البث المباشر

عن دوافع محاربة أحاديث الحوض المحمدي

الثلاثاء 29 يناير 2019 - 11:53 بتوقيت طهران

الحلقة 131

وقعت واقعة كربلاء الرهيبة وتم كل شيء وبدأ شعر جديد يتألف في وصف فاجعة مروعة التي استهدف مقترفوها القضاء على‌ المثل الاعلى الالهي وكانت تلك نواة الشعر الحسيني الحزين الذي اخترق القلوب وما زال مضطرناً الى اليوم.
وفي دور اهل الايمان بدأت احاديث الحوض بعد الواقعة‌ الدامية تتحرك في الساحة. ومن هذه الاحاديث ما تواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله: «اني تارك فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يراد علي الحوض».
ومثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): انا فرطكم على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ ولا يردن علي قوم اعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم. هذه الاحاديث كانت بمنزلة صفعة شديدة لوجه التيار الاموي العاني الذي قتل اهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ولن يكن سهلاً على بني امية مواجهة احاديث الحوض وهي الاحاديث التي غدت بمثابة ‌المنشورات السرية التي يعبدها الاوفياء من اصحاب النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).
احاديث الحوض هذه بدأت تشق طريقها في ساحة المسلمين التي بدأت تشعر بالندامة والاسف بعد مقتل سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين بن علي (عليهما السلام) وبدأت تبحث عن طريق للتوبة يخلصها من الام الندم، ولمقابلة هذه الحالة لم يجد الامويون الغاصبون غير صنيعتهم عبيد الله بن زياد ابن ابيه من يقوم بهذه المهمة القمعية وليتصدى لمن استجد في الساحة بعد قتل ابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه.
بدأ عبيد الله بن زياد مهمته القمعية بأنكار هذه الاحاديث التي رواها خيار الصحابة ثم مواجهة الذين يروون ويتناقلونها بكل قسوة، روى احمد بن حنبل ان حديث الحوض ذكر عند ابن زياد فأنكره وبلغ ذلك انساً فقال: ما انكرت من الحوض؟
قالوا سمعت النبي يذكره قال: نعم ولقد ادركت عجائز المدينة ‌لا يصلين صلاة الا سألن الله تعالى ان يردهن حوض محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي رواية قال ابن زياد ولمحمد حوض؟ قالوا هذا انس بن مالك يحدث ان له حوضاً، فجاء انس فقال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ان لي حوضاً وانا فرطكم عليه.
وفي سياق آخر استنكر ابن زياد رواية ‌احاديث الحوض قال زيد بن ارقم بعث الي عبيد الله بن زياد فأتيته فقال احاديث تردنا وتروونها عن رسول الله لا نسمعها في كتاب الله وتحدث ان له حوضاً؟
قال زيد لقد حدثنا عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووعدناه فقال ابن زياد كذلك ولكنك شيخ قد خرفت قال زيد اني قد سمعته اذناي ووعاه قلبي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي رواية‌ قال ابن زياد أرأيتم الحوض الذي تذكرون ما اراه شيئاً.
وعند ابي ثبرة الهذلي قال كان عبيد الله بن زياد يكذب بالحوض بعد ما سأل عنه ابا برزة والبراء بن عازب وعائد بن عمرو ورجلاً آخر.
اجل كان تكذيب عبيد الله بن زياد احاديث الحوض يقوم من ارض اتخذت من قبل ثقافة سب امير المؤمنين علي (عليه السلام) عنواناً لها وتحت خيام هذه الثقافات نشأت اجيال يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وهذه الاجيال ما خرجت الا من تحت خيام بني امية.
ان ثقافة انكار الحوض فرضها ابن زياد بالسكين والسيف وجلد عليها الظهور ومنع العطاء لكل من قال ان للنبي حوضاً لانه يعلم ان اثبات الحوض ستترتب عليه امور تدينه وتدين ملك بني امية الطويل العريض، واذا كان ابن زياد جمع من حوله اتباعاً يقولون بقوله فأن طائفة الحق كان يدوي في اسماعهم قول النبي (صلوات الله وسلامه عليه)،‌ اسمعوا قالوا سمعنا فقال اسمعوا فقالوا سمعنا، فقال سيكون عليكم امراء فلا تعينوهم على ظلمهم فمن صدقهم يكذبهم فلن يرد علي الحوض، رواه احمد وابن حيان في صحيحه.
وفي ذاكرة طائفة الحق ايضاً انه (صلى الله عليه وآله) «انا فرطكم على الحوض ولأناز عن اقواماً ثم لاغلبن عليهم فأصحابي اصحابي» يقول انك لا تدري ما احدثوا بعدك، وقوله ايضاً «اني تارك فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».
اجل لقد كان في ذاكرة الحق الذين لا يضرهم من خذلهم او من ناوئهم او من عاداهم الكثير من اقوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانوا يعلمون ان في الحبل الممدود من السماء الى الارض عنوان اصيلاً للاخذ بأسباب المعرفة الاصيلة المرضية ولهذا بادروا الى اهل البيت (عليهم السلام) في وسط هذا الليل الذي لا نجوم فيه.
عندما خرج الامام الحسين (عليه السلام) كان خروجه من افق المثل الاعلى الالهي متوجهاً تلقاء العراق وسار في الطريق الذي اخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن مقتله فيه وذلك بعد ان حدد مصدر البناء الذي اكره الناس على عدم اقامة الحق والعدل، توجه الامام الحسين الى كربلاء ليس من اجل مقاومة الجماهير وانما من اجل مواجهة السلطة التي اتخذت مال الله دولاً ودين الله دغلاً وعباد الله خولاً، سار ابو عبد الله الحسين (عليه السلام) على امتداد الطريق وكان يعلم انه يسير بين حراب الذين يكرهون ويخافون ان يفقدوا ما يحبون وحوله نداء خالد من الرسول الاكرم يقول فيه «من حضره فلينصره» وفيه ايضاً«انا حرب لمن حاربتم».
كان سيد شباب اهل الجنة‌ (سلام الله عليه) في خطاه يقيم الحجة على كل صامت او متراجع او متردد اعتلالاً بفساد المناخ وصفوة القبائل وتقاليدها وقوانيها وتمادي الارهاب وقطع الرؤوس وقتل الاطفال كما فعل بصرين ارطئة وغيره، ان نزول جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بخبر مقتل الحسين (عليه السلام) يعني فيما يعني ان هذه الجريمة عليها من الله تعالى عقوبة وعلى الجميع ان يتحرروا منهج السلامة لكي لا يدخلوا في كهف تلك العقوبة الالهية، ان جريمة القتل هذه لا يمكن اخفاءها وسيخرج الزمان فعلتهم الغادرة الى الضوء لترى الاجيال ان الجراح ما تزال تتفجر منها الدماء، دماء تنادي بالحرية الحقيقية تحت نظام العدالة الحق وتعلم الاجيال ان خروج الامام الحسين وضع على الجبابرة والعتاة والى الابد لباس الذل والعار.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة