البث المباشر

عدل الامام علي بن ابي طالب(ع)

الإثنين 4 فبراير 2019 - 10:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 18

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين محمد آله الطيبين الطاهرين.
روي ان علياً(ع) كان يطوف الاسواق مأتزراً بأزار مرتدياً برداء كأن اعرابي بدوي، فطاف مرة حتى بلغ سوق الكرابيس اي المكان الذي يباع فيه قماش خاص فقال لبائع يا شيخ بعني قميصاً بثلاثة دراهم فباعه ذلك الرجل قميصاً بثلاث دراهم فلما جاء ابو ذلك الشخص اخبره ابنه فأخذ درهماً ثم جاء الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) ليدفع ذلك الدرهم اليه فقال امير المؤمنين: ما هذا او قال ما شأن هذا؟ فقال ذلك الرجل: يا مولاي ان القميص الذي باعك ابني كان يساوي درهمين، فلم يأخذ امير المؤمنين الدرهم الاضافي الزائد وقال(ع): لقد باعني برضايي وأخذ برضاه. هذه القصة تدل فيما تدل عليه، تدل على بساطة امير المؤمنين في معيشته، في سلوكه اليومي، ان الامام المؤمنين(ع) فعل هذا ايام حكومته، فعل هذا يوم كان خليفة على المسلمين وكانت الاموال تجبى اليه من شتى المناطق الملايين من الدراهم والدنانير في الوقت الذي كان الاخرون من الاحكام في البلاد المجاورة يعيشون في عظمة وجلال وفي ابهة وفي شكل خاص من المعيشة الا ان امير المؤمنين الذي كان انذاك خليفة على المسلمين يعيش حياة بسيطة، انظر اليه كيف كان يطوف الاسواق ويراقب الناس وينصح ويعظ وينهى ويأمر ثم يأتي الا محل لبيع الثياب ويقف امامه كما يقف اي شخص عادي من الناس ثم يشتري ثوباً بثلاث دراهم بينما كان قيمته درهمين تجده يحاول ان يرد على الامام الدرهم الزائد والاضافي والامام(ع) يمتنع من اخذ ذلك الدرهم لان المعاملة قد انتهت وقد اعطى ذلك الدرهم برضاه. هذه البساطة في التعامل مع الناس من قبل خليفة في منزلة امير المؤمنين من حيث العلم والشجاعة، ومن حيث السابقة في الاسلام، ومن حيث الجهاد ومن حيث المرتبة عند الله والمقام عند رسول الله اكبر درس لي ولك ايها المستمع الكريم، اكبر موعظة لنا جميعاً. ان هذه الموعظة تقول لنا لا تغتر بمقامك ولا بعلمك ولا بقوتك الجسدية ولا بسا بقتك ولا بك تشغله الان من المنصب فالانسان قيمته ليس بمنصبه والانسان ليست بامواله وليست بالامور الزائلة عنه انما بأدبه بجوهره الانساني بعقله انما بانسانيته يرتفع الانسان ويكون انساناً ويكون المسلم مسلماً حينما يتواضع امام الله سبحانه وتعالى ويتواضع مع المؤمنين وان لا يكون جباراً شقياً. 
اجل هذه القصة تعلمنا هذا الدرس العظيم درساً في التواضع في منتهى القوة والقدرة، درساً في التضامن مع المؤمنين، درساً في الخضوع مع المسلمين والعيش معهم بسلام وتواضع والانسان في منتهى القوة ومنتهى السلطان، هذا درس لا شك عظيم في عصرنا الحاضر وما احوجنا اليه وما اشد حاجتنا الى مثل هذا الدرس، والدرس الاخر الذي نستفيده من هذه القصة هي بساطة الامام في معيشته في ملبسه ومطعمه ومأكله. اجل قصص كثيرة حول بساطة الامام في ملبسه حتى ان احداً يقول: قلت للامام(ع): مولاي هلا تركت ثوبك هذا الذي رقعته كثيراً؟ لماذا يا امير المؤمنين ترقع قميصك؟ نجد الامام يقول: ان ذلك يخشع القلب معه ويقتدي بي المؤمنون. ان هذا يعني ان الامام يريد ان يعلم الناس البساطة، البساطة في المأكل والملبس، البساطة في العيش، اليست مشاكلنا ايها الاخوة في هذا العصر وفي هذا اليوم ناشئة من التعقيد في الحياة ومن التوسعة التي لا تعرف حداً في الملبس والمأكل والمسكن، أليس كثير من الخراب الذي يصيب البيوت والعوائل والانهدام في الكيانات الاسرية والطلاق الذي ينتظر العوائل انما هو نتيجة هذا التعقيد، أليس من الافضل ان نرجع الى البساطة في العيش الذي كان عليها رسول الله(ص) وكان عليه امير المؤمنين(ع) والكثير من اصحاب رسول الله، أليس من الافضل ان نعود الي البساطة لنتخلص من هذه المشاكل العويصة التي تؤدي بالعوائل وبالاسراى النزاع والتخاصم ثم الطلاق والفراق. ان البساطة في العيش لذة ليس فوقها لذة وان التعقيد لا يزيد الانسان الا صداعاً في الرأس والا تألماً والا اضطراباً وتشعباً في الفكر، ان البساطة في العيش التي كان عليها رسول الله(ص) وكان عليها اهل البيت(ع) وكان عليها خيرة الصحابة درس عظيم لنا ومنهج للمسلم. ان البساطة ايها الاخوة من نتائجها ان تجعل الانسان يذكر الله سبحانه وتعالى وعلى العكس من ذلك التعقيد في الحياة والتوسعة في هذه الامور المادية. يقول الامام علي بن ابي طالب(ع) في نهج البلاغة: "والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل ان تنبذها عنك فقلت اعزب عني فعند الصباح يحمد القوم السرى" اي عندما يكون الانسان بسطاً في حياته فانه سوف لا ينشغل عن الاخرة وسوف يعمل للاخرة اما اذا شغل نفسه بهذه الامور اي بالرفاه الزائد والمعيشة التي يخالطها الاسراف ويخالطها الانفاق غير المبرر فان ذلك سيمنعه من الاخرة ويجعله غافلاً عن ذلك اليوم. نعم حتى نحمد عند الصبح يجب ان نكون على نهج امير المؤمنين في الاقتصاد في المعيشة وفي الاعتدال في الانفاق وفي البساطة في العيش لنكون انشاءالله مع الصادقين في الدنيا وفي الاخرة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة