البث المباشر

المراقبة وأدب الحضور في مقام العبودية

الثلاثاء 29 يناير 2019 - 11:48 بتوقيت طهران

الحلقة 128

وقعت واقعة كربلاء الفجيعة الدامية‌ وقتلت الايدي الاموية العاتية عزيز الله الامام الحسين بن علي بن ابي طالب (عليه السلام)، هو واهل بيته واصحابه وحملت نساء بيت الوحي المطهرات اسارى الى الكوفة التي يحكمها عدو الله ورسوله عبيد الله بن زياد بن ابيه ثم ارسل قافلة السبايا الى العاصمة التي يتسلط عليها يزيد بن معاوية بن ابي سفيان الحاكم الجاهلي الارعن الذي ظهر امام الناس مرتدياً عباءة ‌الاسلام ودخلت القافلة الشام حتى وصلت الى ابواب دمشق.
كانت سياسة معاوية من قبل ان تكون سياسة الامراء التابعين لحكمة قائمة‌ على الشدة وسياسته قائمة على ظاهر اللين وحاول يزيد ان ينهج نهج ابيه في هذا الخصوص، مزق معاويه ويزيد الامة بمختلف الافاعيل ولكن عندما تعرض قضاياها عليهم يخفون الحقائق ويبرزون المصائب ويلقون جميع الاخطاء على جهات خارجية او معارضة داخلية ويزعمون ان هؤلاء هم السبب في كل مشكلة لان هؤلاء كما يصر الاعلام الاموي يحسدون بني امية على ما اتاهم الله من فضله.
وعندما قدمت القافلة التي تحمل رؤوس شهداء اهل البيت وسباياهم، وعلم يزيد بن معاوية بذلك روى انه قال عن مقتل الامام الحسين من قبل عبيد الله بن زياد لعن الله بن سمية اما والله لو اني صاحبه لعفوت عنه فرحم الله الحسين، ارأيت مستمعي الكريم الى المفارقة الغاشمة والخداع القبيح، ان يزيد نفسه الذي يقول هذا الكلام، هو نفسه الذي قام بتعيين ابن زياد حاكماً على الكوفة وفقاً ‌لمشورة سرجون الرومي النصراني من اجل التصدي لاهل الكوفة وهو الذي امر ابن زياد بمراقبة ابي عبدالله الحسين علي جميع ابواب الكوفة وهو ايضاً نفسه الذي كشف عن وجهه الحقيقي الشيطاني عندما دخل علي بن الحسين وصبيان الحسين ونساءه عليه سبايا والناس ينظرون، روى الطبري وابن كثير ان يزيد قال لعلي بن الحسين (عليهما السلام) يا علي ابوك الذي قطع رحمي وجهل حقي ونزعني سلطاني فصنع الله به ما رأيت، اجابه الامام علي بن الحسين ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرءها فقال يزيد لابنه خالد رد عليه فما درى خالد ماذا يرد عليه فقال يزيد لابنه قل وما اصابكم من مصيبة فيما كسبت ايديكم!
انها قضايا نعرف في لحن القول، قال بن كثير عن مجاهد، لما جيء برأس الحسين (عليه السلام) ووضع بين يدي يزيد فمثل بهذه الابيات:

ليت اشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل

فأهلوا واستهلوا فرحاً ثم

قالوا يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرن من اشرافكم

وعد لنا ميء بدر فعدل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

قال مجاهد لا ثقة فيها والله ثم والله، ما بقي في جيشه احد الا ذمه وعابه على هذا الشعر.
وروي ان يزيد قال ايضاً ورأس سيد الشهداء (عليه السلام) بين يديه ينكثه بقضيب بيده ان هذا وايانا كما قال الحصين ابن الحمام يفلقن هاماً من رجال اعزة علينا وهم كانوا اعق واظلما، فقال له ابو بردة الاسلمي ارفع قضيبك فلقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يلثمه.
جاء في كتاب تاريخ الخلفاء عن الكلبي انه قال نشأت وهم يقولون ضحى بنو امية يوم كربلاء بالدين، وفي شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي قال اليافعي واما حكم من قتل الحسين او امر بقتله او من استحل ذلك فهو كافر.
وقال الترتاذاني في شرح العقائد النفسية والحق ان رضى يزيد بقتل الحسين واستبشاره بذلك واهانته اهل بيت الرسول مما تواتر معناه لعنة الله عليه وعلى انصاره واعوانه، وقال الذهبي عن يزيد كان ناصباً فظاً غليظاً يتناول المسكر ويفعل المنكر، افتتح دولته يقتل الحسين وختمها بواقعة الحرة.
وقال ابن الاثير في البداية والنهاية وابن الاثير كما تعلم اموي الميول قال كان في يزيد اقبالاً على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الاوقات واماتتها في غالب الاوقات.
تحركت قافلة اهل البيت المظلومين المقهورين المستضعفين الى المدينة وفي المدينة نادى المنادي قتل الحسين بن علي، يقول عبد الملك بن مروان كما في رواية الطبري لم اسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن على‌ الحسين، فقال عمر بن سعيد بن العاص، هذه واعية بواعية عثمان بن عفان وبكى ابن عباس على آل البيت حتى فقد بصره في آخر عمره كما يروي المسعودي في مروج الذهب وبعد قتل الامام الحسين (عليه السلام) بدأ الشعر الحسيني يشق طريقه وهو يحمل معالم الالم والتفجع على هذه الجريمة الشتعاء، ومن هذا قول ابنة عقيل بن ابي طالب:

ماذا تقولون ان قال لكم

ماذا فعلتم وانتم آخر الامم

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي

منهم اسارى ومنهم ضرجوا بدم

وانشد الحاكم ابو عبد الله النيسابوري:

جاءوا برأسك يا بن بنت محمد

متزللاً بدماءه تزليلاً

وكأنما بك يابن بنت محمد

قتلوا جهاراً عاندين رسولاً

قتللوك عطشاناً ولم يتدبروا

في قتلك القرآن والتنزيلاً

ويكبرون بأن قتلت وانما

قتلوا بك التكبير والتهليلاً

وفي دور اهل الايمان بدأت احاديث الحوض تطفوا على الساحة من جانب الشعر، من ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) «اني تارك فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي اهل بيتي وانهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض» وقوله صلوات الله عليه وسلامه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين «انا فرطكم على الحوض، من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ ولا يردن علي اقوام اعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم». هذه الاحاديث كانت تمثل صفعة للتيار الاموي العاتي الذي قتل اهل البيت واذا كانت جهود الامويين سهلة في جهة الشر فأنها لم تكن كذلك في احاديث الحبط التي اصبحت كمنشور سري يقره الاوفياء من الصحابة ويسق طريقه في الساحة التي بدأت تشعر بالندم بعد قتل سيد الشهداء (عليه السلام) وتبحث عن مدخل تقدم توبتها منه الى الله عزوجل. ولن يجد التيار الاموي غير عبيد الله بن زياد ليتصدي لمن استجاد في الساحة بعد قتل الامام الحسين فبدأ ابن زياد عمله بأنكال هذه الاحاديث النبوية ثم مواجهة الذين يروونها بكل قسوة وقوة مما سنشير اليه في لقاءنا القادم في الحلقة القادمة بأذن الله.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة