البث المباشر

تفسير موجز للآيات 36 الى 40 من سورة النمل

الإثنين 6 إبريل 2020 - 13:09 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 683

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

إخوة الإيمان السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج "نهج الحياة" وتفسيراً آي أخر من سورة النمل المباركة نستهله بالآيتين السادسة والثلاثين والسابعة والثلاثين:

فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ﴿٣٦﴾

 ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴿٣٧﴾

في الحلقة السابقة من البرنامج عرفنا من الآيات الكريمة أن ملكة سبأ ردت على كتاب سليمان بإرسال هدية لكي تعرف ما إذا كان الغرض من إرسال الكتاب المال والثروة والأمور الدنيوية، أم سوى ذلك؟ وكانت قد أمرت موفديها بأن يروا ردة فعل سليمان (ع) إزاء الهدية فيعلمونها بذلك.

فما تشير الآيتان المار ذكرهما أن سليمان لم يسره الهدية التي اعتبرها رشوة للتغرير به وخداعه لذا قال سليمان عليه السلام مستنكراً بأنه لا يحتاج الى ما لهم وقال ما مضمونه: ما أعطاني من الملك والنبوة والحكمة خير مما أعطاكم و"آتاكم" من الدنيا وأموالها فما يهدي بعضكم الى بعض "الفرحون" به وأما أنا فلا أفرح بها.. وهذا إشارة الى عدم إكثاره بأموال الدنيا والى أن ما كان يرمي إليه إذعان بلقيس وقومها للحق.. لذا قال للرسول ما مؤداه: "إرجع إليهم" بما جئتني من الهدايا "فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها" ولا طاقة على دفعها، فما كنت أتوقعه بعد وصول كتابي إليهم أن يتبينوا أمر نبوؤتي ويطلبوا ما يثبت ذاك من أدلة وبراهين بدل إرسالهم هدية لإرشائي وإغوائي.

تفهمنا الآيتان:

  •  إن اولياء الله يتطلعون الى الماديات من مال وثروة، فهم لا يتاجرون بأهدافهم ومهامهم السماوية ولا يقايضونها بمتاع الدنيا.
  •  وجوب محاورة الناس مواجهتهم بالمنطق، ومواجهة من لا يذعن للحق بالقدرة.
  •  الجهاد؛ فرض في الإسلام وما سبقه من الأديان.

نصغي وإياكم للآية الثامنة والثلاثين من سورة النمل المباركة:

قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴿٣٨﴾

 

لما رجع رسول ملكة سبأ وأبلغها بما رأى من قدرة سليمان وعظمة الإمام عرفت بلقيس أنه نبي وأنها لا تستطيع أن تقاومه لذا تجهزت للمسير إليه فأخبره جبرائي بذلك فقال سليمان لكبار جنده إظهاراً لبلوغ قدرته الموهوبة من ربه ومعجزة باهرة لنبوته ليسلموا لله كما يسلمون له "يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين" في كلمة "مسلمين" هنا قولان: أحدهما أن النبي سليمان أراد بذلك أن يأتوه مؤمنين موحدين والآخر مستسلمين منقادين.

تفهمنا الآية:

  •  أعطى الله للأنبياء علم الغيب، وأنهم يحسنون توظيف هذا العلم واستثماره متى ما اقتضى الحال ودعت إليه الضرورة.
  • طي الأرض، أي قطع مسافات طويلة في قليل من الزمن متاح لرسل السماء فحسب، على هذا طالب النبي سليمان أماثل جنده وأشراف عسكره بذلك.

والآن نصغي وإياكم مستمعينا الأكارم للآيتين التاسعة والثلاثين والأربعين من سورة النمل المباركة:

قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴿٣٩﴾ 

قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴿٤٠﴾

 

ما إن دعا النبي سليمان أماثل جنده وأشراف عسكره لأن يأتيه أحدهم بعرش بلقيس من مملكة سبأ الى أرض الشام "قال عفريت من الجن" وهو مارد قوي داهية ملبياً الدعوة "أنا آتيك به" يا مولاي "قبل أن تقوم من مقامك" أي من مجلسك الذي تقضي فيه "وإني عليه لقوي أمين" أي: على حمل العرش ذاك لقوي وعلى الإتيان به في هذه المدة القصيرة التي لا تتجاوز بضع ساعات لكن سليمان عليه السلام أراد أسرع من ذلك فعند ذاك "قال الذي عنده علم من الكتاب" وهو آصف بن برخيا وكان وزير سليمان، وأما الكتاب فهو كما قيل اللوح المحفوظ "أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك" فوافق سليمان على هذا الإقتراح المتميز عن الأول لقصر مدته الزمنية وظهور الإعجاز الإلهي فيه فأناط المهمة هذه بآصف بن برخيا فسأل الله تعالى في ذلك فحضر العرش "فلما رآه" سليمان "مستقراً عنده" في مقدار رجع البصر "قال هذا من فضل ربي" أي: من نعمته وإحسانه لدي لأن تيسر ذلك وتسخيره مع صعوبته وتعذره معجزة لوصيه آصف بن برخيا ودلالة على علو قدرته وجلالته وشرف منزلته عند الله تعالى ولكي يعرف قومه أنه خليفته من بعده ووصيه في أمته.

أفادتنا الآيتان:

  •  بوسع الإنسان توظيف العلم واستثماره في التحكم بالطبيعة وقوانينها والتصرف بما يحلو له وكيفما يشاء في الطبيعة.
  •  يجب أن لا نغتر بما لنا من علم وقدرة، فما لنا من نعمة فمن الله وفضله ولطفه وعنايته اللامتناهية.

وصلنا الى نهاية حلقة اليومعلى أمل اللقاء بكم في حلقة جدية من برنامج (نهج الحياة) نستودعكم الله أعزاءنا المستمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة