البث المباشر

حفظ الاسلام بعد النبي الخاتم(ص)

الأربعاء 30 يناير 2019 - 11:31 بتوقيت طهران

الحلقة 149

في مقام الولاية الالهية ومقام ولاية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحدثنا ايضاً عن ولاية المطهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وخصهم بمزايا ومناقب ليست لاحد من الناس غيرهم وعرفنا ان ولاية امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) وهو كبير اهل بيت النبي انما هي امتداد لولاية‌ الله في العالمين وولاية رسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي استعراضنا لحوادث عديدة لحركة الرسالة رأينا ان دائرة ضوء الهية حول الامام علي (سلام الله عليه) كانت تتسع وتمتد بمرور الايام ففي كل يوم منقبة جديدة لعلي وفي كل حادثة يتجلى شيء من السمات المتفردة التي اختص بها الامام (عليه السلام) فكان بحق ولي كل مؤمن ومؤمنة.
حين اقام العام الهجري التاسع كانت ثورة النفاق والشرك من تحت جلبات الدين تحركت دائرة النفاق لتكيد للرسالة المحمدية المنقذة ومن تحت لافتة المعاهدات فتحركت دائرة الشرك لتعرقل المسيرة المقدسة، لكن الله جل جلاله رد كيدهم في نفورهم بأنزال سورة براءة، بعض هؤلاء القوا سلاحهم وهرولوا بأتجاه الاسلام تائبين عائدين وقد يكون هناك من اسلم وحسن اسلامه وقد يكون هناك من اسلم الى حين تأتيه الفرصة او اسلم ثم ارتد وكتم ارتداده او لم يسلم اصلاً وهرب حين اشتد عوده. ان هؤلاء وغيرهم لن ينتهوا بنزول سورة براءة او برحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لان جذورهم ناشفة في الارض منذ ان طرد ابليس اللعين وفي كل جيل تخرج الفروع واوراق الفتنة من الجذور ثم يستأصلها الله عزوجل من عنده او بأيدي الذين امنوا ثم تخرج لتستأصل ليكون استأصالها عنوان لهزيمة الباطل على امتداد التاريخ الانساني.
وسورة براءة اشارت الى اعلام هؤلاء، قال تعالى «فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ» وكان حذيفة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ما قتل اهل هذه الاية بعد وقوله «وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً»، وكما ان جذور هؤلاء ممتدة في طين الشذوذ فكذلك جذور الباطل ذلك ان البغاة لم يقاتلوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لان جذورهم في عهده لم تكن اخرجت فروعها بعد، والقرآن الكريم اخبر بهم فقال تعالى «فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ» والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعلم بمقتضى هذه الآية انه سيكون بغي ولذا اخبر عن اعلامه وحذر الرسول عن ربه لكيفية قتال المشركين كافة وحذر من اتباع سننهم التي تقود من ركبها الى الوحل، اجل اذا كان انسداد المسيرة امام الرسول في عالم الغيب امتداداً مكشوفاً وعلى امتداده يرى رسول الله العوائق والسحب الداكنة، اذا كان هذا ثابتاً فيكف يصوغه لمتوهم الذي لا يحتاج الى حافظ يحفظه حق الحفظ. ان الدين الذي يحتوي على جميع ما يتعلق بالمعارف الاصيلة والاصول الخلفية والاحكام الفرعية العامة لجميع حركات الانسان وسكناته، ان هذا الدين الالهي الحق ليس بحاجة الى حفظ من الذين اخبر الله عنهم انهم يقاتلون الاسلام كافة. هل الدين يتطلب قيادة تأمر المسلمين كافة بقتال من يقاتلونهم كافة؟ هل الامة الاسلامية والمجتمع الديني مستثنى‌ من بين جميع مجتمعات الانسانية ومستغنية عن والي يتولى امرها ومدبر يدبرها ومجري يجريها، ان الحشرات مثلاً فطرت على وجود امير لها، وفي عالم النحل والنمل وفي عالم الطيور والوحوش ألف ألف دليل، ترى بأي عذر يعتذر الباحث في سيره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يرى انه كان اذا خرج الى غزوة خلف مكانه رجلاً يدير رحى المجتمع، الم ترى انه خلف علياً مكانه على المدينة عند مسيرته الى تبوك ويؤمل رجالاً على السرايا والجيوش التي يبعثها الى الاطراف؟ لقد كان في حياته يفعل ذلك واي فرق بين زمان حياته وبعد مماته، في حين ان اخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) بالغيب عن ربه يفيد ان تعيين حارس للدين بعد موته اشد حاجة وان الضرورة اليه امس وامس، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو القائل «الاسلام والسلطان اخوان توأمان لا يصلح واحد منهم الا بصاحبه فالاسلام اس والسلطان حارس ومالا اس له يهدم وما لا حارس له ضائع».
قد يقال ان حفظ الرسالة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يكون بأيدي اهل الحل والعقد، نحن لا نقلل من وزن اهل الحل والعقد هنا من حاجتهم لكن الاحاديث الصحيحة اشارت الى وجود ائمة مضلين في بطن الزمان يتكلمون بألسنتنا ويدعون الى النار ونحن ليست لدينا القدرة على تمييز الصالح من الطالح، انما القادر هو الله جل جلاله ومن ينظر في التاريخ ويتدبر في الاحادث بعد رحلة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرى كم من دائرة اسلامية اجتمعت فيها اهل الحل والعقد من المسلمين على ما اجتمعوا عليه ثم سلكوا طريقاً يهديهم الى رأيهم فلم يزيدوا الا ضلالاً ولن يزد اسعادهم للمسلمين الا شقاءاً.
وقد يقال: يا اخي انه اذا كان الطالح عامة‌ له اثر فأن الطالح في اهل الحل والعقد ليس له اثر ولقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يشاورهم في الامر في قوله تعالى «وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ»، والواقع ان في الصحابة من كان عظماء قاتلوا وقتلوا في سبيل الله ومنه من انتظر دوره ليفدي الدين بما عاهد الله عليه ولكن من الذي كان يشاورهم؟
انه رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى ويخطأ من يظن ان مشاورته لهم كانت عن قلة في علم ما فمعاذ الله ان يكون هذا فيمن وضع الله على عاتقه مهمة تعليم البشرية وهدايتها لقد كانت المشاورة احياناً فيما يتعلق بحركة الدعوة بين القبائل واحياناً لارساء قاعدة التآلف بين القلوب، وفي الاية الكريمة اشركهم الله بالنبي في المشاورة « وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ» ثم وحده يكون له العزم من بينهم «فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ». ان المشاورة حقاً فطرياً والذي يسوق الناس الى الصراط المستقيم امر فطري لكن دائرة العزم لا يجلس فيها الا من كان على علم بكتاب الله والا كان الطريق الى اختلاف الامة الى اكثر من سبعين فرقة طريقاً مفتوحاً، لهذا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) «لا يقوم بدين الله الا من حاطه من جميع جوانبه».

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة