البث المباشر

مِن خطوت الاصلاح العلوي

الثلاثاء 29 يناير 2019 - 11:18 بتوقيت طهران

الحلقة 125

نحن نواصل لقيانا في فسحة من الوقت مع المعنى الايجابي والكلمة المشرقة من اجل بصيرة اعلى وغد اكثر اشرافاً، هوذا نحن مع امير المؤمنين علي (عليه السلام) كم كان يبني وبعيد صياغة الانسان من جديد في ظروفه العصيبة تلك، هوذا نحن مع خطوات العلوية الجلية العظيمة وهو يدفع عن كيان امة الاسلام ما علق بها من رواسب وركامات.
بدأ الامام (عليه السلام) لما تولى قيادة الدولة بعملية الاصلاح، وكان الاصلاح واقعياً جدياً اتجه صوب الاسس والجذور، حيث كانت من قبل سياسة اعتماد المنافقين وسياسة منع رواية الحديث واطلاق العنان لاكاذيب القصاصين في المساجد وفسح المجال واسعاً امام شعر الترف والمجون واصداء الطرف عن صناعة الخمر وسياسة الخراج وتأويل الايات في غير وضعها الصحيح واكتناز الذهب والفضة الى سواها من السياسات التي حولت حياة المسلمين الى لون من الجاهلية الجديدة اللابسة عباءة الاسلام.
وما كان الامام (عليه السلام) يبدأ عملية الاصلاح المنقذة حتى صنعت امامه العقبات فجاءت معركة الجمل سريعة عاجلة وبدأت من بعدها رياح هدفها تحطيم كل شيء فماذا كانت عملية الاصلاح المنقذة التي بدأها امير المؤمنين علي (عليه السلام)؟
اول خطوة علوية في صياغة البناء كانت عملية تعالي امراء الفتن، فمن المعروف انه لما قتل عثمان خرج النعمان بن البشير ومعه قميص عثمان مضمخ بدمه فورد به على معاوية ووضعه على المنبر ليراه الناس وندب الناس لاخذ الثأر واصدر معاوية قراراً بأنه لا يقرب الرجال النساء حتى يأخذوا بثأر عثمان، وما فعله معاوية‌ وهو يدل على انه اصر على البقاء ولن يرضخ لاي محاولة تريد عزله، وكان الامام (عليه السلام) وهو الخليفة المبايع من المسلمين قد بعث الى الشام سهيل بن حنيف بدل معاوية فصد عن الوصول الى مقصده، وكان المغيرة بن شعبة قد اقترح على الامام ان يثبت عمال عثمان وولاته في مواقعهم فقال الامام (عليه السلام): والله لا دهن في ديني ولا اعطي الدني من امري.
فقال المغيرة: فأن كنت ابيت علي فأترع من شأت واترك معاوية.
فقال امير المؤمنين (عليه السلام): لا والله لا استعمل معاوية يومين ابداً.
ولم تكن عملية عزل جميع الولاة سهلة معبدة فعندما فرق اميرالمؤمنين ولايته على الامصار كان منهم من يتسلم عمله بهدوء ولكن على ارضية اختراق الناس فرقة مع بني امية وفرقة مع جماعة المسلمين، حدث هذا في البصرة وفي مصر، اما اهل الكوفة فأن كثرتهم تمسكوا بأميرهم السابق واعلنوا انهم لا يريدون البديل، وكانت بقية الامصار في طاعة امير المؤمنين لكن هذه الطاعة تقف على ارضية الخوف من الماضي الذي كانوا عليه وطمعاً في بيت المال وما فيه من الكنوز.
عملية الاصلاح الثانية التي ابتدأها الامام علي (عليه السلام) في بداية حكمه هو قراره في التسوية في الاموال، ذلك انه (عليه السلام) خطب في اليوم الثاني من بيعته واعلن انه سيرد كل قطيعة اقطعت لاي احد بغير حق وكل مال اخذ من مال الله فهو مردود الى بيت المال، فلما بلغ عمرو بن العاص ذلك كتب الى معاوية ما كنت صانعاً فأصنع اذ قشرك ابن ابي طالب من كل مال تملكه، وتحرك الوليد بن عقبة وهو اخو عثمان لامه ضد اجراءات الامام، تحرك عمرو بن العاص يريد اشعار النار والثاني يريد اموال كسرى وكرسي كسرى.
بيد ان الامام (عليه السلام) لن يبالي لهذا ولا بذاك وبدأ في اصلاح السياسية في الخراج وعندما قدم عليه عبد الله بن جمعة وهو من شيعته وطلب منه مالاً قال له الامام (عليه السلام): ان هذا المال ليس لي ولا لك وانما هو فيء المسلمين وجلب اسيافهم فأن شاركتهم في حربهم كان لك مثل حظهم وان لا فجناة ايديهم لا تعود الى افواههم، هنا عادت الحقوق للمقاتلين ولم يعد السواد اي ارض العراق بستاناً لقريش كما عادت التسوية في العطاء، وعندما عتب الامام على هذه التسوية في العطاء من غير تفضيل اولي السابقات والشرف على غيرهم قال: أتأمروني ان اطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه، لو كان المال لي لسويت بينهم فكيف وانما المال مال الله.
وكان الامام امير المؤمنين (عليه السلام) اختار ولاته وفق قاعدة التقوى والايمان، ثم يزود كل والي بالتعليمات التي تقود الناس الى صراط الله المستقيم، ويراقبه يعيون لا تبتغي الا مرضاة الله فأن اخطأ الوالي شهد عليه من لا شبة فيه عند الامام وعند الناس.
ان الامارة في عهد الامام (عليه السلام) لم تكن وجاهة وتشريف وفرصة للمزيد من مال الخراج ولكنها كانت مهمة ترفق بالانسان لتكون فطرته مهيئة لتلقي النور، فالرحمة في قرارات الامام كانت عنواناً اصيلاً يقف الانسان تحت ظله معتزاً بأنسانيته، وقد روي عن الامام انه قال: من كانت له الي فيكم حاجة فليرفعها في كتاب لاصون وجوهكم من المسألة، وبهذا تعبر المشاعر الانسانية جسوراً بالرضى وهي تسلك الطريق الصاعد نحو مرضاة الله عزوجل.
وبعد هذا وذاك جاء قرار الامام (عليه السلام) في ضرورة رواية العيمة ومنع اوهام القصاصين في اول ايام حكومته حين ارشد الناس الى كتاب الله تعالى فقال: ان الله تعالى انزل كتاباً هادياً بين فيه الخير والشر فخذوا نهج الخير تهتدوا الى ان قال (عليه السلام): اتقوا الله في عباده وبلاده فأنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم، ومن الطبيعي ان القصة ورواية الشعر المجون لا مجال لهما في هذه المساحة الزمنية والمكانية، ومن الطبيعي التوجية نحو العودة الى الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الامام (عليه السلام): تزاوروا وتدارسوا الحديث ولا تتركوه اي اقرأوه وتعهدوه لان لا تنسوه، وحذر الامام علي (سلام الله عليه) من خلط الحديث كما كان يجري في الساحة من نزاع واهواء او من هزل وباطل، كما روى ذلك الطبراني والخطيب، اما ما يتصل بانسحاب ظاهرة القصة والقصاصين فقد روي عن ابي البحتري انه قال: دخل علي بن ابي طالب الى المسجد فأذا رجل يخرف.
فقال: ما هذا؟
قالوا: رجل يذكر الناس.
فقال: ليس برجل يذكر الناس.
ولكنه يقول: انا فلان بن فلان اعرفوني.
فأرسل اليه فقال: اتعرف الناسخ من المنسوخ.
قال: لا.
فقال امير المؤمنين: فأخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة