الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الانبياء وخاتم المرسلين المصطفى ابي القاسم محمد وآله الطيبين والطاهرين.
في "كتاب الكافي" لثقة الاسلام الشيخ الكليني في رواية عن الامام الصادق(ع) انه عليه السلام كان اذا اهل هلال شهر رمضان قال:"الهم ادخله علينا بالسلامة والاسلام واليقين والايمان والبر والتوفيق لما تحب وترضى". اجل ايها الاخوة المستمعون وايتها الاخوات المستمعات نحن في اجواء شهر رمضان وفي مطلعه بالذات وهذا الشهر كما وصفه رسول الله(ص) شهر ضيافة الله شهر طهور، شهر التزكية شهر التقرب الى الله. الامام الصادق في هذا الدعاء لتقصير يبين لنا المنهج، في نفس الوقت يبين لنا المنهج الذي نجب ان نتبعه في هذا الشهر باعتباره افضل مناسبة لتطبيقه، لتطبيق هذا المنهج بالذات قال: "ادخله علينا بالسلامة والاسلام" في هذا الشهر نجب ان نسعى لتضمين وسلامة الاعتقاد وسلامة النفس وسلامة الروح. ان الانسان في الاشهر الاخرى قبل رمضان نتيجة الاختلاط ونتيجة العمل في الامور الدنيوية المادية تشوب قلبه شوائب من الانحراف الاخلاقية والروحية والنفسية فربما يغفل وربما يقسو قلبه وربما يرين عليها الصدأ ويجعل القلب هذا الصدأ غافلاً لا تنفذ من خلاله انوار المعرفة وانوار المحبة وانوار العشق الالهي، فلهذا فان هذا الشهر من خير المناسبات لتطهير القلب تنقيته وازالة الشوائب عنه ليصل الى السلامة الكاملة والاسلام قال الامام: "ادخله علينا بالسلامة والاسلام" فهذا الشهر الفضيل الانسان يتمكن بسبب انه يبتعد عن الشهوات عن الاكل والشرب ويقلل اهتمامه بهذه الامور في اثناء النهار تتهيأ له الفرسة المناسبة لتعميق الاسلام في نفسه وروابطه بالدين الاسلامي وبتعاليمه وقوانينه وكذلك اليقين والايمان في هذا الشهر الفضيل يستطيع الانسان في ضوء الصيام وما يوجد في هذا الشهر من البرامج المعنوية كالدعاء والصلاة وقراءة القرآن وماشاكل ذلك وحضور المجالس الدينية ان يعمق اليقين والايمان في نفسه، ومن الاشياء التي طلبها الامام الصادق(ع) في هذا الشهر من الباري سبحانه وتعالى البر والتوفيق لما يحب ويرضى اي الباري البر هو الاحسان والخدمة للناس الذين يحتاجون اليها، برالوالدين بر الارحام والاقرباء، بر الجيران وبر المؤمنين هذا البر افضل مناسبة ووقت له هذا الشهر الكريم، فلا بد لنا ان نبرمج اعمالنا واحوالنا واوضاعنا لنستطيع في ظل هذه البرمجة من تقديم الاحسان والخدمة الى من يحتاجون اليها، حبذا لو اننا نقلل من الالوان على الموائد ومن البذل الكثير على الطعام والمأكل والمشرب في هذا الشهر ونعطي ونمد من يحتاجون الى الطعام والى الماكل اللذيذة الذين حرموا عنها طوال السنة. لهذا الامام ركز على مسألة البر وقال البر اي عمل يوجب رضى الله واي عمل يحبه الله ينبغي القيام به في هذا الشهر الكريم فهذا الشهر في الحقيقة شهر البر والاحسان شهر تقديم الخدمة تقديم المعونة الى الفقراء والى الذين يحتاجون الى مثل هذه المساعدات، ويحبذ ان تكون هناك لجان تبحث عن المحتاجين لان بعض المحتاجين يتحلون بالشرف والكرامة وتأبى كرامتهم ويأبي شرفهم من ان يستجدوا ويعرضوا حاجتهم على احد، وحبذا لو اي انسان يبحث ان احوال جيرانه من دون ان يتدخل في حياتهم الخاصة هل هم يحصلون ما هو يحصل عليه من الثروة والمال؟ وهل هم يحضون بمعيشة تناسب. هل هم يأكلون الاطعمه اللذيذة؟ هل هم يحصلون على المطاعم والمأكل التي يشتهيها الانسان او انهم يحرمون عن الكثير مما يشتهونه لفقرهم ولعوزهم؟ على كل حال الامام الصادق واهل البيت(ع) جميعاً كانوا في هذا الشهر يعتنون بالفقراء فهذا الامام الصادق وقبله الامام الباقر والامام زين العابدين كانوا يعيلون الكثير من العوائل الفقيرة ويحملون اليهم الطعام والمال وغير ذلك مما يحتاجون اليه ويساعدونهم طوال السنة ولكن هذه المساعدات كانت تتضاعف وتتزايد في هذا الشهر الكريم ثم ان الامام(ع) نجده يطلب هذه الامور من الله لان الانسان لو ترك وحاله، لو ترك وطمعه وجشعه وحرصه ما يفعل وما يقدم خدمة الى الاخرين ولكن اذا طلب من الله وسأل وساعده الله في هذه الامور فسيحصل له التوفيق للقيام بهذه الامور، وللقيام بهذه الاعمال خصوصاً في هذا الشهر الفضيل والى جانب الاعمال الاحسانية التي نقوم بها والمساعدات المالية والمادية التي نقوم بها الى الاخرين، في هذا الشهر ينبغي ان لا نغفل من الامور المعنوية من الصلاة والذكر وقراءة القرآن وخصوصاً قراءة القرآن حبذا لو نستطيع ان نختم القرآن في كل شهر مرة وفي هذا الشهر اكثر من مرة، مرتين كما كان يفعل اهل البيت(ع) واتباعهم وانصارهم وتلامذتهم ومن كان يتبعهم، العلماء الان في عصرنا الحاضر يحاولون ان يختموا القرآن اكثر من مرة في هذا الشهر ويستحب ختم القرآن في هذا الشهر، كما ويتضاعف هذا الاستحباب ليكون في مكة في هذا الشهر الانسان يختم القرآن في شهر رمضان وهو في مكة لا شك ان ثواب هذا العمل يتضاعف ويتزايد عن الله سبحانه وتعالى وينبغي ان نلتفت الى اهمية القرآن وان هذا القرآن ما هو وكيف نتعامل مع القرآن وهذا يتجلى من الادعية اهل البيت(ع) الذين كانوا يقدمون على قراءة القرآن دعاءاً ولكل امام دعا يقرأه قبل ان يدخل الى القرآن وقبل ان يبدأ بقراءة القرآن. فهذا هو الامام الصادق(ع) كان يدعو عند قراءة كتاب الله بهذا الدعاء وانا لاجل ان نعرف اهمية القرآن ولما يفرضه الباري علينا من واجب تجاه هذا الكتاب العزيز اقرأ مقاطع من هذا الدعاء، يقول الامام الصادق(ع) في دعائه عند قراءة القرآن: "الهم ربنا لك الحمد انت المتوحد بالقدرة والسلطان المتين ولك الحمد انت المعالي بالعز والكبرياء وفوق السموات والعرش العظيم". الى ان يقول: "الهم ربنا فلك الحمد بما علمتنا من الحكمة والقرآن العظيم المبين، اللهم فاذا كان ذلك منّا مناً منك وفضلاً وجوداً ولطفاً بنا ورحمة لنا وامتناناً علينا من غير حولنا ولا حيلتنا ولا قوتنا، اللهم فحبب الينا حسن تلاوته وحفظ اياته وايماناً بمتشابهه وعملاً بحكمه وسبباً في تأويله وهدىً في تدبيره وبصيرة بنوره". يعني ان القرآن انما ينفع اذا اخذنا البصائر منه واستبصرنا بنوره. ثم يقول الامام: "اللهم وكما انزلته شفاءاً لاوليائك وشقاءً على اعدائك وعماً على اهل معصيتك ونوراً لاهل طاعتك الهم فاجعله لنا حصناً على عذابك وحرزاً من غضبك وحاجزاً عن معصيتك". كيف يكون القرآن حصناً من عذاب الله اذا عملنا بتعاليم القرآن الكريم، اذا اتبعنا اوامره ونواهيه ويستمر الامام في هذا الدعاء قائلاً: "واجعله لنا عصمة من سخطك ودليلاً على طاعتك ونوراً يوم نلقاك نستضئ به في خلقك ونجوز به على صراتك ونهتدي به الى جنتك"، ثم ينبه الامام الى نقطة مهمة جداً في دعائه في مقدمة قراءة القرآن يقول: "اللهم نعوذ بك من الشقوة في حمله والعمى عن عمله والجور عن حكمه". اذن ايها الاخوة كذا كانت سيرة اهل البيت(ع) في شهر رمضان وسيرتهم مع القرآن الكريم فلنسأل الله سبحانه وتعالى يوفقنا لاتباعهم في هذه الامور التي هي لو اتينا بها سبب لخلاصنا ونجاتنا من العذاب الاليم، وسبب لدخولنا في جنة الله ونعية وان نكتسب رضاه ونكتسب عفوه ولطفه، وفقنا الله واياكم لصالح الاعمال وخصوصاً في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******