البث المباشر

بركات الاعتقاد اليقيني بالدار الاخرة

السبت 26 أكتوبر 2019 - 13:05 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من هدى الثقلين: الحلقة 10

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على هداة الخلق إلى الحقائق المكنونة في كتاب الله المبين محمد الهادي المختار – صلوات الله عليه وآله الأطهار -.
- السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات، ورحمة من الله وبركات.
- أطيب التحيات نهديها لكم أيها الأطائب في لقاء اليوم من هذا البرنامج، فأهلاً بكم ومرحباً.
- مستمعينا الأفاضل الإيقان بالآخرة – وليس الإيمان بها فقط – هي الصفة الخامسة والأخيرة من صفات المتقين طبق ما ذكرته الآيات الخمس الأولى من سورة البقرة.
- وبالتحلي بهذه الصفات يكون المتقون على هدىً من ربهم ويبلغون أعلى مراتب الفلاح والسعادة والحياة الطيبة.
- وقد عرفنا في لقاءات سابقة من هذا البرنامج الصفات الأربع السابقة، وحديثنا في هذا اللقاء عن هذه الصفة التي تمثل في واقعها الوقود الإلهي لحركة المتقين على الصراط المستقيم وفي رحاب الحياة الطيبة وإليها.
- والتوضيح يأتيكم أيها الأحبة بعد أن ننصت معاً بخشوع وتدبر إلى تلكم الآيات المباركة حيث يقول الله جل جلاله:
"الم{۱} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{۲} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{۳} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{٤} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{٥}
- صدق الله العلي العظيم، نلاحظ في النص القرآني المتقدم أن البلاغة القرآنية قد قدمت فعل "يؤمنون" عند بيانها لصفتي المتقين في الإيمان بالغيب وبما أنزل الى الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله -.
- لكنها عندما ذكرت صفة إعتقادهم بالآخرة، قدمت الآخرة على الفعل فقالت "بالآخرة هم يوقنون".
- ولعل في هذا التقديم إشعار بأن الآخرة التي بعيدة وغير مشهودة في تصور سائر الناس، قريبة ومقدمة عند المتقين ومشهودة لديهم: وفي هذا دلالة على قوة إيمانهم بها.
- كما أن البلاغة القرآنية إستخدمت فعل "يوقنون" عند ذكر إعتقاد المتقين بالآخرة وليس فعل "يؤمنون" كما ورد عند ذكر الآيات لصفتي المتقين في الإيمان بالغيب وبما أنزل إلى الأنبياء وسيدهم المصطفى صلى الله عليه وآله.
- فما الحكمة من هذا الإستخدام؟ وأي أمر يريد ربنا الحكيم هدايتنا إليه بهذا الإستخدام؟ الإجابة تأتيكم مستمعينا الأكارم بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
- أيها الإخوة والأخوات، قبل الإجابة عن الأسئلة المتقدمة نشير إلى أن القرآن الكريم قد إستخدم فعل "يوقنون" في مطلع سورة النمل المباركة في وصف الإيمان بالآخرة لدى المؤمنين الذين تكون الآيات القرآنية هدى وبشرى فقال عز من قائل:
"طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ{۱} هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{۲} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{۳}
- صدق الله العلي العظيم، كما جاء هذا الإستخدام في تعريف المحسنين الذين جعل الله الآيات القرآنية الحكيمة هدى ورحمة لهم وبشرهم بأنهم على هدى من ربهم وأنهم هم المفلحون، فقال عزوجل في مطلع سورة لقمان:
"الم{۱} تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ{۲} هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ{۳} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{٤} أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{٥}
- صدق الله العلي العظيم، وقد روي عن الإمام الزكي الحسن العسكري سلام الله عليه أنه قال في قوله تعالى "وبالآخرة هم يوقنون".
- يعني: وبالدار الآخرة بعد هذه الدنيا يوقنون ولا يشكون فيها أنها الدار التي فيها جزاء العمال الصالحة بأفضل مما عملوه، وعقاب الأعمال السيئة بمثل ما كسبوه.
- وفي هذا الحديث الشريف هداية لطيفة إلى أن الإيقان أعلى مرتبة من الإيمان، لأن الإيمان إذا خلص من الشك صار إيقاناً وبلغ مرتبة اليقين.
- وعلى ضوء هذه الهداية تتضح الحكمة من استخدام القرآن الكريم لفعل "يوقنون" في جميع الموارد الثلاثة التي ذكر صفات المتقين والمؤمنين والمحسنين الذين يكون القرآن لهم هدى وبشرى ورحمة وبهم يبلغون الفلاح.
- لأن الإيقان بالدار الآخرة هو الذي يجعلهم يندفعون دون شك وتردد في الطاعات وإتباع الهدى الرباني فيبلغون أعلى مراتب الفلاح إذ بهذا الإيقان تكون الآيات القرآنية بشرى ورحمة لهم.
- وهذا مستمعينا الأفاضل، ما سنفصل الحديث عنه وعن مصاديق وعلاماته إستنارة بهدايات النصوص الشريفة الآتية بعون الله في الحلقات المقبلة من برنامجكم من هدى الثقلين.
- نشكركم على طيب المتابعة ولكم دوماً خالص التحيات من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم في أمان الله.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة