البث المباشر

حب الرسول(ص) للإمامين الحسن والحسين

الأربعاء 6 فبراير 2019 - 10:09 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 75

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.

اتى حسناً والحسين الرسول

وقد برزوا ضحوة يلعبان

فضمهما وتفداهما وكان

لديه بذاك المكان

ومروا وتحتهما عاتقيه

فنعم المطية والراكبان

ينظم هذا الشاعر وهو يصف لنا ارتباط الحسن والحسين برسول الله(ص) وارتباط الحسن(ع) بجده رسول الله. يكشف لنا اسراراً عميقة عن شخصية هذا الامام العظيم العلاقة. لم تكن بتلك الصورة التي نتصورها كعلاقة سبط بجده لا او كما يتصور البعض ويقول بان رسول الله كان يعاني من فراغ لانه فقد اولاده الصغار، وما كان لديه ولد فكان يحاول ان يسد هذه العقدة بحبه المفرط للحسن والحسين، لا الواقع القضية اكبر من هذا وعلاقة الحسن او الحسين(ع) بجده رسول الله ترتبط بالامتداد الطبيعي لوجود الرسول وهو موقع الامامة واهميت الامامة وخطورة هذا الدور واداءه. الامام مفترض الطاعة النبي(ص) يتعامل مع الامام الحسن من طفولته كأمام منصوص عليه وان امامته امامه عامة وامتداد لذلك الخط وذلك المفهوم الضخم وهو مفهوم الرسالة السماوية. 
تأمل الحسنان يقول النبي(ص): "الحسنان امامان قاما او قعدا" ويقول وهما في مقتبل العمر يقول فيهما، من اشهر ما انصف به الامام الحسن(ع) ان النبي ورثه هيبته وسؤدده، الهيبة والمتانة والحكمة وهذا اعظم ارث الارث، لا الارث المادي ربي هب لي من لدنك ولياً يرثني لا بمعنى الارث المادي وانما يكون صورة اخرى نسخة ثانية طبق الاصل في المجتمع، حتى يمد الامة بنفس العطاء يمد الوجود بنفس البركة. كذلك الحسن(ع) ورثه رسول الله كل صفاته لكن ابرزها هذه السؤدد والهيبة، هيبة الرسول(ص) انتقلت بكل مساحتها عند سبطه الحسن(ع). وقلت بان رصيد الامام الحسن التاريخي في نفوس النبي والامام علي(ع) لا نظير له ولايمتلك نطيره الا اخوه الحسين(ع). تسلم الامام الحسن الحكم وله من الموقع عند الناس وتحتفظ الناس عنه صوراً رائعة يعني في مقتبل عمره الحسن(ع) في بواكير صباه.
يقول احد الرواة: "دخلت الى مسجد رسول الله ورأيت ثلاث مجموعات وهم يدرسون تفسير القرآن واحد طاعن في السن والآخر اصغر منه سناً وواحد صغير جداً في العمر. يقول لم اعرف اشخص من هذا ومن ذاك لكن بحكم القاعدة توجهت للاكبر سناً منهم سألته ما معنى وشاهد ومشهود يقول تأمل طويلاً ثم قال الشاهد يوم الاضحى والمشهود يوم عرفه. تركته وجئت الى الآخر ايضاً سألته تأمل قليلاً قال لا الشاهد هو يوم الجمعة والمشهود يوم النحر يعني يوم الاضحى الى يقول هذا الرجل دعني اسأل هذا الصبي الصغير سألته يابني ما معنى وشاهد ومشهود. يقول هذا بعكس من سبقه اجابني على الفور قال اما الشاهد فهو رسول الله والمشهود هو يوم القيامة، ثم يقول عبء الجواب رأساً وجوابه مشفوع بادلة من القرآن. قال اما الشاهد فرسول الله اما قرأت قوله تعالى انا ارسلناك شاهداً ومبشراً واما المشهود استدل ايضاً بهذه الآية يوم مشهود. يقول انا تعجبت اولاً من استحضاره الجواب ثم تعجبت من استدلاله بتفسير القرآن فسألت من هذا الرجل الطاعن بالسن فقالوا عبد الله بن عباس، ومن هذا الآخر قالوا عبد الله بن عمر، سألت من هذا الصبي الصغير قالوا هذا الامام الحسن بن علي بن ابي طالب(ع). 
اذن المسألة كما قلنا وتعلمون ان العلم عند الائمة وموقع الائمة لايرتبط بالسن ولايؤخذ فيه مقياس السن وانما كون هؤلاء الله سبحانه وتعالى اختارهم ليكملوا مشروع الرسالة الخطير، مشروع النبوة. لذلك كل منهم كان نبياً صغيراً اماماً. نقول نبي يعني كصفة تصوير وهو نسخة مصغرة لرسول الله(ص). 
نحن لما نقرأ ترجمة الائمة وملفات الائمة نرى انه لايختلف عطاء الائمة عن عطاء النبي ولا تختلف صفاتهم عن صفات النبي ولا اجوبتهم عن اجوبة الرسول. نعم هناك حالة تراوح في الاداء يعني الطريقة في الاداء يعني الموضوع واحد والهدف واحد لكن التطبيق والاداء هذا كان يرتبط بالظروف التي كان يعيشها الائمة(ع) وكل دور وان اختلف بالشكلية الا انه بالمعنى مكمل ومهيأ كصلح الامام الحسن او ما نسمية بالصلح وما هو صلح وانما هدنة. هو كان في الواقع مرحلياً وتمهيد لحركة الامام الحسين(ع)الجهادية. 
تسلم الامام الحسن الحكم بعد استشهاد ابيه امير المؤمنين مباشرة مما قوى موجة الشك في رسالية المعركة التي يخوضها الامام الحسن(ع). وحتى ان الايحاء كان لدى الامويين هكذا يتصورون بانهم يقودون المعركة بالتالي مع الامام الحسن لانتزاع الخلافة منه باي صورة من الصور.
وفي الواقع لما تولى الامام مسؤولية الخلافة في مناخ قلق وجو غير مستقر وفي اصعب الظروف من التعقيد والصراع والامور متأزمة خصوصاً في اواخر حياة الامام امير المؤمنين(ع). لذلك واجه الامام في بداية تسلمه عبأ الامامة، واجه جموعاً من الناس لا تؤمن ايماناً واضحاً كاملاً برسالية المعركة واهداف المعركة وما عندها ذلك التجاوب الديني والاسلامي مع متطلبات تلك المرحلة. وتوزعت الناس بسبب مداخلات المصلحيين والنفعيين الى اشكال الحزب الاموي من جانب وهذا كان يضم عناصر قوية تتمتع بنفوذ كبير وهؤلاء يوماً ما كانوا مع معاوية وتحركوا في داخل اوساط شيعة الامام الحسن كالجواسيس ويبثون الدعايات وغير ذلك هذا من جانب، الخوارج وهم من اكثر اهل الكوفة لجاجة على الحرب ولم تكن دوافعهم للحرب واضحة، اشترطوا على الامام الحسن(ع) عند بيعتهم له احدى الحالتين اما ان نعوذ بالله ان نبايعكم. واحدهم يخاطب الامام الحسن ابايعك على ان لاتتخلى عن الدم او كذا، وآخر كان يرى في الامام الحسن لم يحارب ولم يواجه المعركه في الدم، ونعوذ بالله منحرف. وعلى اي حال الخوارج شكلوا عبأً مراً على الامام الحسن. 
هناك ايضاً الشكاكون هؤلاء تأثروا بكلام الخوارج وبدعايات الخوارج ولم يكن لهم دور الا انهم مذبذبون لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء والذي يغلب على طبعهم الروح الانهزامية. وفي خضم هذا الجو الصاخب اتباع الامام الحسن هرعوا الى مبايعته ولكن دسائس الآخرين كانت تحبطهم. ومما ابتلي به الامام الحسن التصور الضيق والافق الضيق والتصورات التافهة التي كان يحملها حتى بعض رفاقه او عيون رفاقه مثل المختار وغير المختار، ولعل فيهم من كان متسللاً مندساً. 
قابل الامام(ع) كل هذه الحالات بخياره الصعب وتحمل المسؤولية وانهى الموقف بصبر ودقة وحكمة، وان لامه بعض المتمسكين وبعض الذي تصوروه انه حسم الامر في غير صالح الاسلام والعياذ بالله، وصبر على ذلك وتحمل من اجل ان يجعل تلك المرحلة مرحلة تدريب وتمهيد لحركة الامام الحسين(ع) التي اطاحت بالحكم الجاهلي.
نسأل الله ان يجعلنا من السائرين على نهج اهل البيت(ع) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة