البث المباشر

شرح فقرة: يا مكون كل شيء ومحوّله

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 14:50 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا مكون كل شيء ومحوّله " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي يختم بهذه الفقرات الثلاث: (يا مكون كل شيء ومحوله، يا محيي كل شيء ومميته، يا خالق كل شيء ووارثه). هذه الفقرات الثلاث تتحدث عن موضوعات متجانسة: اتساقاً مع ما سبقتها من الفقرات التي تقابل بين شيئين، المهم، نبدأ الآن نحدثك اولاً عن عبارة (يا مكون كل شيء ومحوله)، فماذا نستلهم؟ التكوين هو: البدأ بالشيء، والتحول هو: الانتقال من الشيء الي شيء آخر، اذن: التقابل بين التكوين والتحول هو: تعبير عن احد مظاهر عظمة الله تعالي، فمثلاً: الحالة البشرية بنحو عام هي: مجموعة صفات أو طباع أو امزجة أو اوضاع تتصل بما هو نفسي أو عقلي أو جسمي أو مادي، وهذا هو (التكوين)، ولكن الله تعالي (يحول) الحال الي نمط آخر: بحسب متطلبات الحكمة،.. وقد ورد في احد الادعية: (يا محول الحول والاحوال، حول حالنا الي أحسن حال) وهذا يعني ان التكوين والتحول في الحالة البشرية او حتي في الحالة الكونية بشكل عام: خاضع لارادته تعالي في تكييف الامور بحسب متطلبات الحكمة، وبالنسبة الي قارئ الدعاء لابد وان يتداعي بذهنه من مصطلح (التحول) الي (احسن حال)، وهذا ما نتوسل به الي الله تعالي في تحققه ان شاء الله تعالي. بعد ذلك نواجه عبارة (يا محيي كل شيء ومميته)، فماذا نستلهم؟ الاحياء والاماتة من الظواهر المعبرة عن عظمته تعالي حتي ان سورة البقرة مثلاً تظل في أحد محاورها متناولة ظاهرة الاماتة والاحياء، فمثلاً: في قصة ابراهيم (عليه السلام) مع الطيور الاربعة، تتناول اماتة الطيور واحيائها، وفي قصة المار والمتسائل عن بعض القري: امات الله تعالي هذا الشخص ۱۰۰ سنة ثم أحياه، وفي قصة المجموعة البشرية التي قال لها تعالي: مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ. اولئك جميعاً تجسد قصصاً معبرة عن ظاهرة (الاماتة والاحياء)، بصفتهما من مظاهر عظمته، وهو مما يتداعي بذهن قارئ الدعاء الي موت الانسان واحيائه: وصلة ذلك بوظيفته العبادية وما يترتب عليها من الجزاء: كما هو واضح. بعد ذلك يختم مقطع الدعاء بعبارة (يا خالق كل شيء ووارثه)، وهي عبارة تتطلب شيئاً من الايضاح: بخاصة انها قد تتماثل مع عبارة (يا مكون كل شيء ومحوله). فما هو الفارق بينهما مثلاً، وما هي النكات الكامنة وراء ذلك؟ من البين ان الفارق بين عبارة(يا خالق) وعبارة (يا مكون) هو: ان الخلق هو الابداع للشيء بعد عدمه، اي: بداية الشيء، اما التكوين فهو مرحلة تالية: كخلق الطفل مثلاً، ثم تكوينه من حيث مراحل نموه مثلاً، ومن ثم: من حيث الانتهاء من ذلك الي تحوله من حال الي حال، وبهذا نتبين الفارق بين (خلق) الشيء في عبارة (يا خالق كل شيء) وعبارة (يا مكون كل شيء) واما الفارق بين (محول) الشيء وبين (وارث الشيء) فواضح، حيث ان (التحول) كما قلنا: هو الانتقال من حالة الي اخري، اما (الوارث) فتعني: ان الله تعالي يرجع اليه الشيء بعد فنائه، وانه تعالي: الباقي بعد فناء الشيء، حيث يرتد بعد فنائه: سواء اكان الشيء مادياً او بشرياً. اذن امكننا ان نتبين جملة من الفوارق بين العبارات المتقدمة، ومن ثم: استخلاص عظمة الله تعالي في ابداعه وتكوينه للوجود سائلين الله تعالي ان يوفقنا الي ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الي النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة