البث المباشر

انتهاك حرمة عزة المسلمين والاطفال

الإثنين 30 سبتمبر 2019 - 15:22 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- فاجعة كربلاء وحرمات الله: الحلقة 11

حطّوا الرّحال.. فذا محطّ خيامنا

وهنا تكون مصارع الشهداء

حطّوا الرحال.. فذا مناخ ركابنا

بهذه – والله – سبي نسائي

وبهذه الأطفال تذبح.. والنّسا

تعلو على قتب بغير وطاء

وبهذه تعلى الرؤوس على القنا

تهدى إلى ذي الكفر والشّحناء

وبهذه تتفتّت الأكباد من

حرّ الظّما وحرارة الرّمضاء

وبهذه يعدو جوادي صاهلاً

ملقى العنان يجول في البيداء

وبهذه – والله – يسلبني العدا

وتجول خيلهم على أعضائي

وبهذه نهب الخيام وحرقها

وبهذه حرمي تقيم عزائي

وبهذه زوّارنا وحش الفلا

والريح تكسونا ثرى الغبراء


* إخوتنا الأعزّة الأكارم... السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد عهد من أصحاب النزعات الجاهلية، وأهل الفسوق والرذيلة والانحطاط، أنّهم يتلذّذون بكسرهم للقداسات الإلهية، وهتك الحرمات الدينية والاجتماعية، حسداً وانتقاماً وثأراً لأنفسهم التي أردوها في أوحال النجاسات والموبقات. ومن هنا – أيها الإخوة – عرفهم التاريخ وعرّف بهم، أنّهم يجهدون مساعيهم في إذلال الآخرين والحطّ من قدرهم ومنزلتهم، وهتك حرمتهم، فإن لم يقدروا على ذلك ولم يحقّقوا هدفهم الخبيث هذا لإرضاء أنفسهم المريضة، توسّلوا بكلّ وسيلة لئيمة إلى قتل الأولياء والصالحين، إذ هم لا يطيقون وجودهم المبارك، حيث يعتبرون وجودهم الطاهر فاضحاً للمنافقين والفاسدين والمفسدين وأهل الظّلم والبغي والعدوان. ومن هنا – إخوتنا الأعزّة الأفاضل – نقل لنا التاريخ كيف كان عتاة قريش يمعنون في تعذيب المسلمين الأوائل في مكة، وكيف تكالبت قوى الشرّ على محاربة الرسول والرسالة، واجتمعت أفواج البغي جيوشاً بين الحين والآخر على وأد الإسلام وقتل أتباعه... وكذلك نقل لنا التاريخ – بعد ذلك – كيف تكأدت عساكر النفاق والطمع والغدر والخيانة لقتل وليّ الله، وصيّ رسول الله، الحسين بن عليّ أبي عبدالله، فكان منها محاولات الإخضاع لحكومة الشام وأخذ البيعة لملك الفجور المعلن يزيد بن معاوية، فرفض الإمام الحسين _صلوات الله عليه_ ذلك رفضاً قاطعاً، بإباء وشموخ وعزّة ومنعة، فهو من بيت النبوّة والوحي والرسالة، وهو سليل الشرف المؤبّد، وهو الذي بجدّه وأبيه بلّغ الإسلام وقام وسما وفشا في الآفاق... وبنو أمية لم يسلموا فضلاً عن أنّهم لم يؤمنوا، وإنّما استسلموا بعد أن هيمن الإسلام على ربوع الجزيرة بجهود رسول الله المصطفى _صلى الله عليه وآله_ وسيف أمير المؤمنين عليّ _سلام الله عليه_ ومواقف أبي طالب ونصرته _رضوان الله عليه_ ونفقات خديجة وسخائها الوسيع _رضوان الله تعالى عليها_. لكنّ بني أمية تربّصوا زمناً، وتحينوا الفرص كي يقفزوا إلى السلطة، فحين ذاك ينزلون بالإسلام نقمتهم بعد أن قتل في صدره كبراءهم من زعماء الشرك ورموز الفساد والانحراف، فماذا فعلوا بعد أن أصبح يزيد ملكا تحت يده جيش من الجهلة والشرّيرين والمنافقين؟!

 


ايها الأخوة والأخوات؛ في كتاب (اللهوف على قتلى الطفوف)، ذكر أنّ عمر الأطرف ابن أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ كان له اقتراح، فأجابه الإمام الحسين ـ عليه السَّلام: "أتظنّ أنّك علمت ما لم أعلمه؟! والله لا أعطي الدنية من نفسي أبدا". وكان لمحمّد بن الحنفية، وهو ابن أمير المؤمنين _عليه السَّلام_ اقتراح ايضاً، فأجابه أبوعبدالله الحسين ـ سلام الله عليه ـ كذلك، كما يذكر الخوارزمي الحنفيّ في كتابه (مقتل الحسين _عليه السَّلام_) حيث قال له: "يا أخي، لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى، لما بايعت يزيد بن معاوية". وجاء في (أنساب الأشراف) للبلاذريّ أنّ قيس بن الأشعث طلب من الإمام الحسين بن عليّ ـ عليهما أفضل الصلاة والسَّلام ـ أن يبايع يزيد، فكان من جواب أبيّ الضّيم قوله له : "لا والله، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرّ فرار العبيد". وفي (مناقب آل أبي طالب) لابن شهر آشوب، و(تاريخ مدينة دمشق) لابن عساكر الدمشقيّ الشافعيّ، و(مقتل الحسين ـ عليه السَّلام) للخوارزميّ الحنفيّ... أنّ رجلاً سأل الحسين ـ عليه السَّلام ـ وهو في أحد منازل الطريق إلى كربلاء، فأخبره عن حاله، وكان ممّا قال ـ عليه السَّلام ـ له : "إنّ الأمر لله يفعل ما يشاء، وربّنا تبارك كلّ يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء... فالحمد لله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشّكر" ، ثمّ أنشد يقول:

فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة

فدار ثواب الله أعلى وأنبل

وإن تكن الأموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخل

وإن تكن الأبدان للموت أنشئت

فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل

عليكم سلام الله يا آل أحمد

فإنّي أراني عنكم سوف أرحل


وفي (اللهوف) كذلك – أيها الإخوة الأحّبة، و(تاريخ دمشق)، و(مقتل الحسين) للخوارزميّ..، و(تذكرة خواصّ الأمّة) لسبط ابن الجوزيّ أنّ الحسين ـ سلام الله عليه ـ يوم عاشوراء ركب فرسه، وأخذ مصحفاً فنشره على رأسه المبارك، ووقف بإزاء جيش عمر بن سعد، ونادى بالقوم : "يا قوم، إنّ بيني وبينكم كتاب الله، وسنّة جدّي رسول الله", ثمّ استشهدهم عن نفسه المقدّسة، وسألهم عمّا أقدمهم على قتله، فأجابوه : طاعة للأمير عبيدالله بن زياد، فخطب ـ عليه السَّلام ـ خطبة بليغة وبّخهم فيها على نواياهم ومواقفهم، فكان من ذلك قوله: "تبّا لكم أيتها الجماعة وترحاً.." إلى أن قال ـ صلوات الله عليه ـ لهم: "ألا وإنّ الدّعيّ بن الدّعيّ، قد ركز بين اثنتين، بين السّلّة والذّلّة، وهيهات منّا الذّلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللّئام، على مصارع الكرام. ألا وإنّي زاحف بهذه الأسرة على قلّة العدد وخذلان الناصر". ثمّ أنشد ـ عليه السَّلام ـ أبيات فروة بن مسيك المراديّ:

فإن نهزم... فهزّامون قدما

وإن نهزم فغير مهزّمينا

وما أن طبّنا جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا

فقل للشامتين بنا: أفيقوا

سيلقى الشامتون كما لقينا

إذا ما الموت رفّع عن أناس

بكلكله أناخ بآخرينا


إخوة الإسلام، وخلاصة ما تقدم في هذا اللقاء أن من الحرمات الإلهية التي إنتهكها عتاة بني في واقعة الطف الدامية، حرمة المسلم في حرية البيعة، وكذلك حرمة الاطفال والمنع الإلهي لإيذائهم حتى لو لم يكونوا مسلمين فكيف بقتل أطفال الذرية المحمدية الطاهرة؟ وبهذا تنتهي الحلقة الحادية عشر من برنامج فاجعة كربلاء وحرمات الله قدمناه لكم من إذاعة طهران تقبل ألله أعمالكم ـ والسَّلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة