البث المباشر

شرح فقرة: يا معين الضعفاء، يا صاحب الغرباء

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 11:14 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا معين الضعفاء، يا صاحب الغرباء " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي بدأ بهذا النحو: (يا معين الضعفاء، يا صاحب الغرباء، يا ناصر الاولياء، ...).
نحن الآن أمام ثلاثة انماط من عباد الله تعالي الضعفاء، والغرباء، والاولياء، وقد رسمهم مقطع الدعاء بسمات تتناسب ونمط شخصياتهم حيث خلع صفة (معين) علي الضعفاء، اي: ان الله تعالي معين الضعفاء، وخلع صفة (صاحب) علي الغرباء، اي: انه تعالي صاحب لهم، بينما خلع صفة (ناصر) علي الاولياء، اي: انه تعالي ناصر لأوليائه.
والسؤال المهم هو: ما هي النكات الدلالية الكامنة وراء هذه الاوصاف وصلتها بنمط الشخصيات المشار اليها؟ 
ان اهمية الأدعية وهي صادرة عن المعصومين (عليهم السلام)، تتميز بكونها تتسم بما هو عميق، وطريف، ودقيق الي درجة ملحوظة لا تتوفر الا عند المعصوم (عليه السلام) وليس البشر العادي، المهم نبدأ نتسائل اولاً عن الصلة بين (المعين) و (الضعيف)، فماذا نستلهم؟
واضح أن (الضعيف) هو: محتاج بالضرورة الي القوي حتي يجبر ضعفه، والقوي هنا يعني: انه يقدم اعانة او مساعدة للضعيف، وهذا ما ينسحب علي فقرة الدعاء القائلة: (يا معين الضعفاء)، بينما نجد عبارة (يا صاحب الغرباء) تتجه الي تقديم كلمة او سمة (الصاحب) وليس (المعين) علي الغرباء. 
لذلك نتسائل قائلين: الغريب بدوره يحتاج الي مساعدة، فلماذا لم يقل النص: يا معين الغرباء مثلاً؟ 
هنا تكمن الطرافة والدقة والعمق في العبارة فماذا نستلهم او نستكشف من ذلك؟
من البين، ان (الغريب) هو من لا يعرف أحداً في محيطه الذي يحياه: كالمسافر مثلاًً الي بلد لا يعرف احداً فيه. من هنا، يحتاجالغريب الي من (يصاحبه) حتي يطرد وحشة الغربة عنه، بينما (الضعيف) قد يكون له اصحاب كثيرون، ولكنه لا يحتاجهم للصحبة بل للاعانة، لذلك فان صفة (المعين) تتناسب مع (الضعيف) وصفة (الصاحب) تتناسب مع (الغريب) بالنحو الذي او ضحناه. 
اما الآن فنتجه الي العبارة الثالثة، وهي: (يا ناصر الاولياء). فماذا نستلهم منها؟
الولي هو من يوالي الله تعالي، ويحبه، ويتجه اليه، وهو يحتاج بالمقابل الي النصرة علي اعداء الله تعالي، بصفة ان العدو يقف علي الضد من الولي: كما هو واضح. 
الا ان النكتة الاوسع دلالة هي: ان الولي من حيث كونه لا يوالي الا الله تعالي، حينئذ فان الله تعالي (ينصره) في الحالات جميعاً، سواء اكانت (النصرة) في ميدان عدو أو ميادين اخري: يحتاج الشخص من خلالها الي نصرة الله تعالي اياه قبالة المرض أو الفقر أو المشكلات الفردية او الاجتماعية التي يحياها الولي لله تعالي. لذلك، فان صفة (ناصر) تعني هنا: النصرة او الفوز علي الشدة التي يعاني منها الولي، بصفة ان الشدة المتمثلة في وجود عدو، أو مشكلة لا تفتقر الي وجود الصاحب او المعين، بقدر ما تحتاج الي المنتصر عليها حتي يزيلها عن الولي، وهذا ما يوضح لنا دلالة عبارة (ناصر) وهو الله تعالي – لوليه، بينما لاحظنا ان (المعين)- وهو الله تعالي للضعيف يتجانس مع سمة الضعف، وعبارة (الصاحب) تتجانس مع الغريب المحتاج الي صاحب في غربته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة