البث المباشر

الايمان بالغيب أولى صفات المتقين

السبت 26 أكتوبر 2019 - 12:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من هدى الثقلين: الحلقة 6

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الهداة الى الله.
- السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله.
- تحية الإيمان المباركة، نحييكم بها في مستهل لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- أيها الأفاضل، بشر الله تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم بأن المتقين الذين هم على هدى من ربهم هم المفلحون الذين يرزقهم طيب الحياة وسعادتها في الدنيا والآخرة.
- ولكي يعيننا – وهو المعبود المستعان – على التحلي بصفات المتقين عرفنا بها في مطلع سورة البقرة لكي نتحلى بها ونصير من اولئك المفلحين، فما هي هذه الصفات؟
- للحصول على إجابة هذا السؤال نتبرك بالإنصات بخشوق وتدبر للآيات الخمس الأولى من سورة البقرة حيث يقول عز من قائل:
"الم{۱} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{۲} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{۳} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{٤} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{٥}
- صدق الله العلي العظيم.
. من هذا النص يتضح أن أولى صفات المتقين هي الإيمان بالغيب، فإذا رسّخ المؤمن في قلبه هذا الإيمان عرف أنه قد تحلى بأولى صفات المتقين الذين هم على هدىً من ربهم والذين هم المفلحون، فما معنى الإيمان بالغيب؟
- قال الإمام الحسن الزكي العسكري في المروي عنه عليه السلام في تفسير نور الثقلين وغيره: ثم وصف الله عزوجل هؤلاء المتقين الذين صار هذا الكتاب هدى لهم فقال: "الذين يؤمنون بالغيب" يعني بما غاب عن حواسهم من الأمور التي يلزمهم الإيمان بها كالعبث والنشور والحساب والجنة والنار وتوحيد الله تعالى وسائر ما لا يعرف بالمشاهدة، وإنما يعرف بدلائل قد نصبها الله عزوجل عليها كالأنبياء الذين يلزمهم الإيمان بهم، وبحجج الله تعالى وإن لم يشاهدوهم، فيؤمنون بالغيب.
- أيها الإخوة والأخوات، يمكننا التعرف من الهدى الذي يشتمل عليه حديث إمامنا الحسن العسكري عليه السلام على أركان الإيمان بالغيب وبالتالي على السبيل العملي للتحلي بأولى صفات المتقين، وهذا ما نتناوله فيما يلي بشيء من التفصيل فابقوا معنا مشكورين.
- مستمعينا الأعزاء، يبين مولانا الحسن العسكري أن معنى الغيب هو ما غاب عن الحواس الظاهرية للإنسان ولكن دلت عليه الأدلة والبراهين فوجب الإعتقاد به قلبياً وإن لم تشهده الحواس الظاهرية.
- وهذا يعني أن التحلي بصفة الإيمان بالغيب يعني إنتقال الإنسان إلى أفق أعلى من أفق الحواس الظاهرية والتحرر من أسر الأفق المادي المحدود.
- وهذا الإنتقال بحد ذاته يفتح قلب المؤمن على التسليم لما يذكره القرآن الكريم من حقائق عالم الغيب وهذا التسليم هو مفتاح العمل بمقتضى هذه الحقائق الغيبية وبالتالي يصير القرآن الكريم عملياً هدى للمؤمن بالغيب، أي أعظم بركة عليه من غيره.
- هذا أولاً وثانياً فإن أصل الإيمان بالغيب بما يشتمل عليه من التحرر من أسر الأفق المادي المحدود يعني جعل المؤمن بالغيب يتطلع باستمرار الى مراتب من الكمال والرقى أسمى مصاديق الكمال التي عرفها.
- فيكون في حالة سير تكاملي متواصل يرتقي فيه الى مراتب من النعيم والسعادة من نمط ما وصفته النصوص الشريفة بأنه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على ذهن بشر وهذا من أعلى مراتب النعيم ومن أسمى ثمار الإيمان بالغيب.
- مستمعينا الأطائب، ويبين إمامنا الحسن العسكري – صلوات الله عليه – أن الصفة الأساسية للغيب هي كون الأدلة والبراهين قد أوجبت الإعتقاد به لأنه موجود بالفعل، فنكرانه خروج عن دائرة العقل الذي دل عليه وهبوط من مرتبة الإنسانية العقلائية الى البهيمية.
- ومن مصاديق المهمة الإيمان بخاتم الأوصياء المهدي الموعود في غيبته عجل الله فرجه لأن الإيمان به هو الذي ينجي من ميتة الجاهلية ولهذا أكدت عليه الأحاديث الشريفة كثيراً، قال السيد العلامة هاشم البحراني في كتاب البرهان في تفسير القرآن:
- عن أبي عبدالله الإمام الصادق – عليه السلام – في قوله عزوجل "الذين يؤمنون بالغيب" قال "من آمن بقيام القائم – عليه السلام – أنه حق"
- وعن يحيى بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق – عليه السلام – عن قول الله عزوجل "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب" فقال "المتقون: شيعة علي (عليه السلام) والغيب فهو الحجة الغائب، وشاهد ذلك قوله تعالى "ويقولون لو لا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين"
- وروي عن الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري، عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – في حديث يذكر فيه الأئمة الأثني عشر وفيهم القائم (عليهم السلام)، قال جابر: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله – : طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبته، اولئك من وصفهم الله في كتابه، فقال: "الذين يؤمنون بالغيب" وقال "اولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون".
- وبهذا ننهي مستمعينا الأكارم حلقة اليوم من برنامج من هدى الثقلين نأمل من الله أن تكونوا قد قضيتم معنا فيها أطيب الأوقات وأنفعها وأكثرها بركة.
- شكراً لكم على طيب المتابعة ولكم دوماً خالص الدعوات من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. في أمان الله.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة