زود الله تعالى الانسان بما يهديه الى طريق الخير والتقى والحب، واقام حجته على الخلق ان الولاية هي لله الملك الحق المبين، ولهذا وجب على من اراد الفوز بالنجاة ان يقف تحت ولاية الله وولاية رسوله الذي لا ينطق عن الهوى، وولاية النبي (صلوات الله عليه وآله) تعني فيما تعني ان له التقدم على الناس جميعاً بأفتراض الطاعة وهذا المعنى للولاية تذكره اية من سورة المائدة للذين آمنوا ايضاً «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ»، فالولاية في هذه الاية واحدة هي لله جل جلاله بالاصالة ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وللذين آمنوا بالتبع وبأمر الله سبحانه وتعالى واذنه، ترى من هم هؤلاء المؤمنون الذين يحملون الولاية الالهية مع الرسول؟ لهؤلاء المؤمنين الذين يحملون الولاية شروط اهمها وجود نص قاطع على طهارته الشاملة من كل رجس ودنس وان تكون فيه نصوص على انه على علم بأحكام القرآن وشرائعه وحقائقه ليستطيع بهذا العلم ان يرفع الاختلاف من الناس وان يكون هذا العلم مأخوذاً من مشكوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن شروط المؤمن الولي ان تكون حركته جزءاً اصيلاً من حركة الرسالة الالهية، فهو اعلم مثلاً بالمنافقين الذين هم اخطر الاعداء بل ان حبه علامة الايمان وبغضه علامة النفاق ويجب ان تكون في هذا المؤمن المؤهل لمقام الولاية الالهية نصوص متفق عليها تدل على ان الله اختاره في مواطن وان الرسول قد اعطاه الولاية الى غيرها من الشروط، وقد تبين لنا ان عنوان الولاية الالهية لا ينطبق على احد غير علي بن ابي طالب (عليه السلام) ذلك ان علياً (سلام الله عليه) فيه نصوص قاطعة فثمة قرآن يفسره حديث وحديث يشهد للحديث الذي فسر القرآن وثمة حركة تاريخ تشهد للحديث وللنص القرآني.
الامام علي (عليه السلام) من اهل الكساء الذين خصصهم الله تبارك وتعالى بآية التطهير ومن الذين بأهل بهم النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نصارى نجران ونزلت آية المباهلة لتقول ان نفس علي هي نفس الرسول وهو اول من صدق رسول الله في رسالته واول من صلى معه. اما ما ورد في علمه فيكفي ان نذكر قوله تعالى «لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ».
ورد في الدر المنثور عن مكحول ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «سألت ربي ان يجعلها اذن علي».
قال مكحول فكان علي يقول: «ما سمعت عن رسول الله شيئاً فنسيته».
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): «ان الله امرني ان ادنيك ولا اقصيك وان اعلمك وان تعي وحق لك ان تعي».
فنزلت هذه الآية «وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ». هذا الحديث روي من عدة طرق بلغت ستة عشر حديثاً فأذا كانت البداية مع آية تدل على ان ما سمعه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا ينساه فأن دخوله على النبي واختصاصه به لأخذ العلم امر لا جدال فيه.
وروى النسائي عن علي (عليه السلام) انه قال «كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مدخلان مدخل للليل ومدخل في النهار»وعلي (سلام الله عليه) تربى في بيت النبوة والذي سهر على تربيته هو النبي (صلى الله عليه وعلى آله) وفي بيت النبوة شق علي بن ابي طالب طريق العلم حتى قيل في رواة صحيحة نقلها ابن السعد «افضلنا علي» وشهد اكثر من واحد ان علياً كان ادرى الناس بعد رسول الله بالقرآن، عن ابي الطفيلي قال، قال علي (عليه السلام) «سلوني عن كتاب الله فأنه ليس فيه آية الا وقد عرفت بليل نزلت ام بنهار في سهل ام في جبل» وعن سليمان الاحمسي ان علياً قال «ان ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً صادقاً» وفي رواية ذكرها السيوطي«والله ما تركت آية الا وقد علمت حين نزلت واين نزلت وعلى من نزلت ان ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً صادقاً»
وفي خلافته كان (عليه السلام) كان يقول «سلوني قبل ان تفقدوني» قال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه قد اجمع الناس كلهم انه لم يقل احد من الصحابة ولا احد من العلماء هذا غير علي بن ابي طالب (عليه السلام).
ان شهادة النبي لعلي انه اعلم امته قد وردت في احاديث كثيرة منها حديث «انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد العلم فليأتي الباب»وكذلك حديث «انا دار الحكمة وعلي بابها» الذي رواه الترمذي عن علي ورواه بعضهم عن ابن عباس، قال عبد الله بن احمد بن حنبل، وجدت في كتاب ابي بخط يده هذا الحديث، عن معقل بن يسار قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمة رضي الله عنها «او ما ترضين اني زوجتك اقدم امتي سلماً واكثرهم علماً واعظمهم حلماً» فهذا الحديث اثبت سبق علي الى الاسلام واثبت له العلم والحلم وكفى بهما لاثبات ملكة العدالة الواقعية.
الواقع يا اخي ان اختيار الله لشخص علي بن ابي طالب (عليه السلام) قد حدث في اماكن عديدة على امتداد الرسالة المحمدية نشير الى بعض منها اشارة عاجلة، في المسجد سد النبي جميع الابواب الا باب علي وعند بناء قبا لم تسر الناقة الا حين ركبها علي وفي ميدان من ميادين الحرب ناجى رسول الله علياً وفي خيبر اخذ الراية علي كل هذه الاحاديث تدل حركتها على ان هناك ضوءاً محدداً على شخص محدد وهذا الضوء يبتغي هداية خاصة للناس، لقد كان الضوء يتسع شيئاً فشيئاً، اتسع يوم المباهلة ويوم الكساء ويوم سد الابواب الا باب علي ويوم ان دعا الكتاب الى مودة ذي القربى وسهم ذي الغربي الى غير ذلك، حتى جاء اليوم الذي وضع النبي فيه حول علي منقبة من اعظم المناقب، اذ عليها تدور الحركة الواسعة للرسالة الاسلامية، روى مسلم عن علي قال «والذي فلق الحبة وبرء النسمة انه لعهد النبي الامي الي ان لا يحبني الا مؤمن ولا ينغضني الا منافق».
ثم استمرت دائرة الضوء الالهي حول علي بالاتساع من خلال حوادث عديدة لتدل ان علياً هو ذو الولاية الالهية بعد النبي.
*******