البث المباشر

شرح فقرة: يا من هو خبير بكل شيء

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 12:48 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "يا من هو خبير بكل شيء " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من هو خبير بِكُلِّ شَيْءٍ، يا من وَسِعَتْ رحمته كُلَّ شَيْءٍ)، بهاتين العبارتين يختم مقطع الدعاء، وهما امتداد للعبارات السابقة المتجانسة فيما بينها من حيث المحور الذي تدور عليه وهو (الشيء) او «كُلَّ شَيْءٍ»، حيث نجدان «كُلَّ شَيْءٍ» هو التعبير عن المطلق، سواء كان الشيء مادياً او دلالياً، ويعيننا الآن ان نحدثك عن هاتين العبارتين، حيث نجدهما متجانستين مع ان احداهما تتحدث عن انه تعالي (خبير بِكُلِّ شَيْءٍ)، والاخري بأنّ الرحمة منه تسع كُلَّ شَيْءٍ، ولكن - كما قلنا - هاتان العبارتان متجانستان كل التجانس علي نحو ما نبدأ بتوضيحه الآن. من البين ان الخبرة بِكُلِّ شَيْءٍ او العلم بِكُلِّ شَيْءٍ، تعني: البعد المعنوي بالنسبة الي التجربة البشرية، اما الرحمة فتعني: البعد الاخلاقي او الانساني او الخير في الشخصية البشرية وغيرها ولكن اذا دققنا، النظر في التجربة البشرية نجد ان العلم قد ينفصل عن الرحمة، حيث نعرف الكثير ممن يحمل علماً ولكنه لا يعمل به، أو لا يعمل به في نطاق ما هو خير او رحمة او انسانية. وهذا بالنسبة الي التجربة البشرية يشكل انتكاسة دون ادني شك، ولعل التطور المعرفي المعاصر يفسّر لنا كيف انه قد انفصل عن بعده الانساني، بل نجد ان، الشرّ والعدوان والانحراف، هي المسيطرة علي العالم المعاصر، والمتقدم معرفياً ولكن الأمر بالنسبة الي الله تعالي يظل شيئاً آخر هو: ما يستهدف الدعاء توصيله الينا حتي تتعمق معرفتنا بعظمة الله تعالي ورحمته اللتين لا حدود لهما. كيف ذلك؟ لقد جاءت العبارة الختامية لمقطع الدعاء متوجة بعبارة (يا من رحمته وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) وهي مسبوقة بعبارة (يا من هو بِكُلِّ شَيْءٍ خبير) مما يعني: انه تعالي في الوقت الذي يخبر كُلَّ شَيْءٍ، فان الخبرة مقرونة بالرحمة لكُلَّ شَيْءٍ، فــكُلَّ شَيْءٍ هو: خبرة، وايضاً هو رحمة، وهذا تعبير - كما قلنا - عن عظمة المعرفة وعظمة الرحمة وعدم انفصالها، ليس هذا فحسب، بل جاءت العبارة الختامية (يا من رحمته وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)خاتمه لجميع العبارات السابقة التي اشارت الي انه تعالي يكفي من كُلَّ شَيْءٍ، وقائم علي كُلَّ شَيْءٍ، ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، مما يعني: ان كُلَّ شَيْءٍ مقرون بالرحمة وليس (كالتجربة البشرية وسواها): كما اوضحنا. بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً من الدعاء، يبدأ علي النحو الآتي: (اللهم اني اسألك باسمك يا مكرم، يا مطعم، يا منعم، ...)، هنا قبل ان نحدثك عن هذه المظاهر وما بعدها، نلفت نظرك الي استهلال هذا المقطع بعبارة (يا مكرم)، واختتام المقطع الذي سبقه بـ (يا من رحمته وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، اي: ان المقطع السابق تحدث عن الظواهر المتنوعة وختمها بالرحمة، اما المقطع الحالي فقد صيغ علي عكس سابقه، اي: بدأ بما هو عام ثم بما هو مصاديق له أو مجانسة وهي عبارة (يا مكرم)، فالمكرم تعني ان الله تعالي يكرم عبده، ان يتفضل عليه بالرحمة، بالتنعم، بالاشباع لحاجاته الخ، ثم تأتي مصاديق متنوعة للاكرام، منها: العبارة الثانية القائلة: (يا مطعم) ثم عبارة (يا معطي)، وهما عبارتان متجانستان: كما سنري ذلك (في لقاء لاحق ان شاء الله تعالي).

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة