البث المباشر

شرح فقرة: يا رب كل شيء وصانعه

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 14:40 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا رب كل شيء وصانعه " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها: دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا ربّ كل شيء، وصانعه، يا باريء كلّ شيء وخالقه، . . .). هاتان العبارتان متجانستان في دلالتهما المشيرة الي الله تعالي من حيث انه الربّ والصانع، اي: المبدع وما خلق، كما ان الفقرة الثانية ايضاً تتضمن مصطلحين متجانسين هما: الباريء والخالق. 
حيث يشيران الي ابداعه تعالي للخلق، اذن نحن الآن امام اربعة مصطلحات او مظاهر من عظمة الله تعالي، حيث قد يخيّل للبعض انها ذات دلالة واحدة كالخالق والرب والبارئ والصانع ولكنها - كما سنري - متفاوتة الدلالة والآن لنعرض الي دلالة كلّ من المصطلحات الأربعة. 
المصطلح الاول هو (الربّ)، والربّ يطلق علي ماله صلة بالتدبير والتربية ونحوهما، ولذلك نجد في سورة الناس مثلاً عبارة «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ»، حيث ان الرب غير ما تعنيه دلالة (الإله)، ولها غير ما تعنيه دلالة (الملك)، والامر كذلك، ان عبارة (يا رب كل شيء) تظل متفاوتة عن المصطلحات المذكورة، والسؤال الآن هو: ما هو الفارق بين (الرب) و (الصانع) في عبارة (يا ربّ كلّ شيء وصانعه). 
قلنا الرب هو ما يشير الي عظمته تعالي في ميدان التدبير والتربية ونحو ذلك، اما (الصانع) فتعني ما يصنعه تعالي من الظواهر: كالطبيعة مثلاً وما تفرزه من الزراعة، أو الارض وما تفرزه من المعادن، وهذا يعني: ان الله تعالي هو المدبّر والمدير لكل شيء، وهو الصانع لكل شيء حتي لو كان بالوساطة، كما صنع لنا موارد الطبيعة، وسخرها للانسان يصنع منها ما يحتاج إليه، ويخلق القابلية لدي البشر للصنع من خلال خلقه للعبارة الذهنية وخلقه لادوات الانتاج، وهكذا. 
ونتجه إلي العبارة الاخري وهي: (يا بارئ كلّ شيء وخالقه). فماذا نستلهم من ذلك!! 
ان (الخالق) هو مطلق ابداعه تعالي للمخلوقات، ولكن (البارئ) هو: الابداع من العدم، وقد تسأل وتقول: أذن ما الفارق بينهما مادام كلاهما يعني: عملية الخلق؟
الجواب: هنالك فارق بين ان يخلق تعالي الشيء من العدم، كخلقه السماوات والارض مثلاً، وبين خلقه للشيء في مرحلته الثانية مثلاً، وهذا كما لو قلنا انه تعالي خلق الارض او التراب من العدم، حيث ينسحب عليه مصطلح (بارئ)، ولكنه تعالي خلق الانسان من التراب، بمعني انه تعالي خلق (ليس من العدم) الجنس البشري بل من التراب الذي خلقه من العدم: وهذا من الوضوح بمكان والأهمية المترتبة علي ذلك ان ذهن قارئ الدعاء يتداعي إلي ان كل شيء في الوجود هو من ابداعه تعالي سواءا كان ذلك من العدم اولاً أو من الشيء المخلوق ثانياً.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة