يعرض الوثائقي ثنائية محكمة بين التعرف على شخص الشهيد سليماني من خلال مدينته التي تربى ونشأ فيها، وكذلك فرصة للتعرف على مدينة قدمت قائداً عسكرياً غّير ظروفاً جوهرية في المنطقة ، وعلى رأسها التصدي للإرهاب المدعوم أمريكياً.
تبدو الذكرى الثانية لاستشهاد سليماني مهمة لأكثر من سبب، فمن جهة أولى كانت حادثة الاغتيال تعبر عن اشتداد المواجهة بين الولايات المتحدة الأميركية ومحور المقاومة إلى حد غير مسبوق، ومن جهة ثانية هي تكريس لأيقونة سياسية وعسكرية وثقافية في عالم الجنوب. في الشرق والجنوب أيقونات واجهت، وتصدت، وتحدت، وغامرت، واستشهدت.. لذلك يصبح التوثيق في حالة كهذه في غاية الأهمية.
يتحدث الوثائقي، الذي تبلغ مدته 45 دقيقة، عن مدينة كرمان الإيرانية، التي نشأ فيها الشهيد الفريق قاسم سليماني، وعن حبّ أهلها واحترامهم له، والتأثير الذي تركه فيهم، في حياته وبعد استشهاده.
هذه المدينة التي أحيا فيها الآلاف الذكرى السنويةَ الثانية لاستشهاد قائد قوة القدس، لا تزال لا تصدّق نبأ استشهاده. كما يعكس الوثائقي العلاقة القوية التي جمعت أهالي كرمان بالحاج قاسم.
كذلك، يظهر في الوثائقي وفاء أهل المدينة لابنهم الشهيد، وثباتهم على النهج الذي استُشهد من أجله القائد المحبوب شعبياً، حتى "بات الحجر في كرمان ينطق بالوفاء للشهيد".
لقاسم سليماني في كرمان قصة قد يعرف كثيرون عناوينها ومحطاتها، لكنّ للقصة دروباً خفية سلكها قاسم سليماني، وترك فيها حكايات كثيرة تناقلها الناس عن رجل تآلف معهم، يروي الوثائقي هذه القصص ويعرضها للجمهور.
لماذا كرمان تحديداً؟
في هذا الصدد، قالت مُعِدّة الوثائقي بيسان طراف إنه "بعد عامين على استشهاد القائد قاسم سليماني، أردنا أن نحدّث المشاهدين وكلّ من أحب القائد العسكري عن جانب آخر في شخصيته، وهو الجانب الأهم: الإنسان، فأخذتنا وجهتنا إلى مدينة كرمان".
وأشارت إلى أن "كرمان في قلب الحاج قاسم، والحاج الشهيد في عينَي كرمان".
وتتكلم طرّاف عن اللحظات الأولى لزيارتها كرمان، قائلةً إنه "منذ أن وطئت أقدامنا مدخل المدينة، رافقنا طيف الحاج قاسم. إحساس شعرنا به في كل زوايا المدينة، وأزقتها، وأسواقها، وشوارعها، وفي عيون أبنائها الذين يبكون راحلهم كأنه استُشهد اليوم".
ولفتت الزميلة بيسان إلى أن "تصوير العمل استغرق 10 أيام، بقينا خلالها في المدينة أنا وزميلاي في مكتب طهران، المصوران بلال نجفي وجمال دوليتاري. وخصصنا جانباً من الوثائقي لواحد من أحب الناس إلى قلب الشهيد، وهو رفيقه ويده اليمني، والذي استُشهد معه، العميد الشهيد حسين پورجعفري، ابن كرمان، والذي دُفن إلى جانب الشهيد قاسم سليماني، بحيث يسلّط هذا الوثائقي الضوء على علاقة الشهيدين القوية والإنسانية من خلال زوجته وابنته".
علاقة الحاج قاسم بأهل كرمان "لا تزال مستمرة على الرغم من استشهاده". وبحسب طراف، فإنها "علاقة لافتة واستثنائية من الحب والوفاء والعطاء والتضحية".
وتضيف طراف "يحدثنا أصدقاء الشهيد المقربون عن هذه العلاقة. يبكونه، يشتاقون إليه، يفتقدونه. واليوم، بات الشهيد قاسم سليماني حاضراً في يومياتهم عبر طيفه، ويأخذون البركة من هذا الطيف في أي عمل ينجزونه، أو في أي خطوة يخطونها".
على سبيل المثال، "سنشاهد زوجين بعد عقد قرانهما يأتيان مباشرة إلى ضريح الشهيد سليماني لمباركة زواجهما. سنسمع شهادات عن إنسانية الشهيد مع الفقراء والمحتاجين والأيتام، وكيف كان لا يميز بين أبناء مختلف الطوائف. سنرى مشاهد حصرية وجميلة للشهيد مع أحبائه في مدينة كرمان. كيف لا، وهو ابن هذه المدينة التي أحبها وأحب أهلها وناسها".
في وصيته، لفتت مُعِدّة الوثائقي إلى أنه "شدد على أن يُدفَن في كرمان، ففي هذا الوثائقي سنرى، من خلال شهادات الناس، علاقة تفيض بالحب، وسنرى كيف تستمر كرمان في مبادلته المحبة والعطف".
أهل كرمان، الذين يصفون شهيدهم بالخالص لله، هم فخورون به، ويشعرون بالفحز والاعتزاز بأن واحداً من أهم قادة إيران والمنطقة والعالم، ومَن نذر نفسه للناس والفقراء والشعوب والمستضعَفين، وأمضى حياته كلها يقاوم، هو ابن كرمان.
وختمت طراف كلامها قائلةً "في هذا العمل، سيعرف المشاهدون لماذا نفتقد الشهيد قاسم سليماني".
المصدر: الميادين نت