البث المباشر

شرح فقرة: يا مرتب، يا مخوف، يا محذر، يا مذكر

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 15:02 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا مرتب، يا مخوف، يا محذر، يا مذكر " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها: دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: "يا مرتب، يا مخوف، يا محذر، يا مذكر... الخ..." والآن مع هذه المفردات من الصفات، ونبدأ بالاولى منها، وهي "يا مرتب" ... فماذا نستلهم منها؟

*******


لغوياً: الترتيب هو التنظيم للشيء او الاشياء وفق نسق يفضي الى تحقيق هدف ما، يستوي من ذلك ان يكون الهدف مادياً او معنوياً،.. والمهم هو: ترتيب الامور بالنحو الذي تحقق فائدة جمالية او دلالية.. ومما لا ترديد فيه ان الله تعالى "رتبٌ" الظواهر الكونية في شتى جزئياتها وكلياتها وفق تنظيم محكم، بحيث اذا زاد او نقص او دخل فيها ادنى تغيير: تخلخل النظام الكوني: كما هو واضح... والمهم: ان قارئ الدعاء وهو يستعرض، اسماء الله تعالى أو لنقل: صفات الله تعالى او عظمة الله تعالى او عطاء الله تعالى الخ، انما يتداعى بذهنه من خلال عبارة "يا مرتب" الى عظمته تعالى في الابداع، والخير... الخ...

*******


بعد ذلك تواجهنا عبارة "يا مخوف" ثم "يا محذر" والحق ان هاتين العبارتين متجانستان في دلالتهما، لان "التخويف" هو: أن يلفت نظرك الى العقاب من خلال الاشارة الى الوقوع فيه متمثلاً في شدائد الحياة او الآخرة،.. واما "لتحذير" فهو: تلويح من امكانية الوقوع في العقاب المذكور،... وكلنا يعرف بان التعديل للسلوك السلبي عند الانسان انما يتم من خلال العقاب او الثواب أو كليهما، حيث أوضح في عبارة متقدمة حدثناك عنها في لقاء سابق، وهي "يا مرغب" : اي الاشارة الى "الثواب" ،... اما الآن فقد استخدم الاشارة الى العقاب متمثلة في مفردة "يا مخوف" ومفردة "يا محذر" ثم مفردة "يا مذكر" ... وهي مفردات تبدأ من الأشد الى الأخف، اي تبدأ من الاشارة الى العقاب الأشد درجة ألا وهو: التخويف بدخول النار مثلاً ـ اعاذنا الله منها ـ ثم بالأخف وهو "التحذير" ثم بالأخف وهو التذكير... والسؤال الدلالي هو: ماذا يستخلص قارئ الدعاء من هذا التسلسل في ذكر العبارات المشيرة الى "العقاب" اي: عبارة "التخويف" "التحذير" ثم "التذكير" ؟ هذا مانبدأ بتوضيحه؟...

*******


قارئ الدعاء قد يتساءل: ان ما يتوقع هو: البدء بما هو اخف كالتذكير "فان الذكرى تنفع المؤمنين" ثم التحذير حيث ان من حذرك يعني: الفت نظرك الى الاحتياط في العمل، ثم التخويف، وهو الوقوع بالعذاب النازل، ولكن الدعاء فعل العكس.. فما هو السر؟ الجواب: في تصورنا، ان كل شيء اما ان يبدأ من المجمل الى المفصل، او من المفصل الى المجمل، او من الكل الى الجزء أو من الجزء الى الكل بحسب ما يتطلبه الموقف،.. فهنا: عرض مقطع الدعاء ما هو الاشد ثم الأخف حتى يجعل القارئ على استعداد لتعديل سلوكه من خلال فسح الأمل لديه بالحصول على الثواب بعد ان لوح له بالشديد من العقاب...

*******


ختاما: نسأله تعالى ان يوفقنا الى مرضاته، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب...

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة