان يتواصى فيه الناس للمسافرين والمرضى والمضطهدين والخائفين ان يأخذوا منه الادعية والاحراز لدفع المكاره وحالات السوء والخوف وغيرها. 
طبعاً الحديث طويل عن معروف الكرخي رضوان الله تعالى عليه ولكن وقت البرنامج لا يتسع لاكثر من هذا، الشيخ البهائي اعلا الله مقامه كما ذكر صاحب منتخب التواريخ ان معروف الكرخي تجرد عن الدنيا ولم يكن له اي عمل الا خدمة الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه بحيث كانوا مثلاً يقولون له يمكن باليوم ساعة او ساعتين تفردها لقضاء بعض الاعمال خصوصاً اذا كانت الفرص مهيئة فكان جوابه بأنه يستفيد من الدقيقة‌ الواحدة في خدمة امام من الائمة المعصومين وهؤلاء امثال معروف الكرخي ما صار لهم هذا الموقع تاريخياً وعند الله الا نتيجة وعيهم وفهمهم لموقع الامام ولموقع الامامة، الامامة مهمة، معرفة الامام مهمة من مات ولم يعرف، لم يعرف لا يعني يعرفه بالشكل لا، يعرف معرفه من قبيل فهم الامام، فهم موقعه، فهم افكاره، فهم ابعاده، فهم شحصيته، ما يريد الامام، لماذا يريد الامام هذا الفهم، هذه هي المعرفة، من مات ولم يعرف امام زمانه، لا يعرفه بالملامح، حتى الكفار، حتى الاعداء يعرفون هذا موسى بن جعفر، هذا الامام الرضا، لا، معرفة، فهم بالكامل لدور الامام، روح الامام، قيم الامام صلوات الله عليه.
ومعروف الكرخي رضوان الله تعالى عليه يعرف انه من المعمرين توفي رضوان الله عليه اواخر القرن الثالث الهجري يعني (292 هـ) بعد مرض الزمه الفراش طويلاً والله يمتحن عباده المؤمنين بأمتحانات حتى يلقون الله بملف سليم وبقلب سليم فكانت له حادثة معروف الكرخي مع الغلاة والغلاة من انواع البلاء الذي ابتلي به اهل البيت واتباع اهل البيت، شرذمة صغيرة من الشيعة انحرفوا صاروا يغالون في اعتقاداتهم بأهل البيت، طبعاً النبي يخاطب امير المؤمنين يا علي هلك فيك اثنان محب غالي وعدو قال، الامام الرضا تنفر من هؤلاء وطردهم واظهر سخطه عليهم فذات مرة هجموا على دار الامام الرضا واراد اذيت الامام الرضا فقاومهم معروف الكرخي رضوان الله عليه، ضربوه وكسروا بعض اضلاعه فمرض بعد ذلك لفترة طويلة ويقول سري السقطي وهو من ملازميه يقول قلت له عند وفاته يا معروف اوصني فقال: اذا رأيتني اشرفت على الموت تصدق بثوبي هذا على فقير لا خرج من الدنيا كما قد دخلتها خالي اليدين ويقول صديقه هذا ان معروف لما مات لم يكن يملك سوى ذلك الثوب، طبعاً هذا يتأسى بأمير المؤمنين، الا وان امامكم قد اكتفى من ديناه بطنغيه ومن طعامه بقرصيه ثوب للصيف وثوب للشتاء، توفي معروف الكرخي بعد هذا الحادث والمرض الذي الزمه الفراش، دفن ببغداد ويقع قبره في منطقة في بغداد وتسمى المحلة بأسمه محلة الشيخ معروف واتخذت بعض الفرق الصوفية قبره محلاً لطقوسهم، هذه بلوى ايضاً مما تسبب له الشهرة بأنه من مشايخ الصوفية والحال هو بعيد عن ذلك وبراء من هذا.
تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******