وقرر علماء الفلك، من خلال قياس الأشعة السينية أثناء تمزق النجم بفعل الجاذبية، أن الثقب الأسود هو وحش بعيد المنال بشكل لا يصدق: ثقب أسود متوسط الكتلة، يجلس بين الأوزان الخفيفة ذات الكتلة النجمية والأوزان الثقيلة فائقة الكتلة.
ويعتقد العلماء أن الثقوب السوداء متوسطة الكتلة (IMBHs) يمكن أن تكون شائعة بشكل لا يصدق، ولكن لسبب ما، أثبتوا أنها بارعة في التخفي، لذا فإن هذا الاكتشاف يعد جائزة حقيقية - جائزة لا تمثل مجرد مختبر فريد لفيزياء الجسيمات الفلكية، حيث ساهمت في حل لغز كيفية وصول الثقوب السوداء الهائلة إلى حجمها الهائل.
وقالت عالمة الفلك آن زابلودوف، من جامعة أريزونا: "حقيقة أننا تمكنا من التقاط هذا الثقب الأسود أثناء التهامه نجماً، يوفر فرصة رائعة لرصد ما يمكن أن يكون غير مرئي لولا ذلك. وليس هذا فقط، فمن خلال تحليل التوهج، تمكّنا من فهم أفضل لهذه الفئة المراوغة من الثقوب السوداء، والتي قد تكون مسؤولة عن غالبية الثقوب السوداء في مراكز المجرات".
وفي حين أن الحدود بين IMBHs والثقوب السوداء فائقة الكتلة (SMBHs) ليست محددة جيدا حاليا، تعتبر الثقوب السوداء متوسطة الكتلة عموماً أكبر من النجم المنهار أو الثقب الأسود النجمي (حتى مائة كتلة شمسية) ولكنها ليست فائقة الكتلة.
وحتى الآن، تمكّن علماء الفلك من جمع عدد قليل من الأرصاد التي تشير إلى وجود IMBH، لكن النمذجة تشير إلى أنه يجب أن يكون هناك المزيد.
وتكشف الثقوب السوداء، غير المرئية عادة، عن نفسها عندما يقترب شيء مثل النجم قليلا. وبعد ذلك، تمتد قوة المد الهائلة للثقب الأسود - نتاج مجال جاذبيته - أولا ثم تسحب النجم بشدة حتى يتمزق.
ويطلق حدث اضطراب المد والجزر (TDE) هذا وهجاً ساطعاً من الضوء قبل أن يختفي حطام النجم المتحلل تدريجياً بعد أفق حدث الثقب الأسود.
ورصد حدث من هذا النوع، يسمى 3XMM J215022.4−055108 (اختصار J2150)، في عام 2003، وسط مجموعة نجمية في ضواحي مجرة تبعد 740 مليون سنة ضوئية. وعلى مدار 10 سنوات، تلاشى التوهج الساطع، ما وفر ثروة من البيانات من الحدث.
وبقيادة عالم الفلك سيكسيانغ وين، من جامعة أريزونا، أعاد الفريق الجديد تحليل البيانات، ومقارنتها بالنماذج النظرية المتطورة، من أجل قياس كتلة الثقب الأسود ودورانه بدقة أكبر.
وتمكن الباحثون من استخدام الدوران السريع لاستكشاف طبيعة المادة المظلمة. ولا نعرف ما هي المادة المظلمة، لكننا نعلم أنه إذا كانت مكونة من جسيمات افتراضية تسمى البوزونات فائقة الخفة، فلن يتمكن الثقب الأسود من الدوران بالسرعة التي لوحظت.