البث المباشر

شرح فقرة: يا من لا يقلب القلوب الا هو

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 11:02 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من لا يقلب القلوب الا هو " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الان عن أحد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من لا يقلب القلوب الا هو، يا من لا يُدَبِّرُ الأَمْرَ الا هو، يا من لا يُنَزِّلُ الْغَيْثَ الا هو، يا من لا يَبْسُطُ الرِّزْقَ الا هو، يا من لا يحيي الموتي الا هو) ونبدأ بالقاء الانارة علي عبارة (يا من لا يقلب القلوب الا هو). فماذا نستلهم منها؟ 
لقد وردت مفردة او عبارة او فقرة (القلوب) في سياق (تقلبها) من حال الي حال، وهي عبارات (تناص) بالنسبة الي استخدام الدعاء حيث وردت في النص القرآني الكريم، كما وردت في الاحاديث وفي الادعية الاخري، ومن ذلك العبارة المألوفة في الدعاء (يا مقلب القلوب والابصار، يا محول الحول والاحوال، ...)، كما وردت العبارة في سياقين، احدهما: التقلب ايجابياً: كالنص المتقدم او سلبياً مثل قوله تعالي في سورة النور «يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ»، حيث ورد تفسيرها بان هول القيامة يجعل القلوب متقلبة نفسياً وعضوياً كلفحها بالنار مثلاً (اعاذنا الله تعالي من ذلك) اي نضجها الي حرقها او التقلب بين الطمع في النجاة أو الخوف من الهلاك، أما ايجابياً فيتمثل التقلب مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، من الشك الي اليقين، ومن البين ان عبارات المقطع في غالبيتها تتحدث عن عطاء الله تعالي وابداعه مثل: غفرانه للذنب، انزاله للغيث بسطه للرزق أتمامه للنعمة، لذلك فان القارئ للدعاء يتداعي بذهنه الي انه تعالي يقلب القلوب مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وهذا هو اكبر عطاءاته تعالي، فيما نسأله ان يوفقنا الي ذلك. 
بعد ذلك تواجهنا عبارة (يا من لا يُدَبِّرُ الأَمْرَ الا هو)، فماذا نستخلص منها؟ 
قلنا ان مقطع الدعاء ينحصر في فقراته في ظاهرتي العطاء والابداع، حيث ورد فيه (يا من لا يخلق الْخَلْقَ الا هو)، وورد (يا من لا يحيي الموتي الا هو) وورد (يا من لا يُدَبِّرُ الأَمْرَ الا هو)، حيث ان العبارة الاخيرة تتحدث عن الابداع المطلق وعن العطاء المطلق من الله تعالي، ان التدبير هو: ادارة الوجود في مختلف مجالاته، وهو أمر لا يحتاج الي توضيح، ان الله تعالي هو «رَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ»، انه تعالي معبودهم، والْمُهَيْمِنُ عليهم، والمربي لهم، انه (المدبر) للامر كله: ابداعاً وعطاءاً منه تعالي. 
بعد ذلك نواجه عبارة هي من مصاديق عطائه تعالي غير تدبيره للامر، الا وهي (يا من لا يُنَزِّلُ الْغَيْثَ الا هو) ان الْغَيْثَ هو«الْمَاء» وهو ما جعل الله تعالي منه كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ، انه يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مجريً في الارض، وتغذية للنبات، وتطهيراً للابدان ولولاه لما امكن ان يستمر الانسان - لا اقل - في تأدية مهمته العبادية التي خلقه تعالي من اجلها. 
بعد ذلك تواجهنا عبارة (يا من لا يَبْسُطُ الرِّزْقَ الا هو). فماذا نستلهم منها؟ لا نحسب ان احداً ينكر عطاء الله تعالي في بسطهالرِّزْقَ وهل يمكننا ان نحيا بدون رزقه تعالي؟ 
ويلاحظ ان النص هنا استخدم عبارة (البسط) مقابل نصوص اخري قد استخدمت (يقدر)، (يقتر) ونحوهما: اتساقاً مع سياق المقطع من الدعاء من حيث الاشارة الي عطائه المطلق حيث ان انزال الْغَيْثَ، وغفران الذنب، وصرف السوء (وهي عبارات المقطع) تتساوق تماماً مع عبارة (بسط الرِّزْقَ) وجعله رزقاً واسعاً: كما هو واضح. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة