البث المباشر

سودة بنت عمارة الهمدانية

الثلاثاء 12 فبراير 2019 - 12:13 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 235

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من الصادقين او من الصادقات المجاهدات على صعيد الكلمة وغير الكلمة في خط اهل البيت(ع) المرحومة البطلة سودة بنت عمارة الهمدانية، هذه المرأة هي نموذج يفخر به تاريخ الاسلام، سجل لها التاريخ اعنف المواقف دفاعاً عن مولى الموالي امير المؤمنين(ع)، دخلت على معاوية بعد استشهاد الامام امير المؤمنين، في فورة ابتهاج معاوية، قمة انتصاراته وكان معاوية يلاحق كل من ساهم وكل من له دور وموقف يوم صفين كان يلاحقه وينتقم منه، فلما دخلت على معاوية لشغل او لشكية، لمظلمة، استغل معاوية هذا الموقف، وجد انها فرصة ممتازة للنكاية بهذه المرأة، علماً بأن المرأة معزولة على اي حال هذا ليس بشهامة او شجاعة ان يستغل امرأة ضعيفة ويهاجمها لكن اخلاق بني امية واخلاق معاوية معروفة، فلما دخلت عليه هذه المرأة، انهال معاوية يؤنبها على‌ مواقفها يوم صفين وعلى ‌اراجيزها وتحريضها على نصرة‌ الامام امير المؤمنين، وكان يستحضر النصوص والاراجيز، قال لها انت سودة؟ انت القائلة يوم صفين:

شمر كفعل ابيك يا بن عمارة

يوم الطعان وملتقى الاقران

وانصر علياً والحسين ورهطه

واقصد لهند وابنها بهوان

ان الامام اخ النبي محمد

علم الهدى ومنارة الايمان

فقد الجيوش وسر امام لواءه

قدما بأبيض صارم وسنان

طبعاً هو كان يتصور بأستحضاره والقاءه هذه الابيات سيضع المرأة في حرج وتنهار نفسياً لكن هذه المرأة تعاملت مع الموقف بكل جرأة قالت وهي متفاعلة نعم والله انا قالتها، ما مثلي من رغب عن الحق واعتذر بالكذب. 
قال معاوية ‌وما حملك على ذلك قالت حملني على ‌ذلك حب مولاي امير المؤمنين واتباع الحق والقول به، قال فوالله ما ارى عليك من اثر على، قالت انشدك الله أنسيت ما مضى من موقف اخي، ذكرته بمواقف اخيها فأخذ معاوية يراوغ من اجل ان يصلح الجو، ويمجد بأخيها، لافض فوك لم يكن اخوك خفي المقام، كان والله كقول الخنساء:

وان صخراً لتأتم الهداة به

كأنه علم في رأسه نار

ثم يقول لها معاوية: ما حاجتك؟ 
فقالت يا معاوية ان الله مسائلك عن امرنا وما افترض عليك من حق ولايزال يقدم علينا من قبلك، يسمو بمكانك ويبطش بقوة سلطانك فيحصدنا حصد السنبل ويدوسنا دوس الحرمل، يسومنا الخسف ويذيقنا الحتف فهذا عاملك بسر بن ارطاة قدم علينا، قتل رجالنا، نهب اموالنا فأن عزلته عنا شكرناك وان ابقيته كفرناك.
هذه صواعق، هذه حمم تقذف على رأس معاوية خصوصاً في مجلس يعج بزملاءه وندمانه وعامة الناس،‌امرأة تتكلم بهذه القنابل، قذائف الكلام، سبحان الله هذا هو نوع من انواع الجهاد، يقول الامام الصادق(ع) وافضله كلمة حق امام سلطان جائر. هنا لما وصلت الى ‌هذه الكلمة، هذا عاملك بسر بن ارطاة قدم علينا، قتل رجالنا، نهب اموالنا فان عزلته عنا شكرناك وان ابقيته كفرناك، هنا بلغت حالة من التشنج عند معاوية، حالة احتقان، رد عليها بغضب: يا سودة اياي تهدديني بقومك لقد هممت ان احملك على‌ قتب اشوس، يعني ناقة، مركب واردك اليه فينفذ حكمه فيك، هذه المرأة لما رد عليها معاوية بهذا الرد، اطرقت برأسها الى‌ الارض دامعة العين ولم يكن هذا لضعف مها، وهي تردد بصوت عال:

صلى اله على جسم تضمنه قبر

فأصبح فيه العدل مدفونا

قد حالف الحق لا يبغي به بدلاً

فصار بالحق والايمان مقرونا

فقال لها معاوية: ومن هو هذا؟ 
قالت ذاك مولاي امير المؤمنين قال وما صنع بك حتى صار عندك هكذا؟
قالت اسمع، يعني تريد ان تقول له ان كلامي لم يكن ناشئاً من فراغ قالت اسمع يا معاوية: قدمت على مولاي اميرالمؤمنين اشكو عنده رجلاً كان قد ولاه علينا فلما شكوته عنده وكان قائماً يهم ان يصلي، فلما سمعني انفتل من صلاته، جلس ثم اقبل علي برحمة ورفق ورأفة وتعطف فقال الك حاجة قلت نعم فأخبرته الخبر، بلغته بتصرف الوالي وهي تروي هذا الموقف والمجلس كله قطعة من الانصات، قالت فأخبرته الخبر فبكى ورمق السماء‌ بطرفه وقال اللهم انت الشاهد علي وعليهم واني لم امرهم بظلم خلقك ثم اخرج الامام قطعة جلد وكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم «قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها ذلكم خيرلكم ان كنتم مؤمنين». 
فأذا قرأت كتابي هذا فأحتفظ بما يدك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام يعني اقاله، هذا كتاب اقالة، معاوية يصغي لبيان هذه المرأة، قالت ثم دفع الرقعة الي، اعطاني الكتاب بيدي فوالله ماختمها بطين ولا حزمها فجئت بالرسالة الى الوالي فأنصرف عنا معزولاً، تريد ان تقول قارن بين موقفك وموقف الامام امير المؤمنين، انا لما اقول اصبح العدل مدفوناً راح العدل معه في القبر لا اتكلم عن فراغ، هنا اضطر معاوية ان يعالج الامر فرد ما اخذه بسر بن ارطاة لكن انهى كلامه معها بقوله لقد لمضكم ابن ابي طالب الجرأة على السلطان، لان يريد ان يقول ان الامام اعطى الشعب الحق الديمقراطي في محاسبة الحاكم ومناقشة الحاكم وابداء رأيه وفي قراراته وقال «لقد لمضكم ابن ابي طالب الجرأة على السلطان فبطيئاً ما تفطمون»، ‌يعني يحتاج فترة ومشقة ان نخرجكم من ذلك التصور ومن تلك الحالة. فخرجت منتصرة ولبس معاوية ثوب الفشل امامها وامام قومه نسأل الله لها الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة