البث المباشر

شرح فقرة: "سترته عن خلقك وغاب بأذنك عن بريتك..."

السبت 14 سبتمبر 2019 - 13:59 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " سترته عن خلقك وغاب بأذنك عن بريتك " من دعاء عصر الغيبة.

 

لا نزال نتحدث عن الادعية المباركة وما تتضمنه من البعد المعرفي في مختلف الميادين ومنها معرفة الامام الغائب(ع)، وما يواكب حياته وظهوره وغيابه من مواقف واحداث لا مناص من الشخصية الاسلامية من معرفة ذلك ... والمهم نواصل حديثنا عن احد ادعية عصر الغيبة، حيث حدثناك عنه في لقاءات سابقة ووصل بنا الحديث الى التوسل بالله تعالى بان يثبتنا على طاعة الامام(ع)حيث وصفه الدعاء بهذا الوصف (الذي سترته عن خلقك وباذنك غاب عن بريتك)... هذه العبارة مع انها من الوضوح بمكان الا ان قارئ الدعاء ينبغي ان ينتبه على ما فيها من النكات ... فما هي هذه النكات؟
الاولى من النكات هي ان الدعاء المذكور او العبارة المذكورة استخدمت عبارات تبدو وكأنها بمعنى واحد، مثل عبارة (سترته عن خلقك)، فالعبارة تستهدف الاشارة الى ان الله تعالى ستر الامام(ع) عن خلقه... ولكن هذا الموضوع نفسه عبر عنه في العبارة التالية لها بقوله: (وبأذنك غاب عن بريتك)، هنا من حق القارئ للدعاء ان يسأل اولاً لماذا استخدم الدعاء كلمة الخلق وكلمة "البرية" حيث انهما بمعنى واحد في الظاهر؟ ثم لماذا استخدم عبارة "ستر" وعبارة "غاب" حيث قال الدعاء ان الله تعالى ستر الامام(ع) عن خلق الله تعالى وانه(ع) غاب عن البرية وهي خلق الله تعالى ايضاً.... هنا ثمة نكات سنجيبك عنها؟
بالنسبة الى الفارق بين الخلق وبين البرية مع انهما ـ كما قلنا ـ يستخدمان بمعنى واحد لكن ثمة فوارق بينهما فما هي هذه الفوارق؟ البرية كما تشير كتب اللغة اصلها من برأ أي خلق ولكن من جانب آخر تشير كتب اللغة الى انها من مادة "الراب"، وهذا يعني ان البرية اصلها من التراب، وهو ما ينطبق على البشر ... وهذا على العكس من كلمة الخلق حيث ان الموجودات جميعاً هي "مخلوقاته" أي خلق الله تعالى.
اذن الخلق هو اعم من البشر وسواه، ولكن البرية تنسحب على البشر فحسب. والسؤال ما هي النكتة الكامنة وراء ذلك؟
قبل ان نجيبك عن السؤال المتقدم نلفت نظرك الى العبارة الاخرى التي اشرنا اليها وهي ان الدعاء ذكر اولاً ان الله تعالى "ستر" الامام وذكر ثانياً انه(ع) غاب، وهذا يعني ان الستر له معنى يختلف عن الغياب، وهنا ايضاً تكمن نكات يجدر بنا معرفتها...
فبالنسبة الى الستر والغياب يمكننا ان نذهب الى ان الستر هو مطلق الغياب الذي لا ظهور بعده، لان الستار هو وضع حجاب للشيء وهذا بعكس الغياب الذي يعني انه اختفاء موقت يتحقق بعده الظهور كالشمس مثلاً غابت فان ظهورها متحقق في اليوم التالي.
من هنا نجد ان الدعاء قد عبر عن عدم ظهور الامام بالنسبة الى مطلق الخلق بانه مستور عنهم، ولكن بالنسبة الى البشر فقد عبر عن ذلك بانه(ع) غاب عنهم فقال (وبأذنك غاب عن بريتك)، بينما في الحالة الاولى قال سترته عن خلقك.
اذن امكننا ان نتبين بوضوح بعض الاسرار الكامنة في هذا الدعاء من حيث دقة الدلالات وطرافتها حيث ان قارئ الدعاء من حقه ان يدقق في امثلة هذه المعاني حتى يثري ذهنه بالمعلومات العقائدية ومن ثم يرتب اثراً عليها بصفة ان دقائق معرفة غياب الامام(ع) وظهوره يدفع الشخصية الى ترتيب أثر على ذلك من حيث وظيفته في عصر الغيبة، وتطلعه الى الظهور والمشاركة او الخدمة في موكب الامام الاصلح(ع) والأهم من ذلك هو ان تدرب الشخصية ذاتها على ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة