البث المباشر

شرح فقرة: "يا من هو كل يوم في شأن، يا قاضي الحاجات يا منفس الكربات..."

السبت 9 إبريل 2022 - 15:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح دعاء علقمة: الحلقة 8

 
لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"دعاء علقمة" و"صفوان"، حيث يقرأ هذا الدعاء بعد زيارة عاشوراء المباركة التي ورد الحث على تلاوتها في مختلف الاوقات وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الان عن مقطع آخر هو (يا من هو كل يوم في شأن، يا قاضي الحاجات، يا منفس الكربات يا معطي السؤلات)، ان هذه العبارات الاخيرة عدا الاولى منها وهي (يا من هو كل يوم في شأن)، نقول عدا هذه العبارة فان العبارات التالية لها في المقطع الذي لاحظناه الان تتناول التوسل بالله تعالى او التطلع الى رحمته المتمثلة في اشباع حاجات قارئ الدعاء مثل (قاضي الحاجات، منفس الكربات، معطي السؤلات)، هذه العبارات تتماثل او تتشابه او تشترك في معنى واحد هو التوسل بالله تعالى لاشباع حاجاتنا ولكن الاشباع يختلف في دلالته ودرجته ونوع من حاجة الى اخرى، فمثلاً الكربات تختلف عن السؤلات وهما يختلفان عن معنى الحاجات وقضائها، والمطلوب الان هو ملاحظة هذه الجوانب ما دمنا معنيين بقراءة الدعاء وادراك دلالاته وبالافادة من معطياته، حيث كررنا ان الادعية لا تنحصر في تمجيده تعالى او التوسل به للحاجات بل يتجاوزها ايضاً الى الظفر بالثروة المعرفية في مجال الاخلاق والعقائد والاحكام وسائر ميادين الثقافة.
اذن لنبدأ بتحليل العبارات المتقدمة، الاولى من عبارات المقطع هي (يا من هو كل يوم في شأن) ترى ماذا نستلهم من العبارة المذكورة؟
من الملاحظ ان الادعية وسائر النصوص الشرعية طالما تقتبس من القرآن الكريم موضوعات متنوعة وهو اسلوب فني او بلاغي مألوف في ميدان الصياغة الادبية ويطلق على هذا اللون من الافادة مصطلح التضمين او الاقتباس او ما يطلق على احد اشكال الافادة مصطلح التناص في اللغة المعاصرة.
المهم ان الآية القرآنية الكريمة القائلة في سورة الرحمن (يسأله من في السماوات والارض كل يوم هو في شأن)، ان كلمة "في شأن" تظل واحدة من المفردات الرمزية في القرآن الكريم، ونقصد بالكملة الرمزية ما ترشح به الكلمة من معاني متنوعة وهذا ما وسم كلمة او عبارة شأن حيث ورد في تفسيرها جملة دلالات منها ان الشأن يتعلق بمختلف ظواهر الوجود دنيوياً وآخروياً فمثلاً احياء الله تعالى واماتته وارزاقه وامراضه واشفائه، كلها مصاديق للشأن الذي ورد في الآية المباركة وكذلك ما يتعلق بالحياة الاخرة كالعرض والحساب والمصير.
والمهم الان هو ان نلاحظ صلة هذه العبارة التي اقتبسها الدعاء من القرآن الكريم وجعلها في مقدمة او استهلال المقطع الجديد المرتبط باشباع حاجات قارئ الدعاء وهذا ما نبدأ بتوضيحه الان.
ما دام الله تعالى له فاعليته في الرزق والصحة والمرض والفقر والاماتة والاحياء، حينئذ فان الشأن الذي يسم عظمة الله ورحمته وارادته يظل مرتبطاً بما يتوسل به الدعاء من اشباع حاجات القارئ للدعاء وهذا ما عبرت الفقرات التالية عنه وهي (يا قاضي الحاجات، يا منفس الكربات، يا معطي السؤلات).
اذن اتضح بجلاء ان الشأن من الله تعالى له فاعليته في ما توسلنا به الى الله تعالى من قضاء الحاجات ونحوها مما لاحظناه في مقطع الدعاء.
والان لنحلل كل عبارة من المقطع المذكور واولاها عبارة (يا قاضي الحاجات).
الذي نتوقعه من قارئ الدعاء هو ان يعترض علينا ويقول لا تحتاج هذه العبارة أي عبارة "يا قاضي الحاجات"، الى تحليل او شرح او توضيح فلماذا نضطلع بتحليله؟
الجواب هو: ان قضاء الحاجات هو عنوان كلي وعام وشامل حيث تندرج ضمنه عشرات او مئات او الآف المصاديق التي تنسحب عليها عبارة الحاجات ان حاجاتنا لا تنحصر في عدد صغير بقدر ما تتنوع وتتكاثر.
لذلك فان تصدير المقطع من الدعاء بعنوان عام هو قضاء الحاجات ثم اردافه باشكال الحاجات المرتبطة بالدنيا والاخرة كما سيعرضها الدعاء له اهميته الخاصة على نحو ما سنتحدث عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
اما الآن فحسبنا ان نتوسل بالله تعالى فعلاً وهو ان يقضي حاجاتنا جميعاً في الدنيا والأخرة والاهم من ذلك هو ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة