البث المباشر

حديث: انك لاتزال بخير

الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 14:58 بتوقيت طهران
حديث: انك لاتزال بخير

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 176

نص الحديث


قال الامام زين العابدين عليه السلام: "انك لاتزال بخير، ما كان لك واعظ من نفسك وكانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعارا، والحذر لك دثاراً " .

دلالة الحديث

الحديث المتقدم تعنينا منه: العبارتان الاخيريتان وهما: "ما كان الخوف لك شعارا، والحذر لك دثارا" اما الاوليان وهما "ما كان لك واعظ من نفسك" و "ما كانت المحاسبة من نفسك" فهما متسمتان بنفس الاهمية، بل ان العبارتين هما امتداد للسابقتين عليهما، كل ما في الامر بما اننا نتحدث عن بلاغة الحديث واحد نماذجها هو العنصر الصوري الاستعارة او التمثيل) حينئذ فان الحديث ينصب على هذا الجانب.

بلاغة الحديث

قبل ان نحدثك عن بلاغة الحديث، نشير الى انه تضمن اربع توصيات هي: ان يكون للانسان واعظ داخلي يحمله على ممارسة السلوك العبادي المطلوب، ثم ان يعنى بمحاسبة نفسه، اي: ان الواعظ الداخلي يحمله اذا كان حريصاً على تعديل سلوكه على محاسبة سلوكه، بحيث اذا كان خيراً حمد الله تعالى، واذا كان ذنباً، تاب منه. بعد ذلك نتجه الى العبارتين الصوريتين وهما: ان يكون الخوف شعاره، والحذر دثاره، والسؤال الآن بعد معرفتنا بأن الخوف هو من الله تعالى اي: يخشى الله تعالى من ممارسة الانحراف، ويحذر من الوقوع في ممارسة هذا الانحراف.
يجئ السؤال: ما المقصود بالشعار، وما المقصود بالدثار، ما الفارق بينهما، وما الفارق بين الخوف والحذر؟ هذا مانتحدث به الآن.
الشعار هو: اللباس الداخلي في الجسم، واما الدثار فهو ما يتلفف به من الثياب ويشتمل به، واما الخوف فهو: مراقبة الله تعالى خوف الوقوع في الذنب، بينما الحذر هو: احتياطه من الانحراف المذكور. والآن ما هي السمات البلاغية لهاتين العبارتين؟ لقد خلع النص على (الخوف) طابع (الشعار) وهو الشئ المباشر للجسم، بينما خلع على (الحذر) طابع (الدثار) وهو الشئ او الثوب والملبس الذي يلي الشعار. وفي ضوء هذه الفارقية نصل الى النتيجة الاتية وهي: بما ان الخوف هو المغطي مباشرة للجسد، حينئذ فان الاستعارة المذكورة تعني: ان الخشية من الله تعالى ينبغي ان تحجزه تماماً عن الوقوع في المعصية، واما الحذر فبما انه احتياط فيأتي في المرتبة التالية من السلوك اي: يتجنب ما يتوقعه من الوقوع في المعصية، ولذلك خلع عليه النص طابع (الدثار) اي: الاحتياط التام لعدم الوقوع في المعصية، بصفة ان الثوب هو: اللباس الخارجي الذي يتدثر به من اجل عدم التعرض للبرد او الحر مثلاً.
اذن: اتضح لنا بجلاء ما تحمله العبارتان المتقدمتان من نكات بلاغية ذات طرافة واثارة، بالنحو الذي اوضحناه سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة