الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
رحم الله صفية بنت عبد المطلب في الواقع هذه من الصادقات في ايمانهن وجهادهن وهي عمة رسول الله، صفية هي من المجاهدات في سبيل الله تعالى، يذكر المرحوم المجلسي في البحار بأن النبي(ص) تعرض الى تهديد من اليهود في يوم الخندق، في يوم الخندق النبي(ص) مر بحالة حرجة جداً والذي اكتشف هذه الحالة حسان بن ثابت(رض) في الايام التي كان فيها في خط النبي واهل البيت، حسان بن ثابت لاحظ ان يهودياً يتحرك حركات مشبوهة ومرموزة، لاحظه وكأنه ترصد حركات رسول الله يقول حسان فخفت مواجهته فناديت صفية عمة النبي قلت لها يا بنت عبد المطلب اني اخشى على النبي من هذا قالت من؟
فأشرت اليه من بعيد وقلت لها ما انا بصاحبه، يقول حسان واذا بصفية تحزمت واخذت عموداً وضربته على رأسه واردته صريعاً، من هذا ننتزع حالات اولاً نعرف بأن الاسلام ما حصر دور المرأة في داخل البيت هذا ظلم للاسلام وظلم للمرأة في آن واحد، كأن البعض يتصور من خلال فكره او دروشته ان الاسلام زوى المرأة عن الحياة العامة وحصرها في مخدع العبادة داخل البيت والمطبخ لا المرأة لم تخلق للمطبخ ولم تخلق لساحة البيت فقط، الاسلام اعطى المرأة الفرصة والمجال بأن تلعب اي دور لخدمة المجتمع ولخدمة مبادئها لكن مشروط قبل كل شئ وبعد كل شئ مسألة العفة، الحشمة، ما استأثر الاسلام بالنسبة للمرأة كما استأثر موضوع حشمتها فاذا كان هذا متوفر وهي منه في امن وامان لها ان تكتب وتنظم وتخطب وتلعب دور السياسة وتلعب دور المصنع ودور التاجر وحتى المقاتل في سبيل الله، البعض يتصور ان الاسلام منع المرأة وحرم المرأة من الجهاد انما ما اوجب عليها كون ان هناك مجالات للمرأة خصت بها لا يقل دورها عن دور المراة المجاهدة في الموقع الجهادي، اما ما حرمها ولذلك عملياً نرى الكثير من الحروب ساهمت المراة فيها من قريب ومن بعيد في عهد الرسول في عهد الامام امير المؤمنين(ع) تقرأ الاهازيج والاراجيز، في النساء نسيبة غير نسيبة صفية في عهد الامام امير المؤمنين اروى بنت الحارث فلانة وفلانة وصفية بنت عبد المطلب كان رسول الله يحبها كثيراً حتى روي انه من اجلها ومراعات حزنها امر بدفن عمه الحمزة، كان يردد(ص) لولا حزن صفية لتركت عمي يحشر من بطون السباع وحواصل الطيور واذكر خبراً او رواية ترتبط بصفية وبالامام الحسين(ع) هي كانت موجودة حينما ولد ابو عبد الله الحسين(ع)، في زواج الزهراء(ع) من امير المؤمنين لعبت صفية دوراً، الزهراء زواجها كان بسيط وما كان لديها من القلائد وغيرها، صفية اهدت لها قلادة، لبستها الزهراء وبعد ذلك تصدقت الزهراء بها على سائل، هذا الخبر ان الزهراء بأبي هي وامي لما ولدت الحسين(ع) كانت صفية هناك فصاح النبي عند الباب آتوني بولدي فقالت صفية بنت عبد المطلب يا رسول الله اننا لم ننظفه بعد فصاح النبي يا عمة انت تنطفينه ان الله تعالى قد نظفه وطهره وهنا ايضاً تعطينا صورة عن موقع الحسين(ع)فجاءت به صفية الى النبي فوضع النبي لسانه في فم الحسين فمصه تقول صفية فما كنت احسب رسول الله يعذوه الا لبناً او عسلاً ثم دفعه الى وهو يبكي ويقول لعن الله قوماً هم قاتلوك يا بني قالها ثلاثاً فقالت صفية يا رسول الله ومن قاتلوه فداك ابي وامي فقال بقية الفئة الباغية من بني امية لعنهم الله تعالى، في هذا المعنى حديث صفية او رواية صفية يروي المرحوم الطباطبائي:
في الحسين لله مرتضع لم يرتضع ابداً
من ثدي انثى ومن طاها مراضعه
يعطيه ابهامه آناً وآونة
لسانه فأستوت منه طبائعه
غرس سقاه رسول الله من يده
فطاب بعد طيب الخلق فارعه
صفية اذن بنت عبد المطلب هذا دورها الجهادي وهذا موقعها في البيت النبوي، يوم من الايام خاطبها النبي(ص) كما في تفسير القمي رحمه الله قائلاً غطي قرطك يا عمة فأن قرابتك من رسول الله لا تنفعك شيئاً، ما معناه هذا جداً درس ادبي واخلاقي وعقائدي، البعض يتصور بأن الصلة برسول الله معناه تجاوز للتخلف عن المبادئ والعمل باحكام النبي(ص) يخاطب ابنته فاطمة الزهراء سيد النساء يقول لها بنية اعملي فليس بيننا وبين الله قرابة، امامنا زين العابدين لما كان يبكي ويقول هذه الجمل: "الهي اتحرقني بالنار يا غاية المنى"، احد اصحابه طاووس اليماني قال له سيدي يابن رسول الله جدك المصطفى جدك المرتضى ابوك الحسين، امك الزهراء، قال دعني وهذا يا طاووس خلق الله الجنة لمن اطاعه ولو كان عبداً حبشياً وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيداً قرشياً، النبي(ص) كان يصرح لو عصيت لهويت هناك وصية يتوارثها الائمة واحد يوصي بها الآخر عند وفاته، يوصون بها المؤمنين «لاينال شفاعتنا من كان مستخفاً بصلاته» المسألة مسألة عمل لذلك النبي يقول لصفية بنت عبد المطلب لعمته يا عمة غطي قرطك فأن قرابتك من رسول الله لا تنفعك شيئاً، صفية حياتها حافلة بالمآثر مثلاً هي من النساء الشاعرات رثت رسول الله احدى النساء اللاتي رثين رسول الله وطبعاً النبي توفي وجهز ودفن والمسلمون بمعزل عنه فقط اعضاء البيت النبوي وهو وبخصوص امير المؤمنين(ع) نلاحظ قرب صفية من النبي حتى في تلك اللحظة كانت حاضرة بهذا الحدث وهذا المصاب الجلل فكانت تندب رسول الله وترثي رسول الله هي عندها الكثير من المقاطع الادبية فهي شاعرة من الشاعرات المشهورات مثلاً رثت اباها عبد المطلب وخلال الرثاء كانت تعرض بأبي سفيان:
الا من مبلغ عني قريشاً
ففي ما الامر فينا والامار
لنا السلف المقدم قد علمتم
ولم توقد لنا في الغدر نار
كأنه تشير الى طبيعة واضحة وكانت صارخة في سلوك بني امية وهي الغدر من ابوسفيان واولاده واحفاده وغيرهم.
وكل مناقب الاخيار فينا
وبعض الامر منقصة وعار
رثاءها للرسول(ص)، قرأت لها عدة مراثي رثت فيها الرسول بمختلف القوافي ومختلف الابحر لكن منها هذه المقطوعة الجميلة:
عين جودي بدمعة وسهود
واندبي خيرها لك المفقود
واندبي المصطفى بحزن شديد
خالط القلب فهو كالمعمود
كدت اقضي الحياة لما اتاه
قدر خط في كتاب مجيد
فلقد كان بالعباد رؤوفاً
ولهم رحمة وخير رشيد
رضي الله عنه حياً وميتاً
وجزاه الجنان يوم الخلود
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفق النساء المؤمنات للاقتداء بصفية عمة النبي وبخيرة النساء وفي طليعتهن الزهراء فاطمة كما نسأل الله ان يحشر المؤمنات مع الزهراء فاطمة وصفية وسائر المؤمنات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******