البث المباشر

شرح فقرة: يا كافياً من كل شيء

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 11:41 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا كافياً من كل شيء " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الجديدة حيث يبدأ علي هذا النحو: (يا كافياً من كُلَّ شَيْءٍ، يا قائماً علي كُلَّ شَيْءٍ، يا من لا يشبهه شيء، يا من لا يزيد في ملكه شيء، ...). ونقف عند العبارة الاولي وهي: (يا كافياً من كُلَّ شَيْءٍ). 
من الأَسْمَاء الْحُسْنَى لله تعالي مصطلح (الكافي)، وهذا المصطلح يعني: ان الله تعالي يكفي عبده كل ما يحتاج إليه علي شتي المستويات: بخاصة اذا اقترن ذلك بثقة عبده، حيث توكل علي الله تعالي، وقد ورد في شرح هذه الصفة ان مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، بمعني (يكفيه)، وهو تناص - اذا صح التعبير - عن ذلك، اي: ان عبارة (يا كافياً من كُلَّ شَيْءٍ) تظل اقتباساً او تضميناً للآية الكريمة: «مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ». 
فتكون عبارة «حَسْبُهُ» بمعني (كفايته)، وهذا هو قمة ما يتعين علي العبد ان يعيه ويعمل بموجبه، وهو: التوكل التام، على الله تعالي. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا قائماً علي كُلَّ شَيْءٍ). فماذا نستلهم منها؟ 
هذه العبارة بدورها (تناص) آخر، اي التضمين للآية الكريمة «اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ»، ان «الْقَيُّومُ» هو: صيغة مبالغة لصيغة (القائم): كما هو واضح، وتعني: ان الله تعالي قائم علي كُلَّ شَيْءٍ، كما هو نص عبارة الدعاء، اي: يرعي كُلَّ شَيْءٍ من حيث حفظه واصلاحه وتدبيره: كما ورد في شرح هذه الصفة لدي المعنيين بشؤون الأدعية. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من لا يشبهه شيء). فماذا نستلهم منها؟
ان كلمة (الشيء) تظل هي المحور الذي يدور المقطع من الدعاء عليه، سواء كان (الشيء) المشار اليه: كلياً مثل القائم علي كُلَّ شَيْءٍ والكافي من كُلَّ شَيْءٍ أو مجرداً مثل العبارة التي نحن نتحدث عنها وهي (يا من لا يشبهه شيء) وما يليها مثل عبارة (يا من لا يزيد في ملكه شيء). 
فالمهم هو: صفة (التفرّد) لله تعالي، حيث نجد ان عبارة (يا من لا يشبهه شيء)، تعني: تفرده في فاعليته المطلقة، وكذلك عبارة(يا من لا يزيد في ملكه شيء)، حيث تعني: تفرده في مالكيته: بحيث لا يزيد ايّ شيء في انسحاب صفة التفرد في الملكية المذكورة، والنكتة في هذه العبارة هي: ان مالكيته تعالي في الدنيا والآخرة تظل هي التعبير عن فاعليته المطلقة التي يتفرد بها بحيث يتعين علينا الّا نعتمد احداً غيره تعالي في التوكل والرعاية ونحوهما مما لا حظناه في مقطع الدعاء، حيث توّج بعبارة او بدلالة تفرده في مالكية كُلَّ شَيْءٍ، بعد ذلك نواجه عبارة (يا من لا يخفي عليه شيء). فماذا نستلهم منها؟
من البيّن، ان العبارة (لا يخفي عليه شيء) تعني: العلم المطلق، ولكن النكتة هي: ان مقطع الدعاء مادام قد تمحور حول دلالة (الشيء)، حينئذ فان كُلَّ شَيْءٍ سوف يظل هوالدلالة التي يعني المقطع بابرازها، وعدم خفاء ايّ شيء علي الله تعالي يقتادنا تصورها الي ان ما نمارسه من السلوك حتي لو كان في نطاق الخاطرة مثلاً فان الله تعالي لا يخفي عليه ذلك. 
والافادة التي يتعين علينا ان نتوفر عليها هي: ان نعدلّ سلوكنا العبادي ونخلص في التوكل علي الله تعالي، وفي جعل النيّة لدينا تتسم بالاخلاص لله تعالي حتي في نطاق الخاطرة فضلاً عن العمل، بمعني: ان خاطرة السوء مثلاً تعكس اثرها علي السلوك كما يترك الدخان اثره المشوه علي تزويق الجدار، وهو تشبيه ورد في النصوص الشرعية في غمرة لفت نظرنا الي ان التفكير بالسوء له اثره في تشويه السلوك العبادي فضلاً عن العمل به. 
اذن امكننا ان نستخلص جملة دلالات عبادية من العبارات الواردة في مقطع الدعاء، سائلين الله تعالي ان يرعانا ويكفينا من كُلَّ شَيْءٍ، ويوفقنا الي ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الي النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة